صورة لميدان التحرير الجمعة مع بداية توافد المصريين المحتجين إليه

تجمع آلاف المحتجين في ميدان التحرير في وسط القاهرة للمشاركة في جمعة quot;استعادة الثورةquot; والاعراب عن الغضب البالغ ازاء الأداء السياسي للمجلس العسكري منذ الاطاحة بالرئيس حسني مبارك. فيما اتخذت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة موقفاً سلبياً من التظاهرات، وقررت عدم المشاركة.


صبري حسنين من القاهرة، وكالات: تدفق الآلاف الى الميدان الذي مثل معقل الاحتجاجات التي اسقطت مبارك في شباط/فبراير، وطالبوا بإنهاء المحاكمات العسكرية للمدنيين وتطهير المؤسسات من عناصر النظام السابق وتعديل القانون الانتخابي الذي اعلن مؤخرا، فضلا عن العدالة الاجتماعية.

وقرر الاخوان المسلمون الاربعاء عدم المشاركة في التظاهرة على الرغم من رفضهم القانون الانتخابي وتهديدهم بمقاطعة الانتخابات التشريعية.

ومن المقرر ان يتم مساء الجمعة تنظيم مسيرات عدة تتجه من انحاء مختلفة في المدينة الى ميدان التحرير تشارك فيها احزاب سياسية ومجموعات مطالبة بالديمقراطية.

وقدر مراسل فرانس برس عدد المحتجين بعد ظهر الجمعة بنحو ثلاثة الاف.

والقى الخطيب مظهر شاهين خطبة الجمعة وتعهد حماية اهداف الثورة التي أطاحت بمبارك.

وحضّ الخطيب المجلس العسكري الحاكم في مصر على تفعيل قانون يحول دون ترشح اعضاء الحزب الوطني المنحل والذي كان يتزعمه مبارك لشغل مناصب عامة، اذ قال انهم quot;ساهموا في إفساد الحياة السياسيةquot;.

كما دعا شاهين الى تعديل القانون الانتخابي الذي ينص على انتخاب ثلثي مجلس الشعب بنظام القوائم النسبية والثلث الاخر بالنظام الفردي بحيث quot;يحول دون سيطرة الافراد ذوي السطوة على الاصوات عبر استئجار البلطجية لترويع الناخبينquot;.

وكان المجلس العسكري حدد الثلاثاء جدولا زمنيا لاول انتخابات بعد مبارك والتي من المفترض ان تبدأ في 28 تشرين الثاني/نوفمبر وتستغرق اربعة اشهر، بينما من المقرر ان يحدد موعد الانتخابات الرئاسية العام المقبل.

ويتهم المعارضون الجيش بانعدام الشفافية واستمرار ادوات القمع الموروثة عن النظام السابق. كما يحتجون على توسيع نطاق قانون الطوارئ المعتمد منذ 1981 ويطالبون بوقف محاكمة الاف المدنيين الجارية امام محاكم عسكرية.

ويطالب التحالف الانتخابي الذي يقوده حزب الحرية والعدالة المنبثق من الاخوان المسلمين ويشارك فيه حزب الوفد بإلغاء مادة في القانون الانتخابي تحرم الاحزاب من المنافسة على ثلث مقاعد البرلمان.

ويخشى التحالف أن تؤدي تلك المادة الى عودة وجوه النظام القديم الى البرلمان، وقد هدد بمقاطعة الانتخابات.

إحباط سياسي

وتأتي quot;الجمعةquot; الجديدة في وقت تعاني فيه جميع القوى السياسية بما فيها التيارات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان الإحباط السياسي، بسبب طريقة إدارة المجلس العسكري لمرحلة ما بعد مبارك، حيث انطلقت إحتجاجات واسعة منذ نحو ثلاثة أسابيع عرفت بإسم quot;جمعة تصحيح المسارquot;، ورافقتها أعمال عنف واسعة استهدفت السفارة الإسرائيلية، التي جرى اقتحامها، كما جرت محاولات لاقتحام السفارة السعودية ومقر مديرية أمن الجيزة، وأسفرت تلك الأحداث عن وفاة ثلاثة أشخاص وإصابة نحو 1034 آخرين.

وعمقت الأحداث الأزمة بين مصر وإسرائيل، وكذلك الخلاف بين المجلس العسكري والقوى السياسية، لاسيما بعد أن اتخذ تلك الأحداث ذريعة لتفعيل قانون الطوارئ وتوسيع دائرة الجرائم التي يختص بها لتطال حرية الرأي والتعبير.

مخاوف من أعمال عنف

ويتخوف المجلس العسكري ووزارة الداخلية من عودة شبح quot;جمعة تصحيح المسارquot; اليوم 30 سبتمبر، لاسيما في ظل تصاعد الدعوات إلى القيام بثورة ثانية، وأن تلك الثورة قد لا تكون سلمية.

وفي هذا الإطار أطلق المجلس العسكري بياناً جديداً عشية الدعوة للإحتجاجات حذر فيه من أعمال العنف وحمل القوى السياسية الداعية إلى التظاهرات المسؤولية عن تأمين الأماكن والمنشآت الحيوية، وقال فيه quot;القوى التي دعت الى جمعة 30/9 تتحمل مسؤولياتها الوطنية امام الشعب في التنظيم والتأمين والحفاظ على كافة المنشآت الخاصة والممتلكات العامة للدولةquot;.

وحذر من محاولات التعدي على المنشآت التابعة للقوات المسلحة، وقال إن quot;أي تجاوز ضد وحدات القوات المسلحة أو معسكراتها أو المنشآت المهمة هو تهديد للامن القومي المصري وسيتم التعامل معه بمنتهى الشدة والحزمquot;.

ودعا المجلس إلى اتخاذ quot;الحذر والحيطة من العناصر التي تعمل على زعزعة الاستقرار خلال هذه المرحلة حتى تعيق اجراءات التحول الديمقراطي والتي بدأت اولى خطواتها بالدعوة لانتخابات مجلسي الشعب والشورىquot;.

إجراءات أمنية مشددة

وفي السياق ذاته، وخوفاً من أن ترافق أعمال عنف التظاهرات، وتطال المنشآت الحيوية والشرطية، عقد اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية إجتماعاً مع كبار قيادات وزارته مساء أمس.

وقال مصدر أمني لـ quot;إيلافquot; إن وزارة الداخلية اتخذت إجراءات أمنية مشددة حول السفارات التي تقع في نطاق التظاهرات، ومنها السفارة الأميركية القريبة من ميدان التحرير، حيث نشرت العشرات من سيارات الجنود والمدرعات في محيطها، بالتنسيق مع القوات المسلحة التي تتولى عملية تأمين السفارة أيضاً، إضافة إلى سفارة إسرائيل في الجيزة، وسفارة السعودية، فضلاً عن مقر وزارة الداخلية القريب من ميدان التحرير، ومديرية أمن الجيزة ومديرية أمن القاهرة.

وأشار إلى أن الضباط والجنود الذين يشاركون في عمليات التأمين تلقوا تعليمات بالتزام أقصى درجات ضبط النفس، وعدم التعامل مع المتظاهرين مطلقاً، وتحاشي التواجد في الأماكن التي توجد فيها تجمعات إحتجاجية، مشدداً على أنه في الوقت نفسه سيتم التعامل بحزم مع أية محاولة لخرق القانون أو التعدي على المنشآت والممتلكات العامة والخاصة، وإلقاء القبض على المتورطين في تلك الحاولات وإحالتهم على القضاء.

قائمة طويلة من المطالب

وترفع الأحزاب والحركات السياسية المشاركة في التظاهرات جملة من المطالب على رأسها: إلغاء العمل بقانون الطوارئ، ووضع جدول زمني واضح لعملية انتقال السلطة من المجلس العسكري إلى رئيس ومجلس شعب منتخبين، وعدم إطالة أمد المرحلة الإنتقالية، وانتخاب لجنة لوضع الدستور الجديد للبلاد قبل إجراء الإنتخابات النيابية، وإصدار قانون العزل السياسي لمنع رموز وكوادر الحزب الوطني المنحل من العمل السياسي لمدة عشر سنوات.

ووفقاً لبيان صادر عن الكتلة المصرية التي تضم 22 حزباً وقوى سياسية فإن مطالبها تتلخص في quot;إجراء الانتخابات بنظام القوائم النسبية فقط، مع تفعيل قانون منع استخدام الشعارات الدينية، ووضع حد أقصى للإنفاق على الدعاية الانتخابية، والإشراف التام على ميزانية الأحزاب ومصادر تمويلها، وإنهاء حالة الطوارئ والقضاء على الانفلات الأمني قبل إجراء الانتخابات، بالإضافة إلى تفعيل قانون الغدر، والتوافق حول المبادئ الأساسية للدستور، ومعايير تشكيل الجمعية التأسيسية بشفافية كاملةquot;، فيما وسع الحزب الإشتراكي المصري دائرة مطالبه لتشمل جميع مناحي الحياة، و رفع شعار quot;لا لإجهاض الثورةquot;، وقال في بيان له quot;ضرورة تحقيق ما قامت من أجله الثورة وطالبت به والمتمثل في الآتي: رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1500 جنيه، على ألا تزيد النسبة بين الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور على 1: 15، وإلزام القطاع الخاص بتنفيذ هذه القرارات، ربط الأجور بالأسعار والإبقاء على الدعم العيني، مع زيادة السلع والحصص المربوطة على البطاقات التموينية وتشديد الرقابة على الأسواق ومنع الاحتكار وفرض تسعيرة جبرية للسلع الأساسية، وقف طرد الفلاحين من الأراضي الزراعية وأراضي الإصلاح الزراعي وأراضي هيئة الأوقاف، وتعديل قانون الإيجارات الزراعية بما يضمن ألا تقل مدة الإيجار في الأراضي الزراعية عن 7 سنوات متصلة، فرض ضريبة تصاعدية ليتحمل الأغنياء نصيبهم من الأعباء، وفرض ضرائب على المضاربات في البورصة والشقق السكنية المغلقة والواردات الترفيهية. بالإضافة إلى وقف محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري وإعادة جميع المحاكمات أمام محاكم مدنية، والإفراج عن جميع من سُجنوا بسبب مطالبتهم بحقوقهم العادلةquot;.

العصيان المدني هو الحل

وقالت بيسان جهاد عضو إتحاد ثورة اللوتس إن جمعة quot;إسترداد الثورةquot; ستكون فاصلة في عمر الثورة المصرية، مشيرة إلى أن غالبية القوى السياسية تتوقع أن تجبر المشاركة المليونية المجلس العسكري على الإستجابة إلى مطالب المصريين، ومنها وضع قانون الغدر لمنع أعضاء الحزب الوطني المنحل من القفز مرة أخرى على السلطة.

وأضافت جهاد لـ quot;إيلافquot; quot;إذا لم يستجب المجلس العسكري للمطالب المشروعة للمصريين، فلن يكون هناك سوى تنفيذ إضراب عام في جميع أنحاء البلاد، والقيام بعصيان مدنيquot;، مؤكدة أن هذه هي الوسيلة المثلى للحفاظ على سلمية الثورة وتحقيق جميع الأهداف التي قامت من أجلها في الوقت نفسه، ولفتت جهاد إلى أن هناك الكثير من القطاعات الحيوية تقوم بإضرابات مثل الأطباء والمعلمين وعمال النقل العام وعمال بعض الشركات العامة والخاصة، ولا يبقى سوى أن تبارك القوى السياسية تلك الإضرابات وتنضم إليها لتكون فاعلة ومؤثرة مستقبل مصر الثورة.

الرصيد نفد

وقال أبو العز الحريري عضو مجلس أمناء الثورة إن رصيد المجلس العسكري في الحكم نفد ولم يعد لديه مكان سوى العودة إلى ثكناته العسكرية، مشيراً إلى أنه طبقاً للإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس نفسه فقد انتهى العمل بقانون الطوارئ، وليس هناك أي مسوغ دستوري لتفعيله مرة أخرى.

وأضاف أن إصدار المجلس العسكري إعلاناً دستورياً جديداً ونشره سراً في الجريدة الرسمية يعتبر إنقلابا على الثورة، متهماً المجلس بعدم الشفافية في التعامل مع الثورة، ونبه إلى أن الإعلان الدستوري الجديد يحافظ في ثلث مقاعد البرلمان لفلول النظام السابق الذين سوف يترشحون لانتخابات مستقلين ولديهم مال وفير لكسب أصوات الناخبين وعودة ظاهرة شراء الأصوات من جديد، وشدد الحريري على ضرورة أن يضع المجلس العسكري جدولاً زمنياً واضحاً لنقل السلطة وإلا فإن ثورة جديدة تلوح في الأفق.