نيويورك: بعد نحو أسبوعين على الإعتصام في المنطقة المالية وسط نيويورك وصلت حركة الاحتجاج الذي تطلق على نفسها اسم quot;احتلال وول ستريتquot;، الى مفترق طرق.

وما زال عدد المشاركين في الاعتصام لا يتعدى المئات وهو رقم ضئيل بمعايير حشود القاهرة واثينا. ولكن الرصيد الذي كسبوه من المواجهات مع قوات الشرطة والتغطية المباشرة من مخيمهم وزيارات المشاهير لمكان الاعتصام يفوق التوقعات.

ولاحظ مراقبون ان الحركة بلا مطالب محددة أو استراتيجية طويلة الأمد ولا حتى قيادة أو مكتب يخطط تحركاتها التالية. واكتفت الحركة حتى الآن بالقول انها مناهضة للجشع. ونقلت صحيفة لوس انجيليس تايمز عن احد المحتجين الشباب ان الانتقاد سيكون مبررا حين يسأل الناس quot;ماذا تفعلون هنا؟quot;.

وتدور بين المحتجين نقاشات تعكس اختلاف الرؤى الذي أصبح سمة مميزة في حركات التغيير حين تواجه التحدي المتمثل بالحفاظ على زخمها وعنفوانها الأول.

ويقول كريس بيمر (23 عاماً) الذي انتقل الى نيويورك مؤخراً بعد تخرجه بشهادة جامعية في ادارة الأعمال إن الحل الأمثل هو انضمام الحركة الى منظمة غير ربحية ليكون لها مقر ثابت.

ولكن الطالبة في جامعة نيويورك فكتوريا سوبيل (21 عاماً) تختلف مع رفيقها قائلة إن قوة الحركة تكمن في قدرتها على البقاء في دائرة الضوء في مكان يستطيع أي شخص ان يزوره ويشارك معها فيه.

وكانت حركة الاحتجاج بدأت بشبكة أفراد استلهموا تظاهرات ميدان التحرير في القاهرة. ولكنها شهدت تطورا كبيرا بالمقارنة مع ما كانت عليه في 17 ايلول/سبتمبر حين اقامت قوات الشرطة حواجز على الشوارع المؤدية الى البورصة لمنع المعتصمين من الخروج في مسيرة باتجاهها احتجاجا على جشع رأس المال.

وتوجد في ساحة زاكوتي حيث يعتصم المحتجون خريطة تشير الى عشرات المدن الأخرى التي تُنظم فيها فعاليات باسم حركة quot;احتلال وول ستريتquot; أو يجري التخطيط لتنظيمها، بما في ذلك اعتصامات في لوس انجيليس يوم السبت وواشنطن في 6 تشرين الأول/اكتوبر.

ولكن احتجاج نيويورك هو مركز الاهتمام لقرب الاعتصام من وول ستريت وسلسلة الزيارات التي قام بها مشاهير بينهم السينمائي مايكل مور والممثلة سوزان ساراندون. كما اسهمت في توجيه الاهتمام الى الاعتصام اشرطة الفيديو التحريضية على الانترنت حيث يظهر افراد الشرطة وهو يستخدمون بخاخ الفلفل الحار ضد المحتجين.

وتتباين اعداد المحتجين بمشاركة آخرين لبعض الوقت ثم الانسحاب ليأتي آخرون وهكذا. ويعيش البعض في المنطقة حيث يأتون الى الساحة للمشاركة بضع ساعات كل يوم أو كل اسبوع. ويرابط آخرون على مدار الساعة مع اكياس النوم والغيتارات ورزمة ملابس مفروشة على الأرض.

ولدى المحتجين لجان بينها لجنة مالية وأخرى للطعام وثالثة للراحة تتكفل بتوفر البطانيات أو الملابس لمن يحتاج من المحتجين. وتُعقد اجتماعات مرتين في اليوم يشارك فيها الجميع بآرائهم ومقترحاتهم. ولتفادي الحظر على استخدام مكبرات الصوت يردد المحتشدون معا كل عبارة يقولها الخطيب للتوثق من وصولها الى آخر مستمع.

وفي ساعة مبكرة من كل يوم تنطلق مسيرة quot;جرس الصباحquot; مخترقة الحي للتزامن مع جرس الساعة التاسعة والنصف صباحا الذي يقرع ايذانا ببدء التعاملات في بورصة نيويورك. وفي غالبية الأيام تخرج مسيرة quot;جرس الاغلاقquot; ايضا بعد الظهر.

وعلى الانترنت تصف حركة quot;احتلال وول ستريتquot; نفسها بأنها quot;حركة مقاومة بلا قيادةquot; مصدر قوتها مواطنون من كل الأصول والآراء السياسية. وتقول الحركة quot;ان ما يجمعنا هو اننا الـ 99 في المئة التي لم تعد تطيق جشع الـ 1 في المئة وفسادهاquot;.

ويقول الموقع ان من مطالب الحركة انهاء المساعدات المالية الى اسرائيل وانهاء الجشع والفقر والحرب والغاء عقوبة الاعدام والقضاء على العنصرية. ويتساءل بعض انصار المشروع الى أي حد يمكن ان تمضي حركة quot;احتلال وول ستريت في تعبئة آخرين من دون ترجمة غضبها الى مطالب محدَّدةquot;.

واعرب كارن روس وهو دبلوماسي بريطاني سابق استقال احتجاجا على غزو العراق عن اعجابه بالحركة. وقال لصحيفة لوس انجيليس تايمز quot;اني ارى شيئا جميلا هناquot;. ولكن روس الذي يدير الآن شركة استشارية في نيويورك ويتوقف في ساحة الاعتصام بانتظام لتقديم استشارته قال ان من الضروري ان تسعى حركة quot;احتلال وول ستريتquot; للوصول الى شرائح اوسع وتصوغ رسالة أكثر تحديداً.