أثارت الزيارة التي قام بها السفير أحمد القطان سفير السعودية في مصر إلى البابا شنودة الثالث بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الكثير من الجدل، حيث تعدّ الأولى من نوعها التي يقوم بها مسؤول دبلوماسي ينتمي إلى الخارجية السعودية إلى مقر الكنيسة المرقسية في مصر.
السفير السعودي في القاهرة احمد القطان |
القاهرة: جاءت زيارة السفير أحمد القطان سفير السعودية في مصر للبابا شنودة الثالث في توقيت حساس تمر به علاقة السعودية والكنيسة، حيث تزايدت في الفترة الأخيرة المظاهرات التي نظمها الكثير من النشطاء المسيحيين أمام السفارة السعودية في القاهرة وفي عدد من العواصم الأوروبية مطالبين بوقف الدعم الوهابي للسلفيين في مصر الذين يطالبون - على حد زعمهم - بطردهم من البلاد.
السفير أحمد القطان يواجه يومياً سيلاً من الإتهامات الموجهة للسعودية منذ أن عيّن في مصر بعد ثورة 25 يناير التي كانت هي الأخرى سبباً في الإطاحة بالسفير السابق.
أحد أبرز الإتهامات التي يعمل القطان يومياً على معالجتها هي الإرتباط القائم بين الحركة السلفية في مصر وشائعات تلقيها الدعم من السعودية والسعوديين، خاصة من جانب بعض النشطاء الليبراليين الذين يشيرون إلى مواصلة السلفيين تجاهل المسيحيين وخروج خطابات تسعى إلى تحجيم دورهم السياسي، بل وإلزامهم بدفع الجزية أو طردهم من مصر، كل هذا كان سبباً في زيادة الضغط على السفارة السعودية والسفير، الذي رأى أن أفضل الحلول تأتي من خلال المواجهة المباشرة مع أطراف الأزمة.
السفير قام بزيارة إلى البابا شنودة في مقر الكنسية، وهي المرة الأولى التي يقوم فيها مسؤول سعودي رفيع المستوى بزيارة إلى الكنيسة القبطية في مصر، ليس هذا فحسب، بل إن السفير القطان قضى ساعتين في ضيافة البابا، حيث ناقش معه العديد من القضايا، وتبادل معه الكثير من الأمور التي لم يكن يناقشها أحد من قبل بطريقة مباشرة، بل كانت تناقش عبر القنوات الدبلوماسية، خاصة مشاكل بعض المسيحيين العاملين في المملكة.
مصادر في الكنيسة المصرية أشارت إلى أن القطان نقل للبابا تحيات وتقدير خادم الحرمين الشريفين وسؤاله عن صحته وبرنامجه العلاجي الذي يقوم به حالياً، كما بين السفير في تصريحات صحافية بعد الزيارة أنه شعر بسعادة بالغة لزيارته قداسة البابا، مشيراً أنه وجد من قداسته كل ترحيب وحب لخادم الحرمين الشريفين والشعب السعودي، كما إن البابا شنودة شخصية يعتز بها جميع العرب لكونه شخصية روحية وسياسية تتميز بالحكمة والحب والسلام والإنسانية.
القطان بيّن أنه تناقش مع البابا في كثير من المسائل التي تخص منطقة الشرق الأوسط، كما أكد له اعتزاز المملكة وخادم الحرمين الشريفين بالاقباط وتوطيد العلاقة بين المسلمين والمسيحيين والشعبين السعودي والمصري، مبدياً رغبة السفارة السعودية في القاهرة في تطوير هذه الزيارات في المستقبل القريب العاجل.
السفير السعودي (وبحسب المصادر الصحافية في الكنيسة التي حضرت اللقاء) أكد للبابا ما سبق نفيه رسمياً عن عدم صحة ما يردده البعض عبر وسائل الإعلام من قيام السعودية بتقديم دعم مالي ولوجيستي للسلفيين أو أي تيار إسلامي في مصر، ولا صحة لرغبة المملكة في نشر الفكر الوهابي وأن ما يثار في هذا الشأن غرضه إلحاق الأذى بالعلاقات بين الشعبين المصري والسعودي بالدرجة الأولى.
مؤكداً له أن أي دعم تقدمه المملكة لمصر يتم عبر القنوات الشرعية ومن خلال أجهزة الدولة الرسمية،مشددًا علىحرص السعودية على استقرار مصر وأمنها وأنها تدعم الشعب المصري وثورته ولا علاقة لها بما يحدث في التظاهرات المصرية من قريب أو بعيد.
الكاتب القبطي quot;صموئيل العشايquot; أشار في تعليقه على الزيارة إلى أنها ليست فقط تاريخية، بل إن المملكة بعثت برسالة قوية اللهجة إلى أبواق الصهاينة وعملائها فى وسائل الاعلام الذين يدعون أن المملكة تغذي الخلايا المتطرفة للاعتداء على الاقباط ومملتكاتهم، من خلال مجموعات متطرفة.
مشيراً إلى أن السفير السعودى لعب ولا يزال يلعب دورًا مهماً من أجل مصلحة المملكة والمصريين المسيحيين، الذين تخصصت في الفترة الاخيرة الآلة الاعلامية الصهيونية لايجاد الفرقة بين العرب وافساد العلاقة بين مصر والسعودية.
مؤكداً أن السفير السعودي قرر أن يغير النهج القديم من العلاقات المقطوعة بين السفارة السعودية والمقر الباباوي، وهي رد على الذين يدعون بأن السعودية تموّل الجماعات السلفية لإرهاب الاقباط وتخويفهم وطردهم من مصر.
زيارة القطان ربما تساهم في تهدئة روع المسيحيين من تخوفهم لزيادة المد السلفي والتيارات المتشددة في مصر وشائعات حصولهم على دعم سعودي... ولكن هل تنجح في إنهاء تلك الشكوك من أذهان المسيحيين المصريين تماماً؟.
التعليقات