اتسع نطاق الإضراب الذي تنفذه جهات مختلفة في مصر، ما أدى إلى شلّ الحركة في هذا البلد، فيما تسيطر حالة من السخط والغضب على المصريين، الذين عجزوا عن ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي.


فيما يشتد الجدل بين القوى السياسية والمجلس العسكري حول قانون الإنتخابات والإعلان الدستوري الجديد، وضرورة منع أعضاء الحزب الوطني المنحل من المشاركة السياسية، أصيبت الحياة في بعض القطاعات في مصر بما يشبه الشلل نتيجة تنفيذ العديد من الفئات إضرابات عن العمل، منها الأطباء والفرق المعاونة لهم من تمريض وفنيي الأشعة، والمعلمين، وعمّال وسائقو هيئة النقل العام، وأمناء الشرطة، فيما تسيطر حالة من السخط والغضب على المصريين، الذين عجزوا عن ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي.

عمّال وسائقو النقل العام

اعتصام عمال النقل quot;عدسة إيلافquot;

رغم ما يتداول من أنباء عن تعليق إضرابهم عن العمل اليوم الخميس 29 سبتمبر، إلا أن عمّال وسائقي النقل العام في القاهرة، الذين يتجاوز عددهم ثلاثة آلاف شخص، مازالوا مستمرين في إضرابهم، مع إستمرار إعتصام بعضهم أمام مقر مجلس الوزراء، إحتجاجاً على تدنّي الرواتب.

وقررت النقابة المستقلة لعمّال النقل العام المشاركة في جمعة quot;إسترداد الثورةquot; غدًا 30 سبتمبر الجاري.

وقال محمود سعيد (سائق) لـquot;إيلافquot; إن الرواتب التي يتقاضاها سائقو أتوبيسات النقل العام هزيلة جداً، ولا تتجاوز 600 جنيه شهرياً، مشيراً إلى أنه لا يتم صرف حافز الإثابة لهم بنسبة 200% من أساس المرتب حسبما ينص القانون.

ولفت سعيد إلى أن وفدًا من العمّال المضربين التقى وزير القوى العاملة أمس الأربعاء، ووعد بتحسين أحوالهم المادية وصرف حافز الإثابة لهم بنسبة 200%، لكن هذا الإتفاق لم يدخل حيز التنفيذ، حيث يشترط تعليق الإضراب وتسييركل الإتوبيسات لمدة 15 يوماً، قبل توقيع القرار، وهو ما رفضه العمّال والسائقون.

وأشار سعيد إلى أن الإضراب سوف يستمر إلى أن تتم الإستجابة لمطالبهم المشروعة، وأعلن أن نحو 40 ألف عامل وسائق في هيئة النقل العام سوف يشاركون في فعاليات جمعة quot;إسترداد الثورةquot; غداً.

شلل في القاهرة
أصاب إضراب سائقي وعمّال هيئة النقل العام القاهرة بالشلل، لاسيما أن الأتوبيسات العامة تنقل نحو ثلاثة ملايين شخص يومياً فيكل رحلاتها في القاهرة والجيزة والقليوبية و ضواحيها، وأصاب الإضراب المواطنيين البسطاء بالسخط والغضب، لاسيما أن بعضهم يعتمد عليها في تنقلاته إلى عمله، نظراً إلى رخص قيمة تذكرة الركوب، التي تتراوح ما بين 25 و50 قرشًا، وهي تعريفة ركوب هزيلة مقارنة بتعريفة الركوب في الميكروباصات والمترو والتاكسي، وشهدت مواقف السيارات ومحطات المترو زحاماً شديداً منذ بداية الأسبوع الحالي.

وقال عمرو فريد quot;موظف في وزارة الزراعةquot; لـquot;إيلافquot; أثناء وقوفه في طابور طويل لشراء تذكرة في محطة مترو التحرير: نحن لسنا ضد أن يحصل العاملون في النقل العام على حقوقهم، لكن نحن ضد أن يسببوا في تعطيل الحياة، وعدم ذهاب الآخرين إلى أعمالهم، فليكن الإضراب جزئياً، ينبغي أن يعي الجميع أهمية العمل، وألا تتوقف الحياة بشكل كامل، مصر في حاجة للعمل، وليس الإضراب.

أمناء الشرطة
في إطار الإحتجاج على سوء الأوضاع في بيئة العمل، نظمت المئات من أمناء الشرطة في القاهرة إضراباً مفتوحاً عن العمل منذ أمس الأربعاء، إحتجاجاً على زيادة ساعات العمل إلى 12 ساعة، في مخالفة لقرار وزير الداخلية منصور العيسوي بخفضها إلى 8 ساعات يومياً.

وهدد أمناء الشرطة، الذين يصل عددهم إلى 350 شخصاً، بتصعيد إضرابهم ليمتد إلى أنحاء الجمهورية كافة، وطالبوا بإقالة من وصفوه بـquot;فلول حبيب العادلي وزير الداخلية المحبوس على ذمة قضايا فساد وقتل المتظاهرينquot; من الوزارة، علي حد قولهم.

وقال الأمين رضا صبري لـquot;إيلافquot; إن العودة لنظام الـ12 ساعة في العمل قاس جداً، ويجعل أمين الشرطة غير قادر على الوفاء بالتزاماته في حفظ الأمن أو العيش في حالة طبيعية، يزور فيها أهله وأصدقاءه ويلعب مع أطفاله، لاسيما أن العمل الأمني مرهق جداً، وأحياناً يظل أمين الشرطة واقفًا على قدميه طوال الـ12 ساعة، أو في مطاردة المجرمين.

وقرر أمناء الشرطة المشاركة في جمعة إسترداد الثورة غداً، ما لم يتم تحقيق مطالبهم المشروعة وخفض ساعات العمل إلى 8 ساعات فقط.

الأطباء والفرق المعاونة لهم

فنيو الأشعة أمام مجلس الوزراء quot;عدسة إيلافquot;

لم تتوقف موجة الإضرابات عن هذا الحد، بل إمتدت لتشمل الأطباء الذين ينفذون إضراباً جزئياً منذ ما يزيد على عشرة أيام، للمطالبة بتحسين أوضاعهم المادية، وإقرار الكادر الخاص بهم.

غير أن أطباء واحدة من أكبر المستشفيات في مصر نفذوا إضراباً كلياً، في مستشفى المنصورة الدولي، الأمر الذي أثار غضب المرضى، ووزارة الصحة، التي سارعت بإيفاد أطباء من القاهرة لمتابعة العمل، حتى لا يتم الإضرار بصحة المرضى.

ونظم الأطباء وفنيو الأشعة العلاجية إعتصاماً أمام مقر مجلس الوزراء في العاصمة القاهرة منذ نحو أسبوع، ورفعوا لافتات تطالب حقوقهم، وقال أحد فنيي الأشعة ويدعى هشام عسران لـquot;إيلافquot; أثناء مشاركته في الإعتصام أمام مجلس الوزراء: إن فنيي الأشعة والفريق المعاون للأطباء هم عصب العملية الطبية، ولا يمكن أن يستقيم العمل بإصلاح أحوال الأطباء من دون إصلاح أحوال الفريق المعاون لهم، وعلى رأسه فنيو الأشعة.

مشيراً إلى أن رواتبهم تتراوح ما بين 450 و700 جنيه، وهو مبلغ هزيل جداً لا يكفي لسد الإحتياجات الضرورية لفرد واحد، فما بالنا بأسرة مكونة من أربعة أفراد، وأضاف عسران أن العاملين في أقسام الأشعة والتحاليل الطبيةفي كلالمستشفيات على مستوى الجمهورية يشاركون في الإضراب، الذي سيستمر ما لم يتم النظر إلى أحوالهم بشيء من الإنصاف والعدل.

المعلمون
في السياق عينه، علق المعلمون العاملون في المدارس التابعة لوزارة التربية إضرابهم عن العمل إلى حين تحقيق نطالبهم بزيادة الرواتب. ونفذ المعلمون إضرابهم عن العمل مع بداية الدراسة في 17 سبتمبر/أيلول الجاري، ولم تتجاوز نسبة المشاركين في الإضراب 6.% حسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

لكن المعلمون يرفعون النسبة إلى نحو 70%، ويطالبون بإقالة وزير التعليم الدكتور أحمد جمال الدين، وإقرار حافز الإثابة بنسبة 200%، وإلغاء إختبارات الكادر، مع الحفاظ على مكافأة الإمتحانات.

وقالت سارة حافظ معلمة في إحدي المدارس الإبتدائية في الدقي لـquot;إيلافquot; إن المعلم هو حجر الزاوية في عملية التهضة والتنمية، ويجب عدم إهمال حقوقه وتحسين أوضاعه المادية، لأن كل إناء ينضح بما فيه، مشيرة إلى أن نحو 80% من المعلمين في مصر يعيشون على حد الكفاف، وتتراوح رواتبهم ما بين 600 و1000 جنيه.

مؤكدة أن هذه المبالغ ضئيلة مقارنة بارتفاع تكاليف المعيشة وغلاء الأسعار. وحول الإتهامات الموجّهة للمعلمين بممارسة الدروس الخصوصية، قالت حافظ إن قلة من المعلمي هم من يقبلون على الدروس الخصوصية، وتدرّ عليهم دخلاً كبيراً.

لافتة إلى أن غالبية المدرسين لا يتعاملون بالدروس الخصوصية، فضلاً عن أن هناك مدرسين لمواد ليس فيها دروس خصوصية، مثل الرسم والألعاب الرياضية والموسيقى، إضافة إلى الإداريين، الذين لا يتحصلون سوى على رواتبهم الهزيلة فقط، وجميع هؤلاء في حاجة إلى نظرة إهتمام من الحكومة.