المالكي متحدثًا في مؤتمر الطاولة الذهبية في موسكو

في موقف يتناغم والتوجه الروسي فقد أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من موسكو رفض بلاده إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد بالقوة محذرًا من التداعيات الخطيرة لذلك على دول المنطقة وشدد على حق بلاده في الحصول على اسلحة دفاعية روسية وقال ان بلاده تجاوزت التحديات الامنية والفتنة الطائفية والمذهبية التي حاولت بعض الدول تصديرها الى العراق فيما ذكرت تقارير ان البلدين وقعا عقودا تسليحية قيمتها 4.2 مليارات دولار.


وحذر رئيس الوزراء العراقي في كلمة في مؤتمر quot;الطاولة الذهبيةquot; في موسكو بحضور وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من خطورة الأزمة في سوريا ومن تداعياتها على باقي الدول... ومن quot;اشعال النيران والتدخل لإسقاط الانظمة السياسية بالقوة كما يحصل في سورياquot;.

وأشار إلى أنّ الوضع في سوريا مختلف نتيجة عوامل عديدة وقال quot;ان رؤيتنا لحل هذه الأزمة أعلناها منذ بدء الأزمة وقدمنا مبادرة تحقق للشعب السوري ما يصبو اليه وتجنب سورية وشعبها والمنطقة مخاطر الاقتتال والتدخل الخارجيquot;.

واضاف ان العراق قد تمكن quot;من تجاوز التحديات الامنية والفتنة الطائفية والمذهبية التي حاولت بعض الدول تصديرها الى العراق وتصدير التطرف الدينيquot;... ودعا الجميع الى الوقوف بوجه هذه المحاولات والحذر والانتباه من مخططات المتطرفين ومعربا عن اسفه لانتعاش وعودة بعض التنظيمات المتطرفة في بعض بلدان المنطقة في إشارة الى تنظيم القاعدة كما نقل عنه مكتبه الاعلامي اليوم.

وحول مباحثاته الحالية مع القادة الروس قال المالكي الذي بدأ امس زيارة رسمية الى روسيا تستغرق ثلاثة ايام quot;ان رغبتنا في مشاركة جمهورية روسيا الاتحادية بحملة اعمار العراق تقف على رأس اهداف زيارتنا الحالية وقد اصطحبنا وزراء النفط والتجارة والدفاع ورئيس هيئة الاستثمار لتجديد رغبتنا في تعميق العلاقات بين البلدين في هذه المجالات الحيوية ولتفعيل علاقات التعاون الاقتصادي بما يخدم بلدينا وشعبينا الصديقينquot;.

وشدد المالكي على حق بلاده في الحصول على اسلحة دفاعية من روسيا معتبرا ذلك حقا طبيعيا وقال quot;من حق العراق امتلاك اسلحة للدفاع عن سيادته الوطنيةquot;. وقال إن العراق يأمل في الحصول على دعم روسيا في ميداني الدفاع والتسلح مشددا على ضرورة حيازة العراق على الأسلحة التي تمكنه من الدفاع عن نفسه ومن مكافحة الإرهاب. وأشار إلى أن بلاده تحتاج إلى أسلحة حديثة لا بد منها لمكافحة الإرهاب في مختلف الظروف الجبلية والصحراوية.

وأكد أن العراق يحافظ على علاقة جيدة مع الولايات المتحدة ومع إيران مشددا على عدم رغبة السلطة العراقية أو الشعب العراقي في العيش في دوامة من النزاعات. وقال إن العراق بشرائه الأسلحة من روسيا ينطلق من حاجاته الداخلية وبالتالي يشتري السلاح الذي يحتاجه.

واضاف المالكي انه على الرغم من كل ما تحقق من quot;تجربة ديمقراطية في العراق وماقدم من تضحيات في سبيلها، إلا ان الطريق امامنا مازال طويلاquot;... مؤكدًا أن العراق يسعى اليوم إلى اقامة دولة المواطن والمؤسسات التي تحارب كل مظاهر التخلف والفساد، وإلى بناء جيش قادر على حماية أراضيه وسيادته لاجيشا يعتدي على الآخرين quot;كما نسعى إلى تقوية الاقتصاد العراقي وتنويع الدخل القومي وتفعيل القطاعات الداعمة كقطاع السياحةquot;.

وأشار إلى أنّ العراق نجح في إقامة علاقات متوازنة وجدية وبدء عهد جديد من الانفتاح على دول العالم. يذكر أن العراق يدعو الى حل الأزمة السورية عبر الحوار، وسبق ان طرح مبادرة تقوم على اجراء انتخابات جديدة وتشكيل حكومة انتقالية.

المالكي مع رئيس الوزراء الروسي

وترفض بغداد تسليح طرفي النزاع في سوريا حيث يدور صراع دامٍ منذ منتصف اذار (مارس) عام 2011 بين السلطة والمعارضة التي تعرضت للقمع اثر مطالبتها بإسقاط النظام قبل ان تتحول الى حركة مسلحة. كما ترفض موسكو تسليح المعارضة السورية وقد استخدمت حق النقض (الفيتو) لمنع صدور قرارات عبر مجلس الامن الدولي تدين استخدام نظام الرئيس السوري بشار الأسد للعنف.

المالكي يبحث مع رئيسي الحكومة والدوما الروسيين الاستثمارات النفطية

وعلى الصعيد نفسه فقد بحث المالكي اليوم مع نظيره الروسي ديمتري مدفيديف العلاقات الثنائية وأطر التعاون بين البلدين، وترأسا اجتماعا ضم عددا من الوزراء من كلا البلدين. وقال المالكي خلال الاجتماع ان العراق اليوم يسعى الى تعزيز علاقاته مع الدول الصديقة وفتح مجالات للتعاون لاسيما في قطاعات الطاقة والزراعة والتجارة، مضيفًا أن زيارته السابقة لموسكو عام 2008 أسست لعلاقات متوازنة أساسها المصالح والاحترام المتبادل، وانه سعى خلال هذه الزيارة الى بحث جميع السبل والآليات التي من شانها تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية. وأكد تطابق الرؤى بين البلدين في التحديات التي تواجه المنطقة وكيفية تجاوزها.

من جهته أكد رئيس الوزراء الروسي استعداد بلاده للتعاون وتعزيز العلاقة مع العراق موضحا ان روسيا لديها الرغبة في توطيد العلاقة مع الشعوب العربية والعراق من بين تلك الدول التي تسعى الى تعزيز سبل للتعاون معه من خلال رفده بكل ما يحتاجه من امكانيات في مجال الطاقة والنفط.

كما اعرب المالكي خلال اجتماعه في موسكو اليوم ايضا مع رئيس مجلس الدوما (البرلمان) سيرغي ناريشكين عن رغبة العراق في تطوير علاقاته مع روسيا الاتحادية مؤكدا ان تنوع الوفد الذي يضم وزراء الخارجية والنفط والدفاع والتجارة ومسؤولين اخرين يبين رغبة العراق في توسيع العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، مشيرا الى حضور الشركات الروسية في العراق وداعيا الى تنشيط هذا الحضور والمساهمة في عملية اعمار العراق، كما دعا روسيا الى مساندة الجهود العراقية للخروج من طائلة البند السابع.

من جانبه، أكد رئيس مجلس الدوما استعداد بلاده لدعم العراق في جهوده الرامية للخروج من الفصل السابع وتعزيز مكانته الدولية، داعيا الى تنمية العلاقات الثنائية في مختلف المجالات. وحضر اللقاء اعضاء الوفد الوزاري والنيابي المرافق للمالكي حيث أشار وزير النفط عبد الكريم لعيبي إلى أنّ التعاون في مجال الصناعات النفطية بين العراق وروسيا الاتحادية في تنام مستمر وسيتم خلال الاسبوعين القادمين التوقيع على استكشاف رقعتين جديدتين بين العراق واحدى الشركات النفطية الروسية.

ومن جانبه دعا وزير التجارة العراقي الى رفع مستوى التبادل التجاري بين الجانبين بينما قدم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب همام حمودي لرئيس مجلس الدوما دعوة لزيارة العراق.

ومن المنتظر ان يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع المالكي غدا الاربعاء quot;لبحث آفاق تطوير التعاون في المجال السياسي والاقتصادي والتجاري والانساني بين البلدينquot;. كما ستتركز المباحثات على امكانية توسيع التعاون الاستثماري بين البلدين ومشاركة الشركات الروسية في تنفيذ المشاريع العراقية الضخمة خاصة في مجال الطاقة. وسيتبادل الطرفان ايضا الآراء حول القضايا الاقليمية والدولية، خاصة الاحداث الجارية في الشرق الاوسط والوضع القائم في سورية.

عقود تسليح روسية للعراق قيمتها 4.2 مليارات دولار

ومن جهتها قالت مصادر عراقية ان مباحثات المالكي مع القادة الروس ستتناول تسليح الجيش العراقي بمعدات وأسلحة ونظام دفاع جوي ومروحيات إضافة إلى قيام شركات روسية بعمليات استثمار للنفط العراقي، كما ستكون الأزمة السورية وتداعياتها على المنطقة ضمن مباحثات المالكي مع القادة الروس.

وقد أشارت تقارير من موسكو اليوم إلى أنّ العراق قد وقع عقودا تسليحية قيمتها 4.2 مليارات ستزوده روسيا بقيمتها اسلحة ومعدات دفاعية تتضمن نظام دفاع جوي ومروحيات لمكافحة الارهاب وحماية الحدود الدولية للعراق. وقالت وكالة رويترز للانباء ان وثيقة نشرت اليوم خلال اجتماع المالكي ونظيره الروسي ميدفيديف ان العراق وقع عقودا خلال الاشهر القليلة الماضية لشراء اسلحة من روسيا تزيد قيمتها على 4.2 مليارات دولار. وجاء في الوثيقة ان العقود وقعت خلال زيارات لروسيا قام بها وزير الدفاع العراقي وكالة سعدون الدليمي خلال الاشهر الماضية نيسان (ابريل) وتموز (يوليو) وآب (أغسطس) لكن الوثيقة لم تقدم تفاصيل تلك العقود.

وسيزور المالكي ايضًا جمهورية التشيك يومي الخميس والجمعة المقبلين عقب انتهاء زيارته الى موسكو حيث سيكون ملفا التسليح والعلاقات الاقتصادية في مقدمة المواضيع التي ستبحث خلال الزيارة. والوزراء الذين سيرافقون المالكي في زيارته هم وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي ووزير المالية رافع العيساوي ووزير النفط المهندس عبد الكريم العيبي ووزير الكهرباء المهندس عبد الكريم عفتان، اضافة الى وزير الصناعة احمد دلي الكربولي، الى جانب عدد من المسؤولين واعضاء من مجلس النوابquot;.

ويرى خبراء أن زيارة المالكي الى روسيا لن تهمل ملف الأزمة السورية وأن المشروع العراقي لحلها سيكون حاضرًا وبقوة. يذكر أن العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفيتي والعراق كانت قد اعلنت في التاسع من ايلول (سبتمبر) عام 1944، ثم انقطعت في كانون الثاني (يناير) عام 1955 بمبادرة من الحكومة العراقية، واستؤنفت العلاقات الدبلوماسية في 19 تموز (يوليو) عام 1958 بعد قيام الجمهورية في العراق. وقد تقلص النشاط الروسي في العراق الذي كان يرتبط مع موسكو بعلاقات عسكرية وسياسية متينة بدرجة كبيرة بعد سقوط النظام السابق عام 2003 نتيجة الأوضاع الأمنية المتدهورة بما فيه إزاء المواطنين الروس.

وقد زار العراق في كانون الثاني (يناير) عام 2009 للمرة الاولى بعد عام 2003 وفد روسي رفيع المستوى برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس الفيدرالية الروسي الكسندر تورشين. وقد أجرى الوفد مباحثات مع القيادة العراقية العليا في شتى مجالات التعاون الثنائي، ابتداءً من المشاريع في مجالي الطاقة والامن، بما في ذلك استئناف التعاون العسكري التقني وانتهاءً بمسائل التعاون في مجال التعليم.