تحاول السلطات المغربية تنظيم مجال الفتوى بعد أن احتدم الجدل بين المطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية، وأنصار التيار الليبرالي.


الدار البيضاء: تتسبب الفتاوى في إثارة نقاشات حادة، خاصة عندما تمتد لتفصل إلى القضايا الخلافية، التي يكون اصدار فتوى بشأنها متعارضا مع القانون السائد.

وفي المغرب، من بين أشهر الفتاوى تحريم التسوق من المتاجر الكبرى التي تبيع الخمور، وفتوى تجيز نكاح الفتيات في سن 9 سنوات، التي رد عليها المجلس الأعلى للإفتاء ببيان يدين زواج القاصرات ويهاجم عبد الرحمن المغراوي، رئيس جمعية الدعوة إلى القران والسنة، ويتهمه بالشغب والتشويش على مذهب وثوابت الأمة.

وعلى هذا الأساس جرى التحرك من أجل تنظيم هذا المجال، بعد أن احتدم الجدل بين المطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية، وبين أنصار التيار الليبرالي الذين يدعون إلى احترام الحريات الفردية.

وقال عبد الباري الزمزمي، أحد أبرز علماء المنهج الوسطي في المغرب العربي، ورئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل، وعضو مؤسس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إنه يصعب السيطرة على هذا المجال، لأن الأمر يتعلق بالعلاقة مع الأفراد، مشيرا إلى أن المجالس العلمية موجودة، لكن قليل من يسألها، لأن المستفتي يطلب إنسانا يقتنع به، وأغلبية الناس لا يقتنعون بالأجوبة المقدمة إليهم.

وذكر عبد الباري الزمزمي، الذي يشغل أيضا منصب عضو مجلس النواب، الفضائيات، التي يجري فيها إصدار فتاوي، بأنها quot;فتنة، لأن الفضائيات مذهبهم مختلف عن مذهب المغربquot;، مبرزا أن quot;هذه الفضائيات بدورها لا سبيل للسيطرة عليها، وأصحابها يقولون أشياء غير مقبولةquot;.

ومن خصائص الفتوى بالمغرب الالتزام بالمذهب المالكي وبالقول الراجح والمشهور في المذهب، وعدم الخروج عنه إلا فيما ندر، وطغيان طابع التقليد في الإفتاء، الذي تجلى في اعتمادهم على كتب الفروع المتأخرة كمختصر خليل ورسالة ابن أبي زيد القيرواني وتحفة ابن عاصم، ولامية الزقاق، والعمل الفاسي، والمرشد المعين، وقلما يلتجئون إلى الاجتهاد.

وشهد عمل العلماء في المملكة تطورا ملموسا في العقد الأخير مع ما عرفه الحقل الديني من إعادة الهيكلة وتوسيع للمجالس العلمية لتواكب توسع المحافظات الإدارية.

كما أن جانب تأطير المواطنين تحسن كثيرا على ما كان في السابق، وأصبحت الدروس كثيرة، وتم ولوج فضاءات جديدة، خصوصا في بعض المجالس العلمية التي تعرف بحيوية رؤسائها وأعضائها ، فخرج التأطير الديني من جدران المساجد إلى دور الشباب والمؤسسات التعليمية وإدارات السجون وغيرها.