مقديشو: رغم ان انسحاب متمردي حركة الشباب الاسلامية المتشددة الشهر الماضي من العاصمة الصومالية مقديشو حد من المعارك اليومية في المدينة التي تعاني من المجاعة، الا انه اثار مخاوف من لجوء المتمردين الى حرب عصابات دموية.

واعلن المتمردون ان انسحابهم تكتيكي بعد تخليهم عن حملتهم الدموية التي استمرت اربع سنوات للاطاحة بالحكومة الصومالية الضعيفة المدعومة من الغرب والتي يعتمد وجودها في مقديشو على 9000 عنصر من قوات الاتحاد الافريقي.

ولكن ورغم ان قوات الاتحاد الافريقي اعلنت انها هزمت المتمردين الذين يستمدون افكارهم من تنظيم القاعدة، الا انهم لا زالوا غير قادرين بعد عن تامين مقديشو بشكل تام، حيث جددوا دعواتهم للحصول على 3000 جندي اضافي لتعزيز قوتهم.

وتخشى السلطات من ان يتغلغل المتمردون، الذين يقدر بأن 5000 منهم لا زالوا في مقديشو، بين المدنيين وينفذوا هجمات بسهولة في المدينة التي ينتشر فيها السلاح بشكل كبير.

وحذر الرئيس شريف شيخ احمد السكان اثناء زيارته مقديشو التي تسيطر عليها الحكومة هذا الاسبوع قائلا quot;تعرفون ان عناصر الشباب والقاعدة سيخترقون المجتمع. وعلى الناس الانتباه لذلكquot;.

واضاف quot;يجب ان نبني بلدنا. علينا ان نتقدم ونستفيد من السلام في المدينةquot;.

ويحذر مسؤولون من خطر قيام المتمردين بتنفيذ هجمات انتحارية او تفجيرات بسيارات مفخخة.

ولا تزال حركة الشباب تسيطر على قطاعات واسعة من جنوب السودان التي تعاني من المجاعة وحيث لجأ معظم المتمردين بعد انسحابهم من مواقعهم في مقديشو ليلة الخامس من اب/اغسطس.

وتزعم كل واحد من قادة حركة الشباب الثلاثة مجموعة من المقاتلين في خطوة وصفها المراقبون بانها تشير الى انقسامات داخلية.

ويقول اخرون ان حركة الشباب فقدت تاييدها الشعبي بسبب قيودها المشددة على المساعدات وفرضها لمنهجهم المتشدد من الاسلام.

ويعتقد ان المئات يموتون يوميا في الصومال بسبب المجاعة والنزاع، فيما حذرت الامم المتحدة من ان 75 الف صومالي يواجهون خطر الموت من المجاعة معظمهم من الاطفال.

وعسكريا اوضح مسؤولون في الاتحاد الافريقي ان حركة الشباب ارتكبت اخطاء تكتيكية في مقديشو ولم تستطع في نهاية المطاف الوقوف في وجه الهجوم الذي شنته قوات الاتحاد الافريقي في ايار/مايو الماضي.

وذكر الاتحاد الافريقي انه يسيطر الان على 95% من مقديشو، بينما لا يزال المتمردون يسيطرون على منطقة واحدة، فيما لا يزال بعض المقاتلين في المناطق المحيطة.

وقال بروسبر حاكيزيمانا نائب المتحدث باسم قوة الاتحاد الافريقي ان quot;المسلحين شاهدوا اننا نتحرك على جبهتين ولا يمكننا ان نقاوم الضغط وانسحبواquot;.

واضاف ان quot;التهديد لا يكمن في احتمال عودتهم ومهاجمتهم المدينة. هذا امر مستبعد. التهديد يكمن في احتمال تنفيذهم هجمات انتحارية او هجمات كر وفرquot;، مشيرا الى ان حركة الشباب لديها ما بين 3 و5 الاف مقاتل في مقديشو.

والشهر الماضي دعا قائد قوات الاتحاد الافريقي فريد موغيشا الى نشر سريع للقوات الاضافية التي وافقت عليها الامم المتحدة في كانون الاول/ديسمبر.

واضاف موغيشا في تصريحات الاسبوع الماضي ان quot;القوات تعاني من ضغوط بسبب نقص العدد. نحن نفعل كل ما بوسعنا لضمان تقديم الحماية للمدنيينquot;.

وتابع quot;لقد سمعنا عن التزامات، ولكن بوصفي قائد ميداني، احتاج الى عناصر على الارض، ولم ار اي منهاquot;.

واعلنت بوروندي الشهر الماضي عن استعدادها لارسال مزيد من القوات، فيما قالت سيراليون انها ستنشر كتيبة مؤلفة من 850 جنديا في البلد المضطرب.

واوغندا وبوروندي هما الدولتان الافريقيتان الوحيدتان اللتان ارسلتا جنودا الى الصومال لحماية الحكومة الانتقالية.

الا ان سكان مقديشو الذي سئموا الحرب، ياملون الا يعود مقاتلو حركة الشباب الذين انبثقوا عن حركة اسلامية حكمت الصومال لفترة وجيزة في النصف الثاني من عام 2006، الا ان تمت الاطاحة بها.

وقال اشا المي الذي فر من سوق بكارا الذي كان معقلا لحركة الشباب في مقديشو quot;لقد كان العيش في ظل حركة الشباب فظيعا. فقد كانوا يطلقون قذائف الهاون على جنود الاتحاد الافريقي الذين كان ردهم كارثياquot;.

اما عبد الرزاق حسن الذي عاد الى بيع السجائر والحلوى مؤخرا في سوق بكارا، فيرى انه من غير المرجح ان يعود المتمردون الى المدينة.

وقال quot;لا اعتقد ان الشباب سيعودون لان شرعيتهم قد انتهت. والناس لم يعودوا يؤيدونهمquot;.

الا ان البعض يخاف من انتقام مسلحي الشباب.

وصرح حسين عبد الله الذين يعمل في احد المتاجر quot;انا خائف. لا اريد أن استهدف. من الافضل التزام الصمتquot;.

وتعج المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في مقديشو بالسيارات والحركة، وتكتظ بالناس الذين فروا من المناطق التي تسيطر عليها حركة الشباب.

وادت الحرب الاهلية التي استمرت نحو عشرين عاما الى تدمير المدينة الساحلية، وحولت البلد الواقع في القرن الافريقي الى واحد من اخطر الدول في العالم.