بوفاة رئيس مجلس الشورى عبدالعزيز عبد الغني جراء إصابته في حادث جامع الرئاسة، يكون اليمن قد خسر أحد أبرز رجالاته الذين عاصروا جميع رؤساء اليمن الجمهوري منذ ما بعد قيام ثورة سبتمبر على النظام الملكي، حيث تولى الراحل عددًا من الحقائب الوزارية، منها أول حقيبة له في العام 1967 وهي وزارة الصحة.


جثمان رئيس مجلس الشورى اليمنيّ عبدالعزيز عبد الغني لدى وصوله إلى مطار صنعاء قادما من الرياض في موكب رسميّ.

غمدان اليوسفي من تعز: يعد رئيس مجلس الشورى اليمني عبدالعزيز عبد الغني الحاصل على البكالوريوس والماجستير في الاقتصاد من جامعة كولورادو في الولايات المتحدة، أهم رجل رافق الرئيس علي عبدالله صالح منذ توليه الرئاسة في1978، حيث تولى في عهده الكثير من المناصب، منها رئاسة حكومة لمرتين في عهده، وثالثة كانت في عهد الرئيس الحمدي والغشمي.

لم يعلن خلال تاريخه أنه اختلف مع أي من الأطراف، سواء الرؤساء الذين عاصرهم أو مع آخرين، فالرجل يملك من الصبر وطول البال الكثير.

يتحدث البعض عن سلبية عبدالغني لكونه لم يكن رجل مواجهة في أي مراحل حياته، بينما يأخذ عليه محبّو الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي -وهم كثر- أنه الشخص الوحيد الذي يعرف تفاصيل اغتياله في العام1977، ولم يخرج بتلك التفاصيل طوال حياته، وبوفاته يكون الملف على وشك الإغلاق.

كما إن الرجل يعدّ الصندوق الأسود بالنسبة إلى الرئيس علي عبدالله صالح، حيث رافقه في حله وترحاله طوال فترته الرئاسية مع قلة قليلة ممن كان لهم تلك الميزة، وبتلك الطريقة يكون الرئيس صالح قد أمن على أسراره في الوقت الذي فقد فيه أعز أصدقائه، وقد ظهر ذلك من خلال توجيه صالح بالحداد العام 3 أيام وتنكيس الأعلام وبثّ قرآن كريم في كل الإذاعات والقنوات الفضائية الرسمية.

تولى عبدالغني عددًا كبيرًا من المناصب، منها وزير للاقتصاد لمرتين في فترة الستينات والسبعينات بعدما تولى حقيبة وزارة الصحة، كما تقلد منصب رئيس بنك الإنشاء والتعمير، وأيضًا البنك المركزي اليمني.

كما تولى عبدالغني رئاسة الحكومة في فترتي الرئيسين إبراهيم الحمدي وحسين الغشمي، إضافة إلى رئاسة الوزراء لمدة سبع سنوات في الثمانينات حتى تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1990، وقبلها كان نائبًا للرئيس صالح لمدة 3 سنوات في مطلع الثمانينات.

بعد تحقيق الوحدة اليمنية تم اختياره في عضوية مجلس الرئاسة، وبعد حرب الانفصال تم تكليفه رئيسًا لحكومة الائتلاف الثنائي بين حزب الإصلاح المعارض حاليًا والحزب الحاكم حتى انفضت الشراكة في العام 1997. ومنذ ذلك الحين وهو يرأس المجلس الاستشاري، الذي تم تغيير اسمه إلى مجلس الشورى حتى إصابته في تفجير دار الرئاسة في 3 يونيو/ حزيران الماضي.

رئيس مجلس الشورى اليمنيّ الراحل عبدالعزيز عبد الغني

وبوفاة عبد الغني في حادثة دار الرئاسة يكون أكبر شخصية تسقط في ذلك الحادث، فيما لا يزال عدد من الشخصيات في المشافي السعودية، بينها نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن وزير الإدارة المحلية الدكتور رشاد العليمي، إضافة إلى الأمين العام المساعد للحزب الحاكم صادق أمين أبو رأس، ومحافظ صنعاء نعمان دويد وغيرهم، حيث لم يظهر بعضهم على الشاشة حتى اليوم.

ويقول الباحث السياسي عبدالغني الماوري لـ (إيلاف) إن وفاة عبدالعزيز عبدالغني حدث مهم، والخوف والخشية أن يتم استغلال وفاته من قبل النظام لقلب الطاولة على الثورة والثوار.

ويرى الماوري أنه quot;من الناحية العملية لا أستطيع القول إن وفاة عبدالعزيز عبدالغني ستؤثر على بنية النظام لأنه ينتمي إلى رجال التكنوقراط في الدولة اليمنية، وهؤلاء يكونون أشبه بسكرتارية في الدولة بمعنى أنه ليس لهم تأثير كبير في مسار الأحداثquot;.

وأضاف: quot;أعتقد إن القبيلة منذ اغتيال الرئيس الحمدي عادت بقوة إلى المشهد السياسي اليمني، ولم يكن لعبد العزيز عبدالغني وغيره من رجال التكنوقراط القوة والإمكانية لأن يقوموا بتغيير، وحدث منذ اغتيال الحمدي أن صارت الدولة أشبه بكيان بدائي، وبالتالي أصحاب الاختصاصات والشهادات لم تعد لهم أهميةquot;.

حول ما يتعلق بحقيقة اغتيال إبراهيم الحمدي وعلم عبدالغني بذلك، يقول الماوري quot;إن هناك أشخاصًا آخرين على دراية بالتفاصيل ربما أكثر من عبدالغني، ولم يموتوا ومازالوا أحياء، والحقائق ستتضح في ما بعد بغضّ النظر عن وفاة عبدالعزيز عبدالغني، وهو كما يعلم الجميع كان طعمًا لجلب الحمدي إلى المنزل الذي اغتيل فيه، ولم يكن يعلم بمؤامرة اغتيال الحمديquot;.

وأنهى عبد الغني الماوري حديثه بالقول quot;إن مقتل الحمدي فيه شظايا ستلحق بكثير من رموز الدولة وأنا أعتقد أن الفترة المقبلة ستكشف الحقيقة، ينبغي الانتظار قليلاً أفضل من التكهناتquot;.