أصبح في حكم المؤكد استمرار الأزمة السياسيّة التي تضرب العراق من دون حل خلال الأسابيع المقبلة على الأقل، بانتظار عودة الرئيس جلال طالباني من رحلة علاج إلى ألمانيا، قد تستمر أكثر من شهر، فيما دعا مجلس النواب كتلة العراقية إلى إنهاء مقاطعتها لجلساته، لكن هذه هددت بالانسحاب من العملية السياسيّة برمتها، والتحول إلى كتلة معارضة في حال عدم تنفيذ مطالبها.


أعلن في بغداد عن تأجيل اجتماع كان مقرراً اليوم الأحد للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني العام المنتظر عقده في بداية الشهر المقبل للقوى السياسيّة في البلاد من أجل حلّ الأزمة السياسيّة التي تشهدها، وتهدد بانهيار الحكومة.

وقال عضو في اللجنة إن الاجتماع قد تأجّل بسبب غياب راعي المؤتمر الرئيس طالباني، الذي يوجد في ألمانيا لاستكمال علاجات طبية ضرورية. لكن مصدرًا مطلعًا أبلغ quot;إيلافquot; أن الخلافات بين الكتل السياسيّة حول مكان وزمان وجدول أعمال المؤتمر هي التي أعاقت عقد الاجتماع. وأوضح أنه لوكان غياب طالباني هو السبب الحقيقي للتأجيل، فإنه كان من الممكن أن يوكل الرئيس من ينوب عنه إلى الاجتماع.

وأشار إلى أنّ غياب طالباني عن العراق قد يستمر أكثر من شهر، ما يعني أن المؤتمر الموعود لن يعقد في أوائل الشهر المقبل، وربما لن يعقد بشكل نهائي مع تفاقم الخلافات السياسيّة بين الكتل العراقية. وقال إنه تبعًا لذلك فإن حل الأزمة مؤجّل الآن مع كل ما قد يجرّه هذا من تصاعد خطر في التوتر الطائفي والانهيار الأمني، الذي تعيشه البلاد حاليًا.

وكان طالباني غادر إلى ألمانيا الأحد الماضي عقب ترؤسه أول اجتماع للجنة التحضيرية، التي أشار بيان عقب انتهاء اجتماعها إلى أنّها قررت عقد اجتماعها الثاني اليوم الأحد، لكن هذا لم يحصل بذريعة غياب طالباني.

وكانت الرئاسة العراقية قالت الجمعة الماضي إن طالباني quot;أجرى في ألمانيا عددًا من التحاليل والفحوصات الطبية ومداخلة جراحية في الفقرات، تكللت بالنجاح التام، وهو الآن بصحة جيدة وعافية تامةquot;. وأشارت إلى أنّه يقضي حاليًا فترة نقاهة اعتيادية قصيرة بتوصية وإشراف من الطبيب المعالج هناك.

وكان مقررًا أن تعقد اللجنة التحضيرية، التي تضم 13 عضوًا يمثلون مختلف الكتل الرئيسة، اليوم اجتماعًا لمناقشة وتنظيم الملفات التي ستطرح وتتم مناقشتها من قبل المشاركين في المؤتمر الوطني. وأعضاء اللجنة هم: النواب حسن السنيد وخالد الأسدي وبهاء الأعرجي وعمار طعمة عن التحالف الوطني.. وسلمان الجميلي وأحمد المساري وعدنان الجنابي وحسين الشعلان ممثلين للكتلة العراقية.. وفؤاد معصوم رئيس كتلة التحالف الكردستاني القيادي في حزب طالباني وروز شاويس نائب رئيس الوزراء القيادي في حزب بارزاني ممثلين للتحالف الكردستاني.

وقد انتهى الاجتماع الأول للجنة التحضيرية، الذي عقد الأحد الماضي، وضم الرئاسات العراقية الثلاث وممثلي الكتل السياسيّة الرئيسة الممثلة في مجلس النواب، من دون نتائج حاسمة لحلّ الأزمة السياسيّة، التي تعيشها البلاد، لكن المجتمعين قرروا تشكيل لجان تعدّ لجدول أعمال المؤتمر العام المنتظر للقوى السياسيّة ليعقد في بداية الشهر المقبل. كما وجّه المجتمعون دعوة إلى القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي لإنهاء مقاطعتها لاجتماعات مجلسي النواب والحكومة.

في ختام الاجتماع، قال بيان رئاسي عراقي إن اللقاء جاء فاتحة وبداية للقاءات والاجتماعات التحضيرية، التي تمهد لعقد المؤتمر الوطني العام، حيث أكد الرئيس طالباني في كلمة quot;أن القيادات السياسيّة تتحمّل مسؤولية تاريخية حيال مستقبل العراق بعد تخلصه من نير الدكتاتورية وإثر انسحاب القوات الأجنبية.

وأكد أن العراقيين، الذين توافرت لهم أجواء الحرية والديمقراطية، لا يمكن أن يفوّتوا فرصة التلاقي وتحمّل المسؤولية عن بناء بلد متطور جامع لكل مكوناته ومواطنيه، ودعا إلى تحاشي الخطاب المتشنج والاتهامات المتبادلة والعمل بروح الفريق الواحدquot;.

من جانبهم أعرب المتحدثون الآخرون على ضرورة تهيئة الأجواء المناسبة لتذليل الخلافات، والتوصل إلى شراكة حقيقية، أساسها الالتزام بالدستور وبناء الدولة.

العراقية تهدد بمغادرة quot;العملية السياسيّةquot; والبرلمان يدعوها إلى إنهاء مقاطعته

هذا ودعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب قصي السهيل الكتل السياسيّة إلى التهدئة وعدم التصعيد الإعلامي والجلوس معًا من أجل المباشرة بحوار وطني للخروج من الأزمة السياسيّة الحالية. وأكد السهيل قائلاً quot;إن علىكل الكتل السياسيّة التحلي بالحكمة وتغليب المصلحة الوطنية للبلد على المصالح الشخصية والفئوية، لأن تصعيد المواقف لن يخدم أحد، ولن يحل الإشكالات العالقة في العملية السياسيّة، بل سيزيد الأمور تعقيدًاquot;.

وأضاف في تصريح صحافي تلقته quot;إيلافquot; اليومquot; إن البلد يحتاج في المرحلة الحالية التهدئة وتكاتف الجميع لإعماره وخدمة أبنائه والسير به نحو بر الأمان، وإن الأزمات السياسيّة ستؤثر سلبًا على الأوضاع الأمنية والاقتصادية والخدميةquot;.

وأشار إلى أنّ quot;هناك جهودًا تبذل من قبل بعض الأطراف السياسيّة، ومنها كتلة الأحرار والهيئة السياسيّة للتيار الصدري لحل الأزمة السياسيّة، مطالبًا الجميع بدعم تلك الجهود والابتعاد عن التشنج في المواقفquot;.

وناشد المسؤول البرلماني الكتلة العراقية إنّهاء تعليق مشاركتها في الاجتماعات البرلمانية، والعودة إلى جلسات مجلس النواب.. وقال quot;إن مقاطعة البرلمان، الذي يمثل صوت الشعب، لا يصبّ في المصلحة العامةquot;.

وكانت العراقية أعلنت في منتصف الشهر الماضي عن تعليق مشاركتها في اجتماعات مجلس الحكومة والبرلمان احتجاجًا على الاتهامات بالإرهاب الموجّهة إلى نائب رئيس الجمهورية القيادي فيها طارق الهاشمي، وطلب رئيس الوزراء نوري المالكي من مجلس النواب سحب الثقة عن نائبه القيادي في العراقية صالح المطلك لوصفه إياه بالدكتاتور.

من جهتها هددت العراقية بالانسحاب من العملية السياسيّة وتشكيل معارضة في حال عدم حل الأزمة. وقد قررت العراقية في اجتماع لها أمس بمشاركة رؤساء الكتل داخلها استمرار مقاطعة جلسات مجلسي النواب والوزراء. وأشارت إلى أنّ القرار يأتي نتيجة لاستمرار ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي بتبني مواقف التصعيد وعدم اتخاذه أية إجراءات لحلّ الأزمة.

وقالت ميسون الدملوجي الناطق الرسمي باسم العراقية إنه في الوقت الذي تنصرف فيه الجهود من أجل الإعداد للمؤتمر الوطني المزمع انعقاده في المستقبل القريب فإن كتلة العراقية تحرص على تهيئة مستلزمات نجاح المؤتمر وتوفير بيئة سياسية مواتية تمهد للتوافق الوطني على مسائل وطنية مهمة لاتزال معلقة وتنتظر الحسم، وفي مقدمتها مراجعة عاجلة لملفات المعتقلين الأبرياء وسجناء الرأي وإيقاف حملة الاعتقالات العشوائية، التي تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية، وطالت مناطق متفرقة من العراق، مما يشير إلى أن ائتلاف دولة القانون (بزعامة المالكي) لا يسعى كما يدّعي إلى التهدئة وتوفير أجواء مريحة باتت مطلوبة من أجل إنجاح المؤتمر.

وأشارت في تصريح مكتوب تلقته quot;إيلافquot; إلى أنّ زعيم الكتلة أياد علاوي وكل أعضائها يؤكدون مجددًا ضرورة إطلاع قيادات العملية السياسيّة على مجريات التحقيق، والذي يبدو أنه قد سيّس، وتوفير أجواء مناسبة ومشرفة لمحاكمة عادلة ونزيهة لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وإنهاء التجاوزات غير الدستورية وغير القانونية، التي تعرّض لها السيد الهاشمي والسيد نائب رئيس الوزراء الدكتور صالح المطلك ووزراء العراقية الآخرون.

وأكدت التزام العراقية بموقفها المبدئي في quot;التصدي للظلم الذي تعرّض له أبرياء حرموا من الحرية بسبب وشاية أو شبهة، وتعلن موقفها للرأي العام في الداخل والخارج بأن رغبتها في معالجة هذه الملفات قبل انعقاد المؤتمر نابع من حرصها على إنجاحه، وكي ينصرف المؤتمرون في حينه للتصدي إلى ملفات وطنية مهمة وحساسة لاتزال تنتظر التوافق الوطني في صددها وإنهاء الأزمة السياسيّةquot; في العراق.

من جانبه دعَا التحالف الوطني quot;الشيعيquot; العراقية إلى التراجع عن طريقة التهديدات واللجوء إلى الحوارات البناءة لحل المشكلات العالقة. وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون فالح الزيادي إن أسلوب التهديدات الذي تنتهجه العراقية لا يجدي نفعًا، وهو أسلوب مستهلك لا يقبل النقاش، خاصة في ما يخص طرحها موضوع سحب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي.

وأشار إلى أنّ المؤتمر الوطني المنتظر هو الفرصة الكبيرة لحل المشاكل العالقة بين القائمة العراقية وائتلاف دولة القانون، ولكن يجب أن تكون مطالب العراقية ضمن إطار القانون والدستور.

يذكر أن الخلافات بين المالكي وشركائه في القائمة العراقية قد تصاعدت إثر إقامة دعوى ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في العراقية طارق الهاشمي بتهمة quot;قيادة فرق موتquot;، وكذلك مطالبته بحجب الثقة عن نائبه القيادي في العراقية صالح المطلك إثر اتهامه للمالكي بـ quot;الدكتاتوريةquot; وquot;الانفرادquot; بالسلطة، ما دعاهم إلى مقاطعة اجتماعات مجلسي الحكومة ومجلس النواب.

كما أعطى المالكي لوزراء العراقية الثمانية المقاطعين لجلسات مجلس الوزراء إجازة مفتوحة بدلاً من إقالتهم، كما كان صرح في وقت سابق. لكن الهاشمي، الذي لجأ إلى إقليم كردستان الشمالي، ينفي بشدة التهم الموجّهة إليه بدعم الإرهاب، ويطالب بنقل محاكمته إلى كردستان، الأمر الذي تعارضه بغداد. وسببت الاتهامات التي وصفت المالكي بـquot;ديكتاتور أسوأ من صدامquot;، والتي أطلقها المطلك، أزمة إضافية، ودفعت المالكي إلى مطالبة مجلس النواب بسحب الثقة عنه.