كان أبو أحمد خياطًا قبل الحرب، لكنه اليوم لا يريد إلا البقاء على قيد الحياة، شأنه شأن كثيرين من سكان حلب المنكوبة، بعد أكثر من شهرين من معارك ضارية، هدمت الحجر وهجرت البشر... أو قتلتهم.


حلب: على بعد مئة متر من الجبهة خلا شارع اسماعيل باشا المؤدي الى الاسواق التي تدور حولها المعارك بين المعارضة وقوات النظام من سكانه، لكن بعض التجار ما زالوا يحاولون كسب حفنة ليرات يوميًا مع تغيير بضائعهم.

ويدير بكري وناصر كشك والدهما الصغير لبيع البن وحب الهال.

السوريون يطورون قدراتهم من اجل البقاء

لكن الا يخشى الفتيان البالغان الثامنة والعاشرة من العمر تبادل اطلاق النار المستمر بين المقاتلين. quot;بلى، انا اخاف. من لا يخاف؟quot; أكد البكر مبتسمًا.

بجوارهما كان اللحام يرمي بقايا كبيرة من لحم الغنم الى القطط الرابضة تحت هيكل سيارة متفحم بمواجهة متجره. ثم بدأ يغسل عتبة ملحمته بكميات كبيرة من المياه.

ووصل بائع السجائر بقميص ممزق عارضًا علب الغولواز بلوند والمارلبورو المهربة. وقال: quot;هذا عملي منذ اسبوع، انا في الاصل بائع ملابس لكن لم يعد لدي زبائنquot;.

ثم يمر بائع الخضار تكرارًا فيعرض الخس والبقدونس والفجل. ثم بائع الذرة المسلوقة الذي غير مهنته هو ايضًا منذ ثلاثة اشهر.

ويقول زكريا انه يعمل من الثامنة صباحا الى 11 ليلاً.

كل صباح يشتري 100 عرنوس ذرة بعشر ليرات ونصف للواحد ويبيعها بـ15 ليرة.

في هذه اللحظة تحلق طائرة تابعة للجيش فوق المنطقة وتعبر مرتين ذهابًا وايابًا، فيتابعها السكان بانظارهم صامتين.

ابو احمد الذي فضل عدم الكشف عن هويته كاملة كان خياطًا قبل اندلاع النزاع لكن quot;لم يعد هناك عملquot;.

ويقيم الرجل البالغ 53 عامًا في الشارع نفسه في المدينة القديمة منذ 22 عاماً، وليس لديه اي مكان يذهب اليه ولا يريد أن يضاف الى دفق النازحين واللاجئين في الدول المجاورة.

ويقول quot;اريد البقاء هنا. اعيش هنا أو اموتquot;.

ودعا بدوره كغيره من المتحدثين الآخرين المدنيين والمقاتلين quot;الشعب الفرنسي الى الضغط على حكومته لتوقف مقتل المدنيينquot;.

وقال quot;فرنسا استعمرت سوريا، انها تعرفنا جيدًا، وهي اول دولة ينبغي أن تساعدنا. يمكنها فعل ذلك في السر، عبر شحنات فعلية من السلاحquot;.

لا أحد من السكان يجرؤ على التحرك ليلا

بانتظار نهاية النزاع المستمر منذ 18 شهرًا ينبغي البقاء وادارة نقص المال.

التقط بائع السجائر باقة بقدونس وقال: quot;كل شيء يرتفع ثمنه، كان سعرها ليرة (0,013 دولار) واليوم باتت ب25 ليرةquot; (0,32 دولار).

وبدأ يعدد السلع التي تتزايد اسعارها بحدة. فسعر البيضة ارتفع من ليرتين (0,02 دولار) الى 12 (0,15 دولار)، وعشرة ارغفة من الخبز من 25 ليرة الى 50 وعبوة الغاز من 275 ليرة الى 4000.

مع انتهاء النهار يخلي السكان شارع اسماعيل باشا. وقال ابو احمد: quot;لم نعد نجرؤ على امضاء الوقت خارجًا بعد حلول الليلquot;.