كشفت وثائق جديدة ان السفير البريطاني في طرابلس بادر في أواخر العام الماضي الى تشجيع قادة عسكريين في جيش العقيد معمر القذافي على زيارة بريطانيا والاطلاع على ما لديها من معدات عسكرية معروضة للبيع، بما في ذلك بنادق قنص ومدافع رشاشة، الأمر الذي سيسبّب متاعب إضافيّة للحكومة البريطانيّة.


عناصر من كتائب القذافي

لندن: تبين الوثائق التي عثرت عليها صحيفة الديلي تلغراف ان مساعد رئيس الاركان البريطاني الميجر جنرال جونثان شو انضم الى السفير ريتشارد نورثرن لإجراء محادثات مع المسؤول الليبي المكلف بالمشتريات العسكرية لجيش القذافي.

وكانت أسلحة من النوع نفسه استُخدمت بعد اسابيع لإطلاق النار على المتظاهرين والسكان في المدن التي انتفضت ضد القذافي ، بحسب الديلي تلغراف.

وكان قناصة القذافي قتلوا مئات الأشخاص باطلاق نيران البنادق والرشاشات من أسطح المباني في بنغازي ومصراتة ومدن أخرى، وتقدر وزارة الصحة في المجلس الانتقالي الليبي ان 50 الف شخص على الأقل قتلوا وأُصيبوا خلال النزاع.

وتوقع مراقبون أن تكون الوثائق الجديدة التي تبين حجم التعاون بين المسؤولين البريطانيين ونظرائهم في نظام القذافي، سببا آخر لإحراج الحكومة البريطانية في أعقاب سقوط القذافي.

وتكشف الوثائق أيضا كيف استمرت حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في التعاون بشأن مبيعات السلاح للنظام الليبي وهي التي انتقدت الحكومة العمالية من قبلها بسبب تعاملها مع النظام.

وقالت منظمات لحقوق الإنسان ان ما تكشف عنه الوثائق ينبه الى مخاطر الاستمرار في إمداد أنظمة استبدادية بالسلاح.

وعثرت صحيفة الديلي تلغراف على الوثائق المتعلقة ببيع السلاح بين انقاض السفارة البريطانية في طرابلس التي عبث بها انصار القذافي في ايار/مايو الماضي ثم اضرموا النار فيها ردا على غارة شنتها قوات حلف شمالي الأطلسي وقُتل فيها عدد من افراد أسرة القذافي.

وتقول صحيفة الديلي تلغراف ان ملفات السفارة كانت مبعثرة بين المكاتب والممرات، وفي إحدى غرف المبنى عُثر على ملفات تميط اللثام عن التقارب الوثيق بين جيش القذافي والحكومة وشركات السلاح البريطانية.

ويأتي كشف الوثائق الجديدة على أثر اتهامات بأن الاستخبارات الخارجية البريطانية أم 6 تعاونت في إعادة معارضين ليبيين الى بلدهم حيث تعرضوا للسجن أو التعذيب.

ومن بين هؤلاء عبد الحكيم بلحاج قائد قوات الثوار في طرابلس اليوم الذي قال انه أُعيد الى ليبيا في عملية نفذتها وكالة المخابرات المركزية الاميركية والاستخبارات البريطانية الخارجية عام 2004 بعد القاء القبض عليه في تايلاند.

وضمت الوثائق نسخة من مقدمة رسالة توضيحية موجهة الى اللواء عبد الرحمن علي السيد رئيس دائرة المشتريات في الجيش الليبي.

ويبدو ان النص التوضيحي كُتب في اعقاب محادثات بين اثنين من المسؤولين البريطانيين، هما الميجر جنرال شو والسفير البريطاني من جهة، واللواء السيد من الجهة الأخرى.

وتولى الميجر جنرال شو قيادة القوات البريطانية في جنوب العراق خلال غزو 2003. وكان وقت تبادل هذه المراسلات مسؤول سياسة الأمن الدولي في وزارة الدفاع البريطانية وعُين لقيادة عمليات الحرب الالكترونية في الجيش البريطاني أيضا.

وجاءت المراسلات مع جيش القذافي بعد معرض ليبنكس العسكري الذي أُقيم في طرابلس في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بمشاركة 50 شركة بريطانية لإنتاج السلاح.

وكشفت صحيفة الديلي تلغراف في نيسان/ابريل الماضي ان جنودا بريطانيين قاموا بدور الباعة لتشجيع النظام الليبي على شراء أسلحة بريطانية.

وتشير المقدمة الإيضاحية التي عُثر عليها بين الوثائق الى رسائل من شركتين بريطانيتين لانتاج السلاح ردا على طلب رئيس دائرة المشتريات العسكرية في الجيش الليبي مزيدا من المعلومات عن بنادق قنص بريطانية.

وجاء في النص الذي كُتب في اواخر تشرين الثاني/نوفمبر أو اوائل كانون الأول/ديسمبر ان الشركتين مستعدتان لاستضافة وفد من الجيش الليبي في بريطانيا.

ويقدم إيضاح السفارة مزيدا من المعلومات عن المعدات التي ستكون متاحة لجيش القذافي من بريطانيا بما في ذلك اجهزة كشف كيمياوية وأقنعة واقية واجهزة تشويش تعطل منظومات التهديف في سفن العدو.

ولم تتم الزيارة المقترحة بعد اندلاع الانتفاضة، ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية quot;ان زيارة بريطانيا التي تشيرون اليها لم تحدث قط وفي النهاية لم تُصدَّر أي بنادق قنص من بريطانيا الى نظام القذافي، وحتى إذا أراد نظام القذافي شراء بنادق قنص من بريطانيا فان هذا لا يعني بالضرورة إصدار إجازة تصديرquot;.

وقال الناطق إن الحكومة البريطانية quot;تتبع واحدا من اشد انظمة الرقابة على صادرات السلاح صرامة في العالمquot;. وان بريطانيا لا تصدِّر اسلحة يمكن ان تُستخدم للقمع الداخلي.

ولفت الناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية الى مراجعة كل التراخيص الخاصة بتصدير معدات عسكرية وامنية منذ بداية الربيع العربي.