احتفلت طرابلس ليلة أمس بمرور أسبوع على فرار العقيد معمر القذافي حيث توافد آلاف من سكان العاصمة إلى ميدان الشهداء ndash;الساحة الخضراء سابقا.

جزء من الاحتفالات في ميدان الشهداء

طرابلس: احتفلت طرابلس ليلة أمس بمرور أسبوع على فرار العقيد معمر القذافي. وتوافد آلاف من سكان العاصمة إلى ميدان الشهداء ndash;الساحة الخضراء سابقا- حيث سمعت أصوات إطلاق النار في الهواء ابتهاجا برحيل القذافي. ورقص الأطفال والشبان على إيقاع الأغاني الثورية حتى ساعات متأخرة من الليل. فبعض المتاجر والمقاهي فتحت أبوابها، وشهدت الطرق المؤدية إلى ميدان الشهداء ازدحاما كبيرا لم تعرفه العاصمة منذ بداية الاحتجاجات.

عبر سامي حسن الكزا وهو مواطن ليبي من الزاوية عن فرحته قائلا: لقد جئت اليوم من الزاوية لأشارك أصدقائي فرحتهم، إنه أسعد يوم في حياتي. لم أتوقع أن تأتي لحظة مثل هذه يتحد فيها الشعب الليبي كرجل واحد ليعبر عن فرحته برحيل quot;الطاغيةquot; الذي quot;استعبدناquot; طيلة 42 سنةquot;. مضيفا: quot;نريد أن نطوي صفحة الماضي نهائيا ونخوض في ورشة بناء الوطن ومؤسساته لأننا فقدنا الكثير من الوقت مقارنة بالشعوب العربية الأخرىquot;.

حين يعلو صوت الموسيقى على صوت الرصاص

وبالتزامن مع ذلك، شهدت أحياء كثيرة من العاصمة طرابلس احتفالات مماثلة، إذ رقص سكان حي المنصورة حيث نقيم، طوال الليل وأعدوا الشاي والقهوة. ليلة غير عادية طغى فيها صوت الموسيقى على صوت الرصاص. الأطفال والبنات تجمعوا أمام أبواب المنازل يهتفون للحرية ويسخرون من القذافي ناعتيه quot; ببوشفشوفةquot; نظرا لشعره المتناثر- ومرددين أغاني ثورية تشيد بليبيا الحرة وبشجاعة الثوار.

وتشكلت حلقات من الرجال والشبان أمام المنازل وعلى جوانب شارع النصر للدردشة وبحث مستجدات الوضع الليبي ومصير القذافي وعائلته. فالبعض قال إنه في الجزائر والبعض الآخر في بوركينا فاسو، فيما ذكر آخرون أن سيف الإسلام وعدهم بمفاجأة في أول سبتمبر/أيلول المقبل، من دون الإفصاح عن طبيعة هذه المفاجأة. من جانبه، صرح عادل المجدوب الذي يعمل خطاطا في إدارة المشتريات العسكرية بطرابلس أن ما يريده الشعب هو ليبيا جديدة، يكون فيها الناس متساوون، ولا مكان فيها لفكر يشبه فكر معمر القذافي.

quot;نخشى أن يستولي أقطاب نظام القذافي على الحكم من جديدquot;

ورغم الفرحة، أبدى عادل بعض الخشية تجاه المستقبل. quot;نحن نخاف أن يستولي أقطاب نظام القذافي على الحكم من جديد، خاصة أولئك الذين التحقوا بصفوف الثوار في اللحظة الأخيرة. ينبغي على المجلس الانتقالي أن يعطي المسؤولية لأبناء ليبيا الحقيقيين وليس للموالين للقذافيquot; وأضاف: quot;لا أفكر في الشبان الذين كانوا يساندون القذافي لأنهم سينسونه بمجرد أن يتحسن وضعهم الاجتماعي والاقتصادي. المشكلة تكمن في أولئك الذين استفادوا من النظام وشيدوا القصور وجمعوا الكثير من الأموال. بالطبع هدفهم الوحيد الحفاظ على ممتلكاتهم وثرواتهمquot;.

نفس الشعور نقله عبد السلام فرج الذي جاء مع زوجته إلى طرابلس للتعبير عن فرحتهما.. يقيم عبد السلام في النروج منذ 10 سنوات. عاد إلى بلاده في يناير/كانون الثاني الماضي وتزوج في 17 شباط/فبراير، وهذا اليوم له أهمية كبيرة بالنسبة إليه لأنه يصادف يوم اندلاع laquo;الثورةquot; ضد القذافي.

ورغم حياته المستقرة في النروج، اختار البقاء في بلده الأصلي لمؤازرة إخوانه في محنتهم كما يقول. quot;لقد قررت عدم العودة إلى أوروبا وتقديم ما أملكه من خبرة هنا. ويضيف أكثر من ذلك، أدعو كل الليبيين في الخارج للعودة إلى وطنهم لقد عشت 10 سنوات في نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان، وأنا أتمنى الآن أن تحذو ليبيا الغد حذو النروح، رغم أنني أدرك أن هذا أمر صعب للغاية. لكن المهم هو أن الحلم أصبح ممكنا في ليبيا الجديدة بعدما كان ممنوعا في عصر معمر. وهذا تغيير إيجابي في حد ذاتهquot;.

quot;ادعو كل الليبيين في الخارج إلى العودةquot;

من جهته لم يجد عرفات عمران وهو موظف في الشركة العامة للكهرباء الكلمات المناسبة للتعبير عن سروره بعد سقوط القذافي. وحضر مع ابنه وابنته إلى ميدان الشهداء ليتابع الاحتفالات رغم صوت الرصاص. وبخصوص ليبيا الجديدة، قال عرفات: quot;نريد مسؤولين لم يتورطوا في الفساد، خاصة الليبيين الذين عاشوا في الخارج. نحن في حاجة ماسة إليهم وإلى خبرتهم. عليهم أن يعودوا إلى وطنهم لكي يقدموا لنا يد العون والمساعدة لأن ليبيا الغد تنتظرهمquot;.

واستمرت الاحتفالات والأفراح حتى ساعة السحور حيث تناول الجميع وجبة خفيفة على أرصفة الطرقات. الساعة تشير الآن إلى الرابعة صباحا. الشوارع أصبحت خالية والسيارات قليلة. الثوار وحدهم يسيطرون على نقاط التفتيش في انتظار يوم جديد تسقط فيه سرت وسبها ويحل عيد جديد...