حظرت قطر بيع الكحول في احدى اهم المناطق السياحية فيها، الامر الذي يثير علامات استفهام عديدة حول استضافتها كأس العالم 2022 وكيفية معاملة جماهيره الوافدة اليها. من جهة اخرى، يعكس هذا القرار التنافس بين عالم محافظ وآخر متحرر في المجتمع القطري.



جزيرة لؤلؤة قطر

بيروت: علقت الحكومة القطرية في الأسابيع الأخيرة، بيع المشروبات الكحولية في لؤلؤة قطر، وهي جزيرة قريبة من العاصمة الدوحة، تحظى بشعبية بين المقيمين وتضم سلسلة من المطاعم العالمية.

حيث صدر في الشهر الماضي تعليمات للمطاعم في لؤلؤة قطر بوقف مبيعات الكحول حتى إشعار آخر، وفقاً لشخص مطلع على المسألة من الشركة المتحدة للتطوير التي أنشأت الجزيرة، مشيراً إلى أنه لم تتم الإشارة إلى الاسباب التي أدت إلى هذا الحظر، أو كم من الوقت سيبقى الحظر جارياً.

وادت هذه التعليمات الى تراجع الأعمال في المطاعم ذات النمط الغربي في لؤلؤة قطر منذ منع بيع الكحول. وقال مدير أحد المطاعم ان الحجوزات انخفضت بنسبة 60 ٪ تقريبا وتم إلغاء بعض حفلات عيد الميلاد.

ولكن على الرغم من الحظر المفروض على جزيرة لؤلؤة قطر، إلا انه يمكن استهلاك الكحول في فنادق الدوحة الأخرى، حيث إن المقيمين لديهم ترخيص بشراء المشروبات الكحولية للاستهلاك في المنزل من متاجر مملوكة من قبل شركة الطيران الوطنية، الخطوط الجوية القطرية.

وهذا القرار يمثل تحدياً مهماً لطموحات قطر التي جذبت انتباه العالم من خلال الفوز بحقوق تنظيم كأس العالم لكرة القدم عام 2022، ومن خلال دعم وتمويل الثورة ضد العقيد الراحل معمر القذافي في ليبيا.

اذ أثار حظر الكحول في قطر تساؤلات حول مدى السهولة التي يمكن أن تشكل فيها هذه الدولة صلة وصل بين الشرق والغرب. ويلاحظ أن قطر تريد الإبقاء على الثقافة العربية المحافظة المتجذرة في التقاليد الإسلامية حيث ترتدي أغلبية النساء الحجاب، وتفرض عليهن زيجات مدبرة. كما تحظر الشريعة الإسلامية على المسلمين استهلاك الكحول أو لحم الخنزير.

في هذا السياق، اشارت صحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot; إلى أن جزءا من الرؤية القطرية يتضمن تحويل الدوحة إلى مركز قيادة ثقافية ومالية ورياضية لمنافسة دبي المجاورة الرائدة في مجال السياحة والتجارة في منطقة الشرق الأوسط.

ووضعت قطر نفسها أيضاً كجسر بين الشرق والغرب، وتوددت بنجاح ليس فقط للجيش الاميركي حيث قدمت مقراً للقيادة المركزية، بل أيضاً تواصلت مع الجامعات في الولايات المتحدة مثل quot;نورث وسترنquot; وquot;فيرجينيا كومنولثquot; لإنشاء فروع لها في الإمارة.

كما لعبت هذه الدولة التي تعتبر من أغنى دول العالم من حيث دخل الفرد، دورا كبيرا في السياسة الإقليمية، وأصبحت لاعباً مؤثراً فيها في الآونة الأخيرة.

يقول البعض إن هذا البلد الصغير في الشرق الأوسط يجب أن يتغلب على عقبات ثقافية واجتماعية ضخمة قبل أن يكون قادرا على استضافة كأس العالم لكرة القدم بعد 10 سنوات، والتي يتوقع ان تجذب ما يقدر بـ 500 ألف من مشجعي كرة القدم. وسيسمح للمشجعين بشرب الكحول في مناطق محددة، وفقاً لمتحدث باسم اللجنة القطرية العليا.

الا ان العديد من السكان المحليين يعتقدون أن استهلاك الكحول في مطاعم لؤلؤة قطر، وحالات الصخب بين الأجانب المخمورين تشكل إساءة لبعض القطريين.

يقول الكاتب القطري عبد العزيز آل محمود: quot; لا أرى سبباً للسماح باستهلاك الكحول في قطر، انه يؤثر سلباًفي السكان المحليين الذين لا يرحبون بهذه الفكرةquot;.

ويشير المراقبون إلى ارتفاع أعداد الرجال القطريين الذين يشربون الكحول في الحانات وهم يرتدون الزي الوطني (عباءة بيضاء), ويقول حسن ابراهيم، معلق قطري انه quot;من المحرمات في قطر رؤية شخص يرتدي الزي الوطني ويشرب الكحولquot;.

من جهته، مدير الأبحاث في مركز بروكينغز الدوحة شادي حامد يعتبر ان هناك عالمين متوازيين يتعايشان في العالم العربي: مجتمع شبيه بالغرب، وتحديداً في دبي، ومجتمع آخر تقليدي في قطر، ويبدو أن العالمين في طريقهما إلى اشتباك قريبquot;.

واضاف: quot;أعتقد ان هذه المسألة ستكون مصدرا للتوتر في المستقبل المنظور، ومن المرجح أن تزداد حدةquot;.

وفي سياق متصل، اثار القرار الأخير بالسماح ببيع لحوم الخنزير في الخطوط الجوية القطرية، جدلاً بين القطريين، وأدى إلى دعوات لمقاطعة شركة الطيران على مواقع الشبكات الاجتماعية.

اما الخطوط الجوية القطرية فقد رفضت من جانبها التعليق على السبب الذي أدى إلى قيامها ببيع لحم الخنزير.

ويذكر انه منذ ان استلم الامير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الحكم في قطر، عمل على تحديث البلد وفتح ابوابها أمام الأجانب وعمل على بناء ناطحات السحاب والشركات الكبرى، من ضمنها قناة الجزيرة الفضائية التي تنتقد بشدة الأنظمة العربية.

لكن في بلد صغير حيث يفوق عدد المغتربين فيه عدد السكان المحليين، يقلق القطريون من التأثير والطغيان على ثقافتهم وهم حريصون على حماية هويتهم.