سباق التسلح النووي قد يشتعل في المنطقة

خلق تصريح الأمير السعودي تركي الفيصل، بخصوص إمكانية لجوء الرياض إلى امتلاك السلاح النووي، ردود فعل مختلفة في الأوساط الغربية، وكانت باريس السبّاقة في تذكير المملكة بالتزاماتها الدولية في هذا الشأن، فيما يعتقد مراقبون أن عدم العمل على تجريد كامل للمنطقة من هذه الأسلحة قد يجرّ بلدانها في السنوات المقبلة نحو سباق للتسلح النووي.


عكست تصريحات الأمير السعودي تركي الفيصل أخيرًا، الرغبة السعودية في امتلاك السلاح النووي، حيث أعلن الفيصل أن المملكة لم يعد بإمكانها أن تبقى في موقف المتفرج على مصير منطقة برمّتها أمام خطر قوتين نوويتين، إسرائيل من جهة وإيران من جهة ثانية، التي تسابق الزمن لكي تصبح دولة نووية.

قراءات ذهبت إلى القول إن تصريح مسؤول الاستخبارات السعودية السابق ما هو إلا إعلان مبطن لبرنامج نووي سعودي، خاصة وأن المملكة، بحسب رأي خبراء، دخلت قبل مدة في برنامج نووي سلمي لغايات الطاقة، لكن هذه الغاية قد تتحول في أي لحظة.

لكن الرياض، كما يعتقد مراقبون آخرون، غير مستعدة لخلق علاقة متوترة مع حلفائها الغربيين من القوى الكبرى، ولا تريد أن تدخل جراء ذلك في عزلة، كما إن دوائر الحكم في الرياض ليست من عاداتها أن تفتح جبهات على نفسها مع الغرب.

الأمير السعودي، في مقابلة له مع صحيفة لوفيغارو، أوضح أن الأمر لا يهمّ فقط السعودية، وإنما مجموع دول مجلس التعاون الخليجي، مبرزًا أن المجلس يشدد على جعل الخليج منطقة خالية من السلاح النووي وكل أنواع أسلحة الدمار الشامل.

لكنه يستدرك، في السياق عينه، أنه في حالة إخفاقكل جهود دول المنطقة، ومعها المجتمع الدولي، في إقناع كل من إيران وإسرائيل بالتخلي عن أسلحة الدمار الشامل، فستطرح أمام بلده الخيارات كافة،بما فيها تلك المتمثلة في امتلاك السلاح النووي.

وبلغة صارمة، تحدث الأمير السعودي عن كون هذا الاختيار يبقى لا مناص منه، إذا ما عجز المجتمع الدولي عن الخروج بقرار عملي في مؤتمر حول تجريد منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وسيعقد المؤتمر خلال السنة الجارية في إحدى الدول الأوروبية.

إعلان له دلالته

فريدة عياري

فريدة عياري الإعلامية والمتخصصة في العلاقات الدولية ذكرت أن quot;المملكة العربية السعودية وكل الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية يطالبون منذ سنوات بتجريد المنطقة من السلاح النوويquot;.

وأضافت في الإطار نفسهأن quot;المجتمع الدولي وإسرائيل، البلد الوحيد الذي يمتلك في الوقت الحالي هذا السلاح، طبّقوا باستمرار سياسة الأذن الصماء مع البرنامج النووي الإيراني والتجارب الأخيرة للصواريخ، فيما أصبح السباق النووي من موضوعات الساعةquot;، كما تقول عياري.

وأوضحت عياري لـquot;إيلافquot;، أن إعلان السعودية عن نيتها في امتلاك أسلحة نووية على لسان الأمير تركي الفيصل له دلالته، فهو quot;من الرجال الأكثر تأثيرًا في المملكة السعوديةquot;.

كما اعتبرت أن quot;هذا التصريح يدخل في إطار الغليان، الذي يشهده العالم العربي، والذي يترجم في منطقة الخليج بتصاعد قوة الشيعة المدعومين من طرف إيران...quot;.

التهديد الإيراني
كما إن التهديد الإيراني في شقه السياسي على بلدان المنطقة هو تحصيل حاصل، ولم يعدّ موضع شك من طرف المهتمّين بالشأن الخليجي، إذ تبيّن أخيرًا أن طهران تحاول أن يكون لها موطأ قدم بالشكل الذي يناسب تطلعاتها في المنطقة، وذلك في ظل وجود شيعي، له ارتباطات مع النظام المذكور.

هذا ما خلق ما تسمّيه فريدة عياري quot;بالتنافس السعودي الإيرانيquot;، الذي تقول عنه إنه quot;اليوم أكثر حضورًا من أي وقت مضى، إذ إن كل طرف يسعى من جانبه إلى أن يكون سيد المنطقةquot;.

المحللة للشأن الدولي لا تعتقد quot;أن امتلاك إسرائيل للسلاح النووي هو الذي دعا الأمير السعودي إلى هذه التصريحات، وإنما التخوف من تنامي هيمنة إيران على المنطقةquot;.

بناء على ذلك، تتساءل عياري quot;هل المجتمع الدولي سيتنازل أمام رغبةالسعودية في امتلاك السلاح النووي يومًا؟quot;، معتبرة أن quot;الجواب مرتبط بمدى تقدم البرنامج النووي الإيراني... وقدرة المجتمع الدولي على منع إيران من الوصول إلى غاياتهاquot;.

تعتبر المتخصصة في الشأن العربي أن quot;الرياض ترى في نفسها حامية للمجموعة السنية مقابل تصاعد قوة الشيعةquot;، موضحة أن quot;السلاح النووي هو سلاح للردع بكل تأكيدquot;.

سباق التسلح النووي
وترى عياريأن السعودية لها من الإمكانيات المالية، وحتى التكنولوجية، ما يكفي لتحقق رغبتهاquot;، مذكرة أنها quot;تستعمل منذ مدة الطاقة النووية لأغراض سلميةquot;.

كما لفتت الخبيرة إلى أنه quot;إن كانت بلدان تطالب بحق امتلاك السلاح النووي، فإن معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية ستفرغ من محتواهاquot;.

وأشارت عياري إلى أنه quot;يجب تفادي الدخول في سباق للتسلح النووي في العالم العربي بأي ثمن، وبالتحديد في منطقة الخليجquot;، مؤكدة أن quot;الرهان الرئيس اليوم هو إيقاف الطموحات النووية الإيرانية، وكذلك إقناع إسرائيل بتفكيك ترسانتها النووية، التي تقدر بثلاثمائة رأسًا نوويًاquot;.

جنوب إفريقيا، التي سبق أن عملت فيها عياري quot;كبيرة المراسلاتquot;، تقول عنها إنها quot;سبق أن قامت بذلك بعد نهاية نظام الأبارتايدquot;، متسائلة في الوقت نفسه، quot;لماذا لا يمكن ذلك في الشرق الأوسط؟quot;.

تخلص عياري، التي سبق لهاأن عملت رئيسة تحرير في إذاعة فرنسا الدولية مكلفة في الشرق الأوسط، إلى أن quot;سباق التسلح النووي يأتي في سياق سياسي وأمني متقلب، وفي ظل وجود حكام لا يمكن التنبؤبردود فعلهم، وغياب معارضة مقابل السلطات الحاكمة، كل ذلك يمكن أن يكون قاتلاً بالنسبة إلى المنطقةquot;.