أفرجت السلطات الاسكتلندية قبل سنتين تمامًا عن عبد الباسط المقراحي، الليبي المدان بتفجير طائرة laquo;بان آمraquo; الأميركية فوق بلدة لوكربي الاسكتلتدية في 1988، وذلك لأسباب صحية لا تزال تثير الجدل في الغرب عمومًا وبريطانيا خصوصًا.


تفجير لوكربي بدأ فصلاً طويلاً في سجلات الإرهاب

صلاح أحمد: عادت الصحف البريطانية لتناول تفجير الطائرة الأميركية فوق لوكربي الاسكتلندية وإطلاق سراح المدان الوحيد بتلك العملية الإرهابية الرئيسة، الليبي عبد الباسط المقراحي في 20 أغسطس / اب 2009.

وخصصت laquo;تايمزraquo; افتتاحية بعنوان laquo;مراوغة الرصاصةraquo; جاء فيها أنه ضمن العتمة الحزينة التي تكتنف كل ما يتعلق بحادث لوكربي، فإن ثمة أشياء ndash; من بينها أنباء طيبة - تطفو الى السطح. فهذا السبت 20 من الشهر الحالي يصادف الذكرى الثانية للإفراج عن عبد الباسط المقراحي من سجنه الاسكتلندي لأسباب صحية، وبالتالي إنسانية بحت.

وقد جاء قرار إطلاق سراحه بعدما قرر الطبيب أنه مصاب بالمراحل المتأخرة من سرطان البروستاتا، وأن هذا سيودي بحياته في غضون ما لا يزيد عن ثلاثة أشهر. كان ذلك ما قاله الطبيب وقتها. والآن وقد مرّت سنتان على موعد الإفراج عن المقراحي، فإن النبأ السار هو أنه لا يزال على قيد الحياة. من يصدق؟.

لقد عاش المقراحي حتى الآن زمنًا يبلغ ثمانية أضعاف ذلك الذي تنبأ له به الطب. وربما كان هذا بسبب التقدم المدهش في العقاقير المضادة للأورام الخبيثة.. وربما كان مرده الى عامل نفسي يتعلق بخروجه من غياهب سجن اسكتلندي وعودته الى العيش في وطنه وكنف أهله وأصدقائه ومعارفه.

وسيذكر البريطانيون في هذا الصدد أن روني بيغز، أحد لصوص سرقة القطار الكبرى، أفرج عنه في اغسطس / اب 2009 لدواع إنسانية تتعلق أيضا بتدهور حالته الصحية، الى حد أن أسرته كانت تتوقع وفاته في أي لحظة وقتها. ولكن لحسن الحظ فإن بيغز، مثلما هو الحال مع المقراحي، يعيش بيننا حتى اليوم.

استقبال الأبطال للمقراحي في بلاده

لا شك في أن أصحاب نظرية المؤامرة سيخرجون بألف تفسير للقرار الاسكتلندي، وأن المنتقدين سيقولون إنه في حالة المقراحي فربما كان حريًا بالحكومة الاسكتلندية ألا تأخذ برأي طبيب لا يقتصر تخصصه على سرطان البروستاتا.

وسيقول هؤلاء واولئك إن الإفراج عنه ربما كان أشد ما يناسب الحكومة الاسكتلندية لأنه يسدل الستار على سلسلة استئنافات تقدم بها المقراحي ويعتقد الكثيرون أنها صلبة في وجه إدانة مشكوك في صلابتها هي نفسها. وسيصل آخرون الى حد القول إن المسألة برمتها صفقة قصد منها تحسين العلاقات البريطانية ndash; الليبية لأغراض تجارية بحت.

لكن، في حال كان هذا المعسكر الأخير على حق، وأن الأمر كله كان لمصالح تجارية، ألا يجعل هذا من ساستنا وجهًا آخر لنوع الساسة الذين نحب اتهامهم بالافتقار الى الذمّة النقية؟ ربما كان من الأفضل لنا، في نهاية المطاف، الاحتفال بطول عمر المقراحي.. وكفى.