مثلما فجّرت قضية نائب الرئيس العراقي القيادي في القائمة العراقية، طارق الهاشمي، والاتهامات الحكومية الموجّهة إليه بالإرهاب، الأزمة السياسية التي تتخبط بها البلاد حاليًا، فإن مؤشرات إلى إمكانية أن تعود هذه القضية لتطيح بالمؤتمر الوطني العام للقوى السياسية المنتظر انعقاده في أواخر الشهر الحالي لحل هذه الأزمة بدأت تظهر، وذلك مع تصاعد شروط الفرقاء السياسيين بين الإصرار على بحث المؤتمر لهذه القضية، وبين معارضة ذلك، إضافة إلى مطالب بإطلاق سراح المعتقلين، وتجميد طلب رفع الحصانة عن نائب رئيس الوزراء صالح المطلك.
قيادة التحالف الوطني العراقي خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع لها |
عقب اجتماع برئاسة رئيسه إبراهيم الجعفري ومشاركة رئيس الوزراء نوري المالكي، فقد أكد التحالف الوطني الحاكم تمسكه بإبقاء قضية الهاشمي في حيزها القانوني، وعدم المساومة السياسية عليها.. مستنكرًا quot;محاولات تسييس هذه القضية، والضغط على القضاء، لنقلها خارج بغداد، ويعتقد أنها تهدف من وراء ذلك إلى التأثير على سير العدالةquot;.
وأضاف التحالف في بيان صحافي اليوم تسلمته quot;إيلافquot; عقب اجتماع قيادته أنه ناقش جملة من المستجدات والقضايا المهمة، كان في طليعتها اللقاء المرتقب بين القيادات وممثلي الكتل السياسية المزمع عقده قريباً برعاية الرئيس جلال طالباني، حيث quot;اتفق المجتمعون على ضرورة أن يركز هذا اللقاء المرتقب على استشراف آفاق المرحلة المقبلة، بعدما استعاد العراق سيادته الكاملة، وتوافقت القيادات ومختلف الكتل السياسية الحاضرة فيه على أجندة واضحة لهذا اللقاء، تتضمن أبرز المهام والتحديات والصعوبات، التي تتطلب تعاون أطراف العملية السياسية وقادتها على إيجاد الحلول المناسبة لها، بما في ذلك تعزيز الوحدة الوطنية، ودعم سلطة القانون، وبسط الأمن والاستقرار في ربوع الوطن، والانطلاق قدمًا في مسيرة البناء والإعمارquot;.
وأكد الاجتماع على quot;موقفه السابق بضرورة دعم استقلال القضاء وتعزيز مصداقيته وإبقاء قضية طارق الهاشمي في حيزها القانوني، وعدم المساومة السياسية عليها، وبهذه المناسبة فهو يستنكر ما تناهى إلى سمعه من محاولات تسييس هذه القضية، والضغط على القضاء لنقلها خارج بغداد، ويعتقد أنها تهدف من وراء ذلك إلى التأثير على سير العدالةquot;.
على الجانب الآخر، فقد شددت ميسون الدملوجي الناطق الرسمي باسم العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي أنه quot;بهدف إنجاح المؤتمر المزمع عقده للقيادات السياسية quot;يجب العمل على تقويم التحقيق في قضية الهاشمي من قبل قيادات الكتل السياسية، وضمان محاكمة عادلة ونزيهة خالية من الضغوط والتدخلات، وتجميد الإجراءات غير الدستورية ضد رئيس مجلس الوزراء القيادي في العراقية صالح المطلك، وفي ظل غياب نظام داخلي لمجلس الوزراء المنصوص عليه في دستور العراق، وخلافاً للتوافق السياسي، الذي انبثقت منه الحكومة الحاليةquot;.
وأضافت الدملوجي في تصريح صحافي تسلمته quot;إيلافquot; اليوم أنه يتعين أيضًا quot;تهيئة الأجواء السليمة، وفي مقدمتها تفكيك الأزمة الراهنة المتمثلة في الاعتقالات واسعة النطاق بين المواطنين، وفي صفوف جماهير العراقية والكتل السياسية المنضوية فيها والتأزم السياسي في محافظة ديالى والمحافظات الأخرى، وإزالة المظاهر المسلحة والاستفزازية ضد الشعب العراقي بشكل عام،وقيادة وأعضاء العراقية بشكل خاصquot;.
وأشارت إلى أنه إضافة إلى ذلك، quot;فإن العراقية تحرص على حضور كل قادة الصف الأول، الذين تصدّوا للنظام الدكتاتوري البائد، وأرسوا ركائز العملية السياسية في العراقquot;، في إشارة إلى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، الذي أشار إلى أنه يمكن أن لا يحضر المؤتمر، وإنما يرسل من ينوب عنهquot;.
وحول مشاركة ثلاثة من وزراء العراقية في اجتماعات مجلس الوزراء، على الرغم من قرارها تعليق مشاركتها في جلسات مجلسي النواب والحكومة، أوضحت الدملوجي أن الاجتماع المقبل لقيادة العراقية وأعضائها سيحسم موقفها من الوزراء الثلاثة.
وأوضحت أن العراقية وجّهت جميع وزرائها بأن يقتصر التعليق على حضور اجتماعات مجلس الوزراء، وألا يشمل المواظبة في الوزارات وتسيير شؤون المواطنين وأداء واجباتهم تجاههم.
على العكس من ذلك، قال رئيس كتلة الأحرار الصدرية ضمن التحالف الوطني الحاكم بهاءالأعرجي إن quot;الكتل السياسية اتفقت على فصل السياسة عن القضاء في قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وتركها إلى القضاء، ليأخذ دوره من دون تدخل أي طرف في عمله، والقبول بما يقرره القضاء وعدم التأثير عليهquot;.
وأشار إلى أن هذه الكتل اتفقت مع الرئيس جلال طالباني على تشكيل لجنة تنسيقية، تضم 14 عضوًا، لبحث مفاصل الأزمة السياسية، ورفع توصيات إلى المؤتمر المنتظر.
وقال الأعرجي في بيان تسلمت quot;إيلافquot; نسخة منه إن هذه اللجنة ستضم 6 أعضاء من التحالف الوطني، و4 أعضاء من القائمة العراقية، وعضوين من التحالف الكردستاني وعضوين من المستقلين. وأوضح أن مهمة هذه اللجنة ستكون بحث مفاصل الأزمة السياسية الحالية، والمشاكل بين الكتل السياسية والحكومة من جانب، وفي ما بينها من جانب آخرquot;.
وقال إن المؤتمر العام سينعقد بعد اتفاق ممثلي اللجنة التنسيقية على توصيات تهدف إلى تسوية المشاكل والاتفاق عليها من قبل الرئاسات الثلاث وزعماء الكتل، ومن ثم إقرارها والتصويت عليها في المؤتمر الوطني، لتشكل برنامج عمل للحكومة ومجلس النواب خلال السنتين المتبقيتين من عمر هذه الدورة الانتخابية.
أما الكتلة الرئيسة الثالثة في العملية السياسية، وهي التحالف الكردستاني، فقد أشار المتحدث الرسمي باسمها فرهاد الأتروشي إلى أنه سيتم خلال المؤتمر المنتظر طرح قضيتي الهاشمي والمطلك، إضافة إلى المبادئ الأساسية لاتفاقية أربيل في قضية إدارة البلد بشكل عام.
وقد علمت quot;إيلافquot; أنه من أجل تسريع الاستعدادات لانعقاد المؤتمر فإن الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان ستعقد الأحد المقبل اجتماعًا، سيشارك فيه رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود، وأعضاء اللجنة التنسيقية، التي تضم 14 عضوًا. وسيتم خلال الاجتماع اقتراح زمان ومكان المؤتمر والموضوعات التي سيناقشها.
وحول قضية تسليم السلطات الكردية لطارق الهاشمي إلى السلطات في بغداد، قال فريد أسسرد عضو اللجنة القيادية للاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه الرئيس طالباني، إن quot;مسألة تسليم نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي غير واردة في هذه المرحلة قبل انعقاد المؤتمر الوطنيquot;.
مشيرًا إلى أن هذه المسألة غير مطروحة إطلاقًا، ومن غير الممكن أن تسلم قيادة إقليم كردستان الهاشمي إلى السلطات العراقية في مثل هذه الظروف، وخصوصًا أن هذه المسألة لها جانباها السياسي والقضائي.
وأوضح أن القيادة الكردية لا تريد، في هذه المرحلة الدقيقة والحسّاسة والعراق يمر بأزمة كبيرة، والعلاقات بين مكوناته تتأزم ساعة بعد أخرى، أن تكون طرفًا في الصراع، أو أن تنجر إليه، ولذلك فهي لا تريد أن تتخذ قرارًا يفسّر في المحصلة بأنه انحياز لطرف أو مكون طائفي ضد الآخر، فهي تريد أن تنأى بنفسها عن هذا الصراع، الذي أخذ طابعًا سنيًا ndash; شيعيًا،وعليه فإن القيادة الكردية تنتظر انعقاد هذا المؤتمر والقرار، الذي سيتخذه بشأن وضع الهاشمي،حيث إن ما يصدر من المؤتمر سيكون قرارًا عراقيًا، بمعنى أنه يكون قرارًا كرديًا وسنيًا وشيعيًا، عندها سيكون القرار ملزمًا على جميع الأطراف السياسية في العراق، باعتباره صادرًا من مرجعية وطنية.
وقد تفاقمت الخلافات بين المالكي وشركائه في القائمة العراقية، التي يتزعمها علاوي، إثر إقامة دعوى ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في العراقية طارق الهاشمي بتهمة quot;قيادة فرق موتquot;، وكذلك مطالبته بحجب الثقة عن نائبه القيادي في العراقية صالح المطلك إثر اتهامه للمالكي بـquot;الدكتاتوريةquot; وquot;الانفرادquot; بالسلطة، ما دعاهم إلى مقاطعة اجتماعات مجلسي الحكومة ومجلس النواب.
كما أعطى المالكي لوزراء العراقية الثمانية المقاطعين لجلسات مجلس الوزراء إجازة مفتوحة، بدلاً من إقالتهم، كما كان صرح في وقت سابق.
لكن الهاشمي، الذي لجأ إلى إقليم كردستان الشمالي، ينفي بشدة التهم الموجّهة إليه بدعم الإرهاب، ويطالب بنقل محاكمته إلى كردستان، الأمر الذي تعارضه بغداد. وسببت الاتهامات، التي وصفت المالكي بـquot;ديكتاتور أسوأ من صدامquot;، والتي أطلقها المطلك، أزمة إضافية، ودفعت المالكي إلى مطالبة مجلس النواب بسحب الثقة عنه.
التعليقات