يعكس المقترح التركي بتولي نائب الرئيس السوري فاروق الشرع رئاسة حكومة انتقالية، قبولا من قبل عدد من الأطراف السورية المعارضة، ومللا دولياً بضرورة البحث عن حل مقبول بأدنى التنازلات، وربما يعكس موافقة حكومية سورية أيضا بعد تسريبات عن موافقة روسيا وإيران المشروطة عليه.


أمستردام: المفاجأة التي أثارها وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو بترشيحه نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ليرأس أول حكومة انتقالية كحل لإنهاء الأزمة السورية، تعكس تعباً دولياً من الأزمة السورية التي طال أمدها ويزداد كل يوم عدد ضحاياها.
ولم يطرحها أوغلو لولا مفاتحة أطراف سورية ودولية، خاصة الحليفة للنظام السوري، حولها. فقد أوضح أن مقترحه الذي أعلنه لشبكة التلفزيون التركي quot;تي آر تيquot; مطلع الشهر الحالي تميل المعارضة السورية لقبوله. وقد أثنى أوغلو على الشرع بوصفه له بـquot;رجل عقل وضمير ولم يشارك في المجازرquot;، مؤكداً أنه لا أحد سوى الشرع يعرف النظام في سورية بشكل أفضلquot;.
مديح أوغلو للشرع يبدو لتسويقه وإقناع المترددين من المعارضة السورية بقبوله كحل انتقالي، لإنهاء الأزمة التي أثارت تعب الأطراف الدولية وتودي كل يوم بعشرات الضحايا وتزداد تعقيداً كل يوم.

لكن، ظهر الاختلاف بين اطراف المعارضة السورية سريعاً، كما بات دارجاً وسمة لها، حول قيادة الشرع حكومة انتقالية؛ فقد رأى عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري نجيب الغضبان أن quot;الطرح التركي في شأن قيادة نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع المرحلة الانتقالية يحمل الكثير من المفارقات خصوصا في هذه المرحلة، وكان من الممكن أن تقبل به المعارضة حين طرحته الجامعة العربية في المبادرة الثانية وحاولت التصديق عليه من مجلس الأمن الدولي وفشلتquot;، ولافتا الى أن quot;المرحلة التي أعقبت المبادرة الثانية حملت الكثير من التطورات على المستويين الميداني والسياسي، وهذا يستدعي التدقيق في شكل جيد في اختيار الشخصية التي يجب أن تقوم بهذه المهمةquot;.
وشدد الغضبان على quot;وجود شخصيات وطنية قادرة على تولي هذه المهمة أكثر من فاروق الشرعquot;، مقدما quot;رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب ليكون له دور في هذه المرحلة لأنه يتصف بالصدقية وليست لديه أي نقطة سوداء في تاريخه السياسي ولم يتورط في الفساد، على حد تعبيره.

ويرى أن في ترشيح اسم الشرع رسالة من أنقرة تهدف الى طمأنة الايرانيين والروس، بأنه سيكون لهم دور ما في المرحلة الانتقاليةquot;، مشيرا الى أن quot;الاتراك ربما يحاولون التواصل مع بعض القيادات في النظام وأتصوّر أنه ربما جرى تواصل بينهم وبين الشرع انطلاقا من أن القضية السورية معقدة وتحتاج الى أطراف مؤهلة لتجاوز الكثير من المشاكل في حقبة ما بعد رحيل بشار الأسد، والشرع كما نعرف يملك مفاتيح سياسية قد تساعده على قيادة المرحلة الانتقاليةquot;.
برهان غليون الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري نفى أن يكون قبول المعارضة بالاقتراح التركي قد جاء كنتيجة لشعورهم بأن المعركة قد طال أمدها، مشددا على عدم وجود نزاع أو حرب إلا وينتهي بمفاوضات، وقال quot;هناك أناس موجودون في الدولة ليسوا بالضرورة متورطين في الجرم والقتل quot;.

واكد أن المعارضة ممكن أن توافق على هذا الاقتراح في حال قبل الأسد فعليا التنحي عن الحكم، مستبعداً أن يكون الشرع الآن في هذا المنحى، أي أنه ليس قادرا على شغل هذا المنصب أو راغبا في شغله quot;. حسب كلام غليون.
لم يظهر الى الان رفض أو قبول الشرع نفسه بهذا الترشيح، ولن يظهر الا في حالة واحدة وهي الرفض، غير أن غياب أي تعليق رسمي سوري يعكس ما تسرب قبل وبعد طرح اسم الشرع من أن الرئيس السوري بشار الأسد يوافق على خروج quot;مشرّفquot; مشابه لخروج الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، لكن هناك إصراراً أميركيا وفرنسيا على تركيع الأسد وأن يكون مصيره كمصير الرئيس الليبي معمر القذافي أو الرئيس المصري حسني مبارك، وفق هذه التسريبات.

من جانبه اعتبر عضو مجلس الشعب السوري خالد العبود أن quot;كلام وزير الخارجية التركي عن وجوب تولي نائب الرئيس السوري فاروق الشرع للسلطة في سوريا يشبه كلام السلطان الذي يوزع الأدوار على المنطقةquot;، مشددا على أن quot;هذا لا يقبل لا في المنطقة ولا في علاقات الجوارquot;. ورأى العبود أن quot;الذهاب باتجاه الشرع يعني الذهاب باتجاه منظومة مذهبية جديدة أي خلخلة البنية السياسية للدولة السوريةquot;.

الجامعة العربية والمعارضة السورية في مؤتمراتها السابقة طالبت لمرات بأن يسلم الرئيس الأسد منصبه لنائبه ويتنحى، أي قبل أن يطرحه وزير الخارجية التركي بأشهر وربما بعام. لكن لان تركيا تعد من أكبر اللاعبين العلنيين في الأزمة السورية وجاء المقترح منها أثار كل ردود الأفعال هذه، التي يميل أغلبها للموافقة عليه حتى من قبل التنظيمات والشخصيات الاسلامية المعارضة، ويعكس موافقة خليجية أيضاً بكون الشرع من طائفة الأغلبية السنية، ولم يظهر في الاعلام كثيراً منذ نشوب الازمة السورية الا مرات قليلة بينها رعايته لمؤتمر حوار مع معارضين داخليين، لم يتسن له النجاح.
ويرى مراقبون أن شخصية الشرع الوسطية تؤهله للعب هذا الدور الذي قد يكون الورقة التي سيناور بها الرئيس السوري لخروجه الامن من السلطة، من خلال توسط روسي وإيراني.

وكانت إيلاف قد طرحت مقترح ترشيح نائب الرئيس السوري فاروق الشرع لتولي حكومة انتقالية في سوريا على قرائها الذين وافقت أغلبيتهم 70% (6468) عليه، فيما رفضه 30% (2785) يرون أنه غير مناسب لتولي رئاسة الحكومة الانتقالية بديلا عن الرئيس السوري بشار الأسد. وبلغ عدد القراء المشاركين في التصويت على سؤال إيلاف للاسبوع الماضي 9253.