أطلق المحامي فريد الديب جملة من المديح والإطراء على الرئيس المصري السابق حسني مبارك خلال مرافعته أمام محكمة جنايات القاهرة، التي تحاكم الأخير، وأكد أن مبارك ما زال رئيساً لمصر، ما يعني أن محاكمته باطلة.


قال فريد الديب محامي الرئيس المصري السابق حسني مبارك إنه quot;لايزال رئيساً للجمهورية حتى الآنquot;، جاء ذلك خلال مرافعة الديب أمام محكمة جنايات القاهرة، التي تحاكم مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من مساعديه في قضايا تتعلق بالفساد وقتل المتظاهرين.

وأضاف الديب خلال مرافعته اليوم الأحد، وقبل ثلاية أيام من الاحتفال بالذكرى الأولى لثورة 25 يناير، التي أطاحت بنظام حكم مبارك، أن quot;مبارك لم يتنح بنفسه، وأنه بلغ عمر سليمان هاتفيًا قرار التنحّي، ويعدّ هذا باطلاً حسب أحكام القانونquot;.

وتابع: quot;إن مبارك لا يزال الرئيس الفعلي للبلاد، بحكم القانون، حيث تم انتخابه في انتخابات 2005 لمدة 6 سنوات تنتهى بنهاية 2011، مما يعني أن التحقيق معه باطل لكونه رئيساً للجمهورية، ولما كانت المادة 78 من الدستور تشير إلى أن رئيس الجمهورية المنتهية ولايته وفترته الانتخابية، يظل يمارس مهامه حتى يتم انتخاب رئيس جديد للبلاد، وهو ما لم يحدث حتى الآنquot;.

المحاكمة باطلة

بناء على أن مبارك ما زال رئيساً للجمهورية، دفع الديب ببطلان محاكمته، وقال: quot;ترافعت في الأيام الخمسة الماضية، وتركت هذا الدفاع لآخر الأيام، حتى لا يتهمني أحد بأنني هربت من المحاكمة، رغم أن هذه المحكمة غير مختصة بنظر الدعوى، لأن المادة 85 من دستور 1971 تنصّ على أن مجلس الشعب له الحق في محاكمة رئيس الجمهورية بتهمة الخيانة العظمى، أو أي جريمة أخرى بشرط غالبية ثلثي البرلمان.

ويكون نظر القضية أمام محكمة خاصة، وتشكل من 12 عضواً، نصفهم من أعضاء مجلس الشعب، والنصف الآخر من أقدم المستشارين في الهيئات القضائية، ويتولى النائب العام المرافعة أمام هذه القضية، ويكون مقره محكمة النقض، ومن ثم يعني ذلك بطلانكل تحقيقات النيابة، وأمر الإحالة الصادر منها.

تصفيق حاد

قوبلت مرافعة الديب اليوم بتصفيق حاد من فريق المحامين المدافعين عن مبارك وباقي المتهمين، والمؤيدين لهم، فيما تظاهر العشرات من المصابين وأسر الضحايا أمام مقر المحاكمة، وحملوا في أيديهم دمى مشنوقة على شكل مبارك، ورفعوا لافتات تنادي بالقصاص من قلتة أبنائهم، ومنها quot;القصاص.. القصاص.. قتلوا ولادنا بالرصاصquot;، quot;الشعب يريد إعدام السفاحينquot;.

النسر الجريح

في نهاية مرافعته عن مبارك، أطلق الديب الكثير من عبارات المديح والإطراء على الرئيس المصري السابق، واصفاً إياه بـquot;النسر الجريحquot;، وقال موجّهاً كلامه إلى مبارك: quot;يا نسر الجو الجريح وقائد نسور مصر الأبطال في حرب أكتوبر حملت روحك على كفيك مرات ومرات، وواجهت الموت بقلب البواسل، فنجاك الله لتواصل مسيرة الجهاد، لا تحزن بغدر من غدروا بك، وأنت تسمع وترى أبناء وطنك ينقضون عليك وأنت أعزل، وانفضّ بين عشية وضحاها كل من كانوا حولكquot;.

لم يقف مديح الديب لمبارك عند هذا الحد، بل قارن بين محنته الحالية، وما تعرّض له النبي محمد، وقال موجّهاً حديثه إلى مبارك: quot;أنت لست أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حينما قذفه أهل الطائف بالحجارة حتى أدميت قدماه، وتوجّه إلى ربه، ودعاه، وطلب من الله أن يفك كربهquot;.

واستطرد قائلاً: quot;قضاة مصر لا ينطقون عن الهوى، ولا يحكمون بغير العدل، فإذا حكموا ببراءتك فمن الله، وإذا حكموا بإدانتك فهي إرادة الله، فاذهب إلى ساحة التنفيذ مودعًا بالقلوب والعبراتquot;.

ثم تحدث موجّهاً كلامه إلى القاضي أحمد رفعت قائلاً: أعيد عليكم كلمة الراحل شيخ القضاة يحيى الرفاعي، التي ألقاها في مؤتمر العدالة سنة 1982 quot;يا قضاة مصر إحملوا الأمانة غير مبالين بالمكاره فذلك قدركم، وتلك مهنتكم ونبض حياتكم، ولا تلتمسون إلا للحقيقة، ولاتثنيكم رغبة، ولاتنفذون إلا العدل، الذي هو صفة من صفات اللهquot;.

وما إن أنهى الديب من مرافعته، وقررت المحكمة تأجيل القضية إلى الغد، للإستماع إلى مرافعة الديب عن وزير الداخلية السابق حبيب العادلي، حتى هتف المحامون المدعون بالحق المدني وأسر الضحايا quot;الشعب يريد إعدام مبارك المخلوعquot;.

أوهام مبارك

من جانبه، قال أسعد هيكل محامي الضحايا لـquot;إيلافquot; إن الدفع ببطلان محاكمة مبارك أمام محكمة جنايات القاهرة لأنه مازال رئيساً للجمهورية، يدل على أن الديب لا يتحدث وفقاً للقانون، بل وفقاً لما يملى عليه من الرئيس المخلوع.

وأضاف هيكل أن مبارك لم يعد رئيساً للجمهورية، فقد أسقطت ثورة شعبية في 11 شباط (فبراير) الماضي، وصدر إعلان دستوري جديد في شهر آذار/مارس الماضي، وجرى الإستفتاء عليه من الشعب، ونقلت بموجبه صلاحيات رئيس الجمهورية إلى المجلس العسكري بقيادة المشير حسين طنطاوي. ولفت هيكل إلى أن الدستور الذي يتحدث عنه الديب، وهو دستور 1971، لم يعد موجوداً حتى يحتكم إليه.

عاد هيكل ليؤكد أن مرافعة الديب اليوم تشير إلى أن مبارك ما زال يعيش في أوهامه، وما زال مغيباً عن الواقع، ويرى أنه ما زال رئيساً للبلاد، وأن تنحّيه غير قانوني، ولا يعلم أن الثورات لا تعترف بالدساتير التي تصنعها الديكتاتورية. ولفت هيكل إلى أن إصرار الديب على مدح مبارك بالطريقة عينها، التي كان يمتدح بها أثناء وجوده في الحكم، تؤكد أنه لا يزال يعيش أوهام الحكم.