مقاتلون من طالبان يسلمون سلاحهم في هرات

بعدما كانت المواجهة بين حميد كرزاي مدعومًا بواشنطن من جهة وطالبان من الأخرى، تلاحقت تطورات البحث عن حلّ سلمي، بحيث يجد الرئيس الأفغاني الآن أن واشنطن تقف على نحو ما إلى جانب طالبان. فكيف انقلبت الآية؟.


لندن: هددت الولايات المتحدة بـlaquo;إعلان النصر العسكريraquo;، وبالتالي التعجيل في انسحاب قواتها من سائر الأراضي الأفغانية، وذلك على سبيل الضغط على الرئيس حميد كرزاي، وإجباره على الاعتراف بطالبان ومكتبها، الذي افتتحته في الدوحة أخيرًا.

وكانت الحركة الأصولية قد أعلنت في مطالع الشهر الحالي موافقتها من حيث المبدأ على افتتاح مكتب لها في العاصمة القطرية - مقرونًا بإلقائها السلاح - في أعقاب 13 شهرًا من مفاوضات، وصفت بأنها laquo;عسيرةraquo;، بينها وبين واشنطن، توسطت فيها ألمانيا. لكن هذا التطور الإيجابي المفاجئ كاد يُنسف في اللحظة الأخيرة بسبب اعتراض كرزاي.

على أن الضغط الأميركي الهائل على الرئيس الأفغاني أثمر يوم الأحد موافقته على أحد أهم بنود الصفقة الأميركية - الطالبانية، وهو تسليم مقاتلي الحركة المعتقلين في غوانتنامو إلى السلطات القطرية على مراحل. وجاء تخلي كرزاي عن معارضته في أعقاب يومين من المحادثات المكثفة في كابول بينه وبين المبعوث الأميركي إلى أفغانستان، مارك كروسمان، الذي بدأ زيارة لقطر نفسها الاثنين.

وكانت ضغوط واشنطن على الرئيس الأفغاني قد بدأت منذ أن كشف لوزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، عن إحساسه بالمرارة إزاء إنه تُرك - على حد قوله - خارج الصورة تمامًا في ما يتعلق بمحادثات حكومتها مع طالبان، سواء في ميونيخ أو الدوحة.

ووفقًا لما نقلته صحيفة laquo;تايمزraquo; البريطانية يوم الاثنين، فقد بلغ التوتر بين واشنطن وكرزاي حد أن السفير في كابل، رايان كروكر، وضعه بين خيارين لا ثالث لهما: laquo;وافق على ما نفعل وضع توقيعك عليه، أو نعلن النصر العسكري وإنجاز مهمتنا، بما يعني أن نعجّل في انسحابنا من بلادك، ونترك لك مسألة التوصل منفردًا إلى حل سياسي على النحو الذي تريدraquo;.

وفي تراجع صارخ عن موقف كرزاي الأحد، قال نائب وزير الخارجية الأفغاني، جويد لودين، إن حكومته تنظر إلى محادثات السلام، باعتبارها laquo;أولى أولوياتهاraquo;. وأضاف قوله: laquo;إذا قررت الولايات المتحدة نقل معتقلي طالبان في غوانتنامو إلى قطر، وإتاحة الفرصة لهم من أجل لمّ شملهم مع عوائلهم، فلا يسع الحكومة الأفغانية إلا أن ترحّب بذلك وتدعمهraquo;.

مع كل هذا، فقد قال السفير الأميركي في كابول إن واشنطن لم تفصل بقرار نهائي بعد في مسألة تسليم مقاتلي طالبان إلى السلطات القطرية. لكنه رحّب بإعلان الحكومة الأفغانية الأخير، وأهاب في الوقت نفسه بطالبان نبذ العنف وإبداء أقصى درجات الالتزام بمحادثات السلام مع حكومة الرئيس كرزاي.

بموجب الاتفاق بين الإدارة الأميركية وطالبان، فستأتي الخطوات العملية تباعًا، وتبدأ بالإفراج عن اثنين من قادتها المعتقلين في غوانتمامو في أواخر آذار (مارس) أو مطالع نيسان (إبريل) المقبلين. في المقابل، يُتوقع أن تفرج طالبان عن بو بيرغدال، وهو جندي أميركي (25 عامًا) وقع في أسرها، وأن تعلن أيضًا عن نبذها الكامل للعنف، وهذا من شروط الاتفاق الأساسية.

ورغم أن المراقبين يشككون في قدرة هذا الاتفاق على الصمود على المدى البعيد في وجه مختلف التحديات والتغيّرات الأفغانية، التي لا يمكن التنبؤ بها، فثمة ترحيب عميق الآن باتخاذ طالبان الخطوة الأولى نحو التسوية السياسية السلمية.

الملا طيب سيد أغا

ويقول هؤلاء المراقبون إن غمرة الأحداث يجب ألا تصرف الأنظار عن الفضل العظيم، الذي يعود إلى ألمانيا في وصول الأمور إلى هذا الوضع الإيجابي. ويذكر أن هذا تسنى لها بعدما تمكن جهاز مخابراتها الخارجي laquo;بي إن ديraquo; من محادثة الملا طيب سيد أغا، الذي عمل ناطقًا باسم زعيم طالبان الملا محمد عمر عندما كان في السلطة.