فيما تدرس دوائر الحكم في طهران سيناريوهات عدّة لما سيؤول إليه الوضع في سوريا، التي تشهد احتجاجات متواصلة منذ أشهر، تطالب بالديمقراطية، يقول محللون إنّ أفضل هديّة قد تتلقاها الجمهوريّة الإسلاميّة هي اندلاع حرب أهلية في سوريا.


ملف خاص: سوريا... الثورة

بيروت: مع اشتداد الأحداث في سوريا عنفًا، وتوسع نطاق التظاهرات، بدأت طهران تفقد الأمل في أنّ يتمكن حليفها بشار الأسد من احتواء الوضع في بلاده، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه سابقًا.

في هذا السياق، تناولت صحيفة quot;ذا دبلوماتquot; المكاسب التي ستحققها الجمهورية الإسلامية الإيرانية من اندلاع حرب أهلية في سوريا، مشيرة إلى أن إيران تتمنى حرباً أهليَّة في سوريا لتقويض نفوذ السعودية وأطراف إقليميّة أخرى في المنطقة.

أشارت الصحيفة إلى أنه من الصعب التنبؤ باندلاع الثورات، وربما الأصعب هو التنبؤ بنتائجها. لكن الأمور ستصبح واضحة عندما يسقط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وأضافت: هناك نوعان من السيناريوهات، التي يمكن أن تحدث عند سقوط النظام في أي دولة: الأول يتمثل في توقف القتال وتشكيل هيئة واحدة لتدير شؤون البلاد حتى إجراء الانتخابات. أما السيناريو الثاني فمن الممكن أن يكون الفوضى أو حتى حرباً أهلية.

وفي حال تحقق السيناريو الثاني في سوريا، فمن المتوقع، وفق الصحيفة، أن يكون الصراع بين الطائفة العلوية، وهي الأقلية الحاكمة، والطائفة السنية، التي تضم غالبية السكان.

أما تعامل ايران مع سقوط النظام في سوريا، فيعتمد على حدوث أحد هذين الاحتمالين. إذا انتقلت سوريا إلى النظام الديموقراطي بهدوء وسلاسة، فمن المرجح أن يحاول المرشد الأعلى علي خامنئي إقامة علاقات مع الحكومة السورية الجديدة. ويعتمد نجاح محاولاته على مدى تقبل الحكومة السورية الجديدة واهتمامها بعلاقات جديدة مع طهران.

لكن ماذا لو تحقق السيناريو الثاني، واندلعت حرب أهلية في سوريا، بدلاً من تشكيل حكومة جديدة؟، ففي النهاية، عندما تنهار الديكتاتوريات، يستقبل الشعب الديموقراطية الناشئة بالعنف والفوضى.

من الواضح أن تداعيات وقوع حرب أهلية في سوريا ستطال المنطقة بكاملها، وقد بدأ مسؤولو الحكومة الإيرانية منذ الآن بتحذير المجتمع الدولي من مخاطر هذا السيناريو.

ومن غير الواضح كيف سيكون رد إيران حول احتمال اندلاع حرب أهلية في سوريا، لكنها بالتأكيد لن تقف مكتوفة الأيدي، وقد يكون العكس صحيحاً. وترجّح الصحيفة أن تساند إيران الطائفة العلوية في سوريا، وتقدم لها الدعم المادي والاقتصادي خدمة لمصالحها الخاصة، كما هو الحال مع مجمل التحالفات التي تجريها إيران عمومًا والمبنية بشكل اساسي على خدمة مصالح النظام.

على سبيل المثال، لم تكترث طهران إلى مئات الشيعة الذين يقتلون كل عام في باكستان من قبل متطرفين، لمجرد أنه ليست في مصلحة إيران ان تتواجه مع الحكومة الباكستانية.

إذاً ما هي الاسباب الحقيقة التي ستدفع ايران إلى دعم العلويين في حال نشوب حرب أهلية في سوريا؟، الإجابة هي أن ذلك من شأنه أن يساعد طهران على تقويض أمن إسرائيل، وخصوصًا أن الحرب الأهلية في سوريا يمكن أن تكون كابوسًا بالنسبة إلى إسرائيل، أسوأ حتى من تولّي الاخوان المسلمين زمام السلطة في دمشق.

فإذا استلم الاخوان السلطة في سوريا، سيكون لإسرائيل حجة باتهامهم ومحاسبتهم على الهجمات التي تنطلق من الأراضي السورية. لكن فوضى الحرب الأهلية ستشلّ إسرائيل، وتتركها من دون أحد لتتهمه أو من دون وجود سلطة موحدة تنتقم منها.

وتعتبر ايران ان اندلاع حرب اهلية سورية في مصلحتها، لأنه من شأنه أن يقوّض أيضاً مصالح السعودية في المنطقة. فالمملكة العربية السعودية وإيران في حرب باردة منذ سنوات، وتحديداً منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. وتتنافس إيران والسعودية من أجل السلطة والنفوذ في العراق ولبنان واليمن والبحرين، والآن في سوريا.

وكانت إيران تدعم حكومة الأسد، التي يسيطر عليها العلويون. وفي حالة نشوب حرب أهلية في سوريا، فإن إيران ستستغل هذه الفرصة لتقويض الجماعات السنية كوسيلة للحدّ من النفوذ السنّي في سوريا. فقد سبق لإيران أن خسرت البحرين في تنافسها مع السعودية، ولا تريد أن تخسر جولة جديدة في سوريا.

إلا أن خوض الحرب بالوكالة في سوريا باسم العلويين لا يخلو من المخاطر بالنسبة إلى إيران. فذلك يمكن أن يضع العلاقات بين إيران وحماس تحت ضغط شديد، لأن الغالبية الساحقة من الفلسطينيين يعيشون في سوريا، كما إن حركة حماس نفسها، من المسلمين السنّة.

ويمكن أن يؤثر دعم إيران للعلويين في سوريا على علاقتها بحزب الله، فمن المرجح أن تحتاج إيران مساندة حزب الله في دعم العلويين في حال نشوب حرب أهلية، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على مكانة حزب الله في العالم الإسلامي وشعبيته في المنطقة كقوة مقاومة إسلامية.

في هذا السياق، يمكن أن يؤثر الدعم الايراني للعلويين على علاقة طهران بتركيا، الدولة السنّية التي تعتبر أن الاستقرار في سوريا من أولوياتها. وعلى الرغم من ذلك، من المستبعد ان تثني هذه الأكلاف إيران عن نيتها في دعم العلويين، في حال حانت الفرصة، واندلعت حرباً أهلية في سوريا.

وختمت الصحيفة بالقول: quot;فيما يقوم المتظاهرون بإحراق الأعلام الإيرانية، قد يكون التقارب بين الحكومة الإيرانية والمعارضة السنّية في سوريا صعباً جداً، وربما مستحيلاً. لذلك تعتبر إيران أن نشوب الحرب الأهلية مناسب أكثر، ويخدم مصالحهاquot;.