تنظم فرنسا اليوم الاربعاء اجتماعًا دوليًا لدعم quot;المجالس الثورية المدنيةquot; السورية التي تتولى خصوصًا إدارة المناطق quot;المحررةquot; في شمال سوريا، بمشاركة ممثلي منظمات غير حكومية وموظفين كبار من عشرين بلدًا.


باريس: اتهم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الاربعاء النظام السوري باستخدام قنابل عنقودية بعد اتهامات مماثلة صدرت عن منظمات غير حكومية، وهو ما نفته دمشق.

وصرح فابيوس خلال لقاء في باريس مع ممثلين عن quot;المجالس الثورية المدنيةquot; التي تتولى ادارة المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون في شمال سوريا، quot;في الاشهر الماضية ... تجاوز النظام مرحلة جديدة في العنف من خلال لجوئه الى (مقاتلات) ميغ ثم الى القاء براميل متفجرات تي ان تي واخيرًا والاكثر خطورة الى القنابل العنقوديةquot;.

ويشارك ممثلون من عشرين دولة ومنظمة حكومية في اللقاء في مقر وزارة الخارجية والذي يهدف بحسب الوزير الى quot;استعراض مجمل سبل تقديم الدعم الى الشعب السوريquot;. وتقدم فرنسا منذ اشهر مساعدة مالية وانسانية الى هذه المناطق التي طردت منها قوات نظام الرئيس بشار الاسد.

واضاف فابيوس أن هذه المناطق تشكل quot;نصف الاراضي السوريةquot; وهي موزعة في مختلف انحاء البلاد. وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش اعلنت الاحد أن سلاح الجو السوري القى مؤخرًا قنابل عنقودية بالقرب من معرة النعمان حيث الجيش يواجه متمردين يحاولون قطع الطريق المؤدية الى حلب (شمال).

وردت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة الاثنين بأن quot;الجيش السوري لا يملك مثل هذه الاسلحةquot;، واضافت quot;أن بعض وسائل الاعلام المضللة والشريكة في جريمة سفك الدم السوري دأبت موخرًا على نشر اخبار كاذبة مفادها أن الجيش العربي السوري يستخدم في مواجهة العناصر الارهابية المسلحة قنابل عنقوديةquot;.

ولم تصادق سوريا على معاهدة الاسلحة العنقودية التي اعتمدتها 107 دول في العام 2008، وهي تحظر تصنيع وتخزين ونقل واستخدام هذا النوع من الاسلحة وتنص على تدمير المخزونات الموجودة اصلاً. وتعتبر القنابل العنقودية اكثر ايذاء خصوصًا للسكان وحتى بعد مرور فترة طويلة على انتهاء النزاع.

وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فانسان فلورياني إن ممثلين عن خمسة quot;مجالس مدنيةquot; سورية سيشاركون في هذا الاجتماع الذي تنظمه وزارة الخارجية الفرنسية في حضور وزير الخارجية لوران فابيوس، لكنه لم يقدم المزيد من الايضاحات عن المشاركين.

وتفاخر باريس بأنها في الطليعة لجهة مساعدة quot;المناطق المحررةquot; في سوريا خصوصًا في الشمال حيث لم تعد القوات النظامية موجودة والتي تديرها الان مجالس مدنية و/أو عسكرية محلية.

واضاف فلورياني أن مساعدة المناطق quot;المحررةquot; quot;تهم الكثير من المنظمات غير الحكومية والدول. يجب أن تعقد لقاءات لتطوير هذا النوع من آلية المساعدة. ويتعلق الامر بتقاسم الخبرة وربما بدء تنسيق بين جميع المبادرات التي يمكن اتخاذها. ويقيم نحو مليون سوري في الاجمال في quot;المناطق المحررةquot; بحسب مصادر دبلوماسية فرنسية.

وحتى الآن، كانت باريس تعمل بمفردها لدعم هذه المناطق ساعية بذلك إلى تحقيق عدة أهداف متشابكة؛ أولها مساعدة السكان المدنيين وتوفير الحاجيات والخدمات الأساسية لهم وتمكينهم من البقاء في مناطقهم، فضلاً عن quot;التحضير لمرحلة ما بعد سقوط الأسدquot;، وفق ما تقوله المصادر الفرنسية.

وبعد أن كانت quot;المبادرةquot; الفرنسية شبه معزولة، فإن الاتصالات التي قام بها المسؤولون الفرنسيون خصوصًا بمناسبة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر الشهر الماضي، فتحت الباب أمام التعريف بها وإبراز أهميتها، التي لا تنحصر في الأهداف الإنسانية؛ بل لها جوانب سياسية واضحة.

وتعمل باريس، منذ ما يزيد على شهر، على مساعدة عدد من البلديات في الشمال السوري التي خرجت عن سيطرة الدولة السورية، والتي تديرها مجالس ثورية مدنية أو مختلطة quot;مع عسكريينquot;، عبر تقديم الأموال أو المساعدة على تأهيل الشرطة وتوفير الخدمات الأساسية.

وتبدو المساعدات الإنسانية والدعم المقدم للمجالس المحلية على أنها، إلى جانب الاستمرار في فرض العقوبات الاقتصادية، البديل المتوفر في ظل تعطل المبادرات السياسية والدبلوماسية المحصورة في الوقت الراهن في الجهود التي يبذلها المبعوث العربي - الدولي الأخضر الإبراهيمي. ورغم أن الأخير يحظى بدعم quot;علنيquot; من جميع الأطراف، فإن قليلين جداً يعتبرون أن له حظاً في تحقيق تقدم ما، خصوصًا على صعيد وضع حد للقتل والعنف والسير في حل سياسي.

ونددت مصادر فرنسية أمس بـquot;التناقضquot; الواضح في موقف الوزير الروسي سيرغي لافروف الذي عبر عنه في اجتماعه بوزراء الخارجية الأوروبيين في لوكسمبورغ مساء الأحد الماضي، متسائلة عن كيفية التوفيق بين تبني بيان المؤتمر المذكور، من جهة، واعتبار أن الأسد لن يترك الحكم إطلاقًا من جهة أخرى.

أوروبا تعاقب الحكومة السورية

إلى ذلك، نشر الاتحاد الأوروبي في جريدته الرسمية قائمة الأسماء والكيانات التي أضيفت إلى لائحة العقوبات، والتي تتضمن حظر سفر هؤلاء إلى الأراضي الأوروبية وتجميد أرصدتهم، وبالتالي أصبح قرار إضافتهم إلى اللائحة ساري المفعول.

وضمت القائمة أعضاء الحكومة السورية الحالية، على أساس أنها تتحمل المسؤولية عن العنف والقمع ضد المدنيين السوريين، وشملت القائمة وليد المعلم نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية، وقدري جميل نائب رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية والتجارة الخارجية، واللواء فهد جاسم فريج وزير الدفاع، والدكتور عبد الستار سيد محمد وزير الأوقاف، ومحمد ظافر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، ووزراء السياحة هلا محمد ناصر، والموارد المائية بسام حنا، والتعليم العالي محمد يحيي، والنقل محمود إبراهيم، والتربية والتعليم عويس الهزوان، والزراعة صبحي أحمد عبد الله، والأشغال العامة ياسر السباعي، والإسكان والتعمير صفوان العساف، إلى جانب وزراء الثقافة، والعمل والشؤون الاجتماعية، والنفط والثروة المعدنية، والإعلام، والعدل، والصحة، والصناعة، ووزراء الدولة لشؤون البيئة، والمصالح الوطنية، ووزراء دولة من دون حقيبة محددة وهم محمد تركي ونجم الدين خرايت وجمال شعبان وعبد الله خليل.

كما شملت القائمة سليمان معروف، وهو يحمل جواز سفر بريطانيًا، ويشرف على شركة تملك أسرة الأسد أسهمًا فيها وتدعم النظام السوري، وأخيرًا رضا عثمان زوجة رامي مخلوف ابن عم بشار الأسد والذي يدعم النظام.

أما الكيانات التي أضيفت فهي شركة quot;ميغاترادquot; في شارع حلب بدمشق، وتعمل بالتعاون مع معهد للبحوث العسكرية ونشاطها يدخل في إطار التجارة في المواد ذات الاستعمال المزدوج، والتي سبق حظرها من جانب الاتحاد الأوروبي في عقوباته السابقة على النظام السوري. وشركة quot;شركاء الخبرةquot; في شارع صلاح الدين في دمشق، ولها نفس نشاط الشركة الأولى.

وأشارت الجريدة الرسمية للاتحاد إلى بقاء الوزراء الآخرين الذين وردت أسماؤهم في عقوبات سابقة، وأيضًا الوزراء الذين وردت أسماؤهم في العقوبات ولم يعد لهم وجود في الحكومة.

وحسب مصادر المؤسسات الأوروبية في بروكسل فإنه انطلاقًا من النهج الأوروبي الذي ينص على الاستمرار في فرض العقوبات ضد النظام السوري والمتعاونين معه، طالما استمر العنف والقتل ضد المدنيين، يضيف رؤساء دبلوماسية الاتحاد الأوروبي الأشخاص والكيانات التي تعتبر من وجهة نظرهم مرتبطة بالأعمال القمعية لنظام دمشق، على اللائحة. وبالحزمة رقم 19 أصبح إجمالي الأشخاص في اللائحة 181 شخصًا و54 كيانًا.

السعودية: ساعة رحيل النظام السوري قد أزفت

من جانبها، أكدت السعودية ضرورة أن يدرك النظام السوري أن ساعة الرحيل قد أزفت، وأنه لا يمكن له أن يبني حكمًا على قواعد من الجماجم والأشلاء.

وقال السفير عبدالله بن يحيى المعلمي مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، في كلمة له أمام مجلس الأمن في المناقشة المفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط إن quot;النظام السوري لابد أن يدرك أن ساعة الرحيل قد أزفت وأنه لا يمكن له أن يبني حكمًا على قواعد من الجماجم والأشلاء أو أن يروي عطشه للسلطة بدماء الأبرياءquot;.

وأضاف المعلمي كما ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) أن quot;الوضع المأساوي في سوريا بلغ مبلغًا خطيراً وما زال عدد الضحايا يرتفع يومًا بعد يوم وازدادت أعداد اللاجئين والنازحين والمشردينquot;.
وتابع: quot;هذا بسبب ما يبديه النظام السوري تجاه شعبه من صلف وإصراره على اعتبار مواطنيه أعداء ينبغي سحقهم بزخات الرصاص ونيران المدفعية وقذائف الطائرات والمروحياتquot;.

وأوضح أن quot;النظام (السوري) تجاوز في عدوانه حدود بلاده فأضحى يهدد أمن المنطقة بأسرهاquot;، مستندًا في ذلك quot;الى الدعم العسكري والغطاء السياسي الذي تمنحه إياه بعض الدول الكبرى ومستمراً في المراهنة على الحل العسكريquot;. وأكد المعلمي تأييد المملكة للمساعي التي يقوم بها المبعوث العربي والأممي المشترك بشأن سورية الأخضر الإبراهيمي.