أعلن الرئيس السوداني عمر البشير استعداد قواته لحسم اي تفلتات عسكرية او امنية من قبل الحركة الشعبية لتحرير السودان بعد المعارك الاخيرة بين الطرفين، كما أكّد التزام الحكومة بإنفاذ اتفاقية السلام الشامل خاصة فيما يتعلق بتنفيذ البرتوكول حول المناطق الثلاث: جنوب كردفان والنيل الأزرق وابيى.

الرئيس السوداني عمر حسن البشير

الخرطوم: اعلن الرئيس السوداني عمر حسن البشير مساء الاحد ان القوات السودانية quot;ستحسم اي تفلتات امنية او عسكريةquot; من قبل الحركة الشعبية لتحرير السودان، اثر المعارك الاخيرة بين الطرفين في ولاية النيل الازرق بشكل خاص.

ونقلت وكالة الانباء السودانية الرسمية عن الرئيس السوداني قوله في ختام اجتماع عقده مع ممثلي الاحزاب السودانية quot;ان الدولة ستحسم اي تفلتات عسكرية من قبل الحركة الشعبيةquot;.

واضافت الوكالة ان البشير شرح quot;الجهود التى تبذلها القوات المسلحة في تأمين المدن الرئيسية بولاية النيل الازرق وتمشيطها من الخارجين عن القانون وذلك حتى تعود الحياة الطبيعية الى ما كانت عليهquot;.

من جهته قال وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين ان القتال متواصل في ولاية النيل الازرق، مشيرا بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء السودانية الى quot;ان القوات المسلحة تصدت للمتمردين اليوم (الاحد) في معركة كبيرة في جبل دندروquot;.

واندلع القتال الخميس الماضي بين القوات الحكومية السودانية ومتمردين تابعين للحركة الشعبية شمال السودان في ولاية النيل الازرق المتاخمة لدولة جنوب السودان.

وقاتل سكان النيل الازرق من قبائل الفونج الافريقية مع جنوب السودان ضد الشمال خلال الحرب الاهلية، على رغم انتمائهم الى شمال السودان.

والحركة الشعبية هي القوة التي قاتلت حكومة الخرطوم المركزية ابان الحرب الاهلية السودانية بين الشمال والجنوب (1983- 2005) وانتهت بتوقيع اتفاق السلام الشامل عام 2005 الذي افضى الى ان يصبح جنوب السودان دولة مستقلة في التاسع من تموز/يوليو 2011.

لكن بعض المنتمين لشمال السودان من الذين سبق ان قاتلوا مع الجنوب ضد الشمال اعلنوا بعد انفصال الجنوب انهم بصدد مواصلة نشاطهم كحزب سياسي في شمال السودان اطلقوا عليه اسم الحركة الشعبية شمال السودان.

وتدور مواجهات بين مقاتلين منتمين للحركة الشعبية شمال السودان والقوات الحكومية السودانية في ولاية جنوب كردفان منذ الاسبوع الاول من حزيران/يونيو 2011 والخميس الماضي اندلعت المواجهات بين القوتين في ولاية النيل الازرق.

وتقع ولايتا جنوب كردفان والنيل الازرق في شمال السودان على الحدود مع دولة الجنوب.

وكان الرئيس البشير عزل الجمعة رئيس الحركة الشعبية شمال السودان مالك عقار من منصب والي النيل الازرق بعد اندلاع القتال في الولاية الخميس الماضي.

البشير: الخرطوم ملتزمة بإنفاذ اتفاقية السلام الشامل

ومن جهة أخرى، أكد البشير التزام الحكومة بإنفاذ اتفاقية السلام الشامل خاصة فيما يتعلق بتنفيذ quot; البرتوكولquot; المتعلق بالمناطق الثلاث: جنوب كردفان والنيل الأزرق وابيى.

وقال البشير في اللقاء التشاوري الذي عقده اليوم في الخرطوم مع التنظيمات والقوى السياسية حول مجمل الأوضاع الراهنة بالسودان quot;إن الدولة تعمل على حل التجاوزات التي كانت تتم من قبل الحركة الشعبية , حرصا منا على بناء الثقة مع الحركة إلا أنها قابلت ذلك بالاستخفاف والاستفزاز أحياناquot;.

وأضاف أن جهودا كبيرة قامت بها الحكومة من أجل تنفيذ الترتيبات الأمنية وتصنيف أوضاع مقاتلي الجيش الشعبي بقطاع الشمال من حيث التأهيل ، والكفاءة لاستيعابهم في القوات النظامية أو إعادة دمجهم أو تسريحهم ، مؤكدا أن الحركة الشعبية رفضت كل هذه الترتيبات ، وما جرى في جنوب كردفان والنيل الأزرق اكبر دليل على ذلك .

الامم المتحدة قلقة ازاء تجدد اعمال العنف

واعربت الامم المتحدة الاحد عن قلقها البالغ ازاء تجدد القتال في ولاية النيل الازرق الحدودية في جنوب شرق السودان، حيث تحدثت تقارير عن نزوح 16 الف شخص من مدينة كرمك وحدها.

وقال جورج شاربنتييه منسق الشؤون الانسانية في الامم المتحدة للسودان انه يشعر quot;بقلق عميق ازاء المواجهات الاخيرة في ولاية النيل الازرقquot; بين الجيش السوداني والقوات الموالية لحاكم الولاية المنتخب مالك عقار، الذي يتزعم الحركة الشعبية لتحرير السودان -الشمال المقربة من حركة التمرد الجنوبية السابقة، حسبما اورد بيان اصدره مكتب الامم المتحدة للشؤون الانسانية.

وقال البيان ان زهاء 16 الف شخص او ما يقدر بكامل تعداد سكان بلدة كرمك الحدودية فروا الى اثيوبيا المجاورة منذ بدء القتال.

وحث شاربنتييه الجانبين الاحد على quot;انهاء القتال فورا والسعي لتسوية النزاعات عبر الوسائل السلمية للحيلولة دون سقوط مزيد من القتلى وتمكين النازحين من العودة الى ديارهمquot;.

وقد اندلعت اشتباكات في الدمازين عاصمة ولاية النيل الازرق في وقت مبكر الجمعة وسرعان ما انتشرت الى اجزاء اخرى من الولاية بعد حشد للقوات من جانب الجيش السوداني والحركة الشعبية-شمال.

الحركة الشعبية في السودان تهدد بالقتال وإسقاط البشير

وكانت الحركة الشعبية في السودان قد هددت بالقتال من أجل تغيير النظام عبر العمل المسلح والتظاهرات الجماهيرية بعد القتال الذي وقع بمدينة الدمازين في حين اغلقت الحكومة مقارها بمختلف انحاء السودان بحجة انها حزب غير قانوني.

وقال الامين العام للحركة ياسر عرمان في بيان له ان quot;ما حدث في ولاية (النيل الأزرق) أمر مدبر وامتداد لما حدث في جنوب كردفان من محاولات حزب (المؤتمر الوطني) اقتلاع جذور القوى الوطنية والديمقراطية الفاعلة في المسرح السودانيquot;.

وأضاف quot;لم يتبق أمام الشعب السوداني سوى المزاوجة بين العمل السلمي الجماهيري الواسع لتغيير النظام والعمل المسلح الجماهيري المسنود من المهمشين ومن جبهة واسعة تمتد من النيل الازرق شرقاالى دارفور غرباquot;.

ودعا عرمان دول ايقاد والترويكا (الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج) وبقية الضامنين لاتفاقية السلام الشامل المبرمة عام 2005 ومجلس الأمن الدولي الذي أجاز الاتفاقية الى الاضطلاع بواجبهم والتدخل وفرض حظر طيران يمتد من دارفور وجنوب كردفان الى النيل الأزرق بقرار من مجلس الأمن.

ومن جانبها اغلقت الحكومة مقار الحركة الشعبية بانحاء السودان معتبرة انها حزب غير قانوني ولم يضمن في اللائحة المعتمدة لدى مسجل الاحزاب والتنظيمات السياسية.

وقال وزير الاعلام السوداني كمال عبيد في مؤتمر صحفي الليلة الماضية quot;لايوجد حزب الان في السودان يسمى الحركة الشعبية - قطاع الشمال حسب قانون مسجل الأحزابquot;.

واضاف أن quot;الحركة الشعبية ارتكبت خطأ فادحا في جنوب كردفان والنيل الأزرق جراء تنفيذها لأجندات خارجية لزعزعة أمن واستقرار البلادquot;.

واندلع القتال بين الجيش السوداني والجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية في ولاية (النيل الازرق) الخميس الماضي بعد مرور نحو ثلاثة اشهر من بدء القتال في ولاية (جنوب كردفان) المجاورة.

ورفض مقاتلو الجيش الشعبي الذين قاتلوا مع الجنوب خلال سنوات الحرب الاهلية ضد الشمال مطالبة الحكومة بنزع اسلحتهم بعد انفصال الجنوب.