دعا عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، إلى تشكيل حكومة سورية ترضي طموحات الشعب السوري وتطمئن المنطقة، فيما أكد برهم صالح، نائب الامين العام لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أن الأكراد لا يخشون تسليح الجيش العراقي وإنما عقلية مستخدمي السلاح.


قال رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم إن هناك عشرات الآلاف ممن قتلوا في المعركة الطاحنة في سوريا منذ 18 شهرًا، وهناك استهداف كبير للبنى التحتية، وأضاف: quot;نحن في العراق عشنا هذه الظروف ونعرف جيدًا ما يهدم في يوم لا نستطيع أن نبنيه في عام كامل وكلما استمرت هذه الحرب وكلما استهدفت هذه البنى التحتية وكلما تحول البلد إلى خراب ودمار وكلما زاد القتل وزاد سيلان الدماء تزيد الأحقاد من ورائها وتصبح عملية المعالجة أعقد quot;.

وشدد الحكيم في كلمة خلال الملتقى الثقافي للمجلس الأعلى في بغداد أمس بحضور جمع غفير من المواطنين قائلاً quot;إن من يعتقد أن بإمكانه أن يحسم الصراع في سوريا عبر استخدام السلاح والقوة فهو مخطئ فالحروب لا تستطيع حسم معارك .

وتساءل قائلاً من استطاع أن يحسم معركة في حرب؟ قد يكسب جولة هنا وهناك لكنه لا يكسب معركة فالدول تدخل في حروب لتحسن من فرص التفاوض لتعيد التوازن حتى تجلس على طاولة الحوار وتحل مشاكلها عبر الحوار.

وخاطب السوريين قائلاً quot;أيها السوريون يا أبناء سوريا الأشقاء أيها الأحبة أيها الأطراف المتنازعة في سوريا من كان منكم حريصًا على شعبه ووطنه فأنكم تسيرون في الطريق الخطأ ليس بإمكانكم حسم هذا الصراع من خلال السلاح والقتل للأخ السوري الآخر الذي يقف أمامكم في تلك الجبهة أو تلك الدماء لا تحل مشكلة والحروب لا تعالج الأزمات فعليكم أن تجلسوا وتتحاوروا واذا كان فيكم من يعتقد أن بإمكانه أن يحسم من خلال الحروب والقتل فها قد مرت سنة ونصف السنة ولم يستطع أي فريق من التقدم خطوة إلى الأمام وما زالت المشاكل قائمة بين الطرفين ولا يمكن حسمهاquot;.

وأضاف الحكيم أن الصراع قد اخذ وقتًا كافيًا ليطلق رسالة واضحة إلى الأطراف المتنازعة في سوريا تؤكد بأنها لن تستطيع أن تحسم معاركها وأن عليها الجلوس إلى طاولة الحوار والذهاب إلى تشكيل حكومة مطمئنة لجميع أبناء الشعب السوري تعزز الاستقرار في سوريا وتمنح الاستقرار للمنطقة برمتها.

وقال quot;إننا نشعر بالحزن العميق لهذا الجرح ونزيف الدم المستمر في سوريا فكل من يقتل فيها هم عرب ومسلمون وسوريون وأشقاء وجيران لنا في العراق ولا نستطيع أن نتقبل مثل هذه المجازر الكبيرة وهذه الدماء التي تراق على الأراضي السورية ونقول لهم بوضوح إننا جربنا في العراق وعشنا معاناة طويلة في مواجهة الديكتاتورية والطغيان ولاحظنا مخلفات الحروب وتأثيراتها ومازلنا ننزف نتيجة تلك المخلفات بعد مرور أكثر من عشر سنوات على التجربة السياسية في العراق فلا نريد لأشقائنا أن يجربوا ما جربناه وأن يقعوا فيما وقعنا به ونتمنى لهم اتخاذ القرارات الصحيحة والحكيمة والشجاعة في وقف نزيف الدم وفي الذهاب إلى طاولة الحوارquot;.

وأضاف رئيس المجلس الأعلى الإسلامي قائلاً إن المبادرة التي أطلقها المبعوث العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي لايقاف القتال في أيام عيد الأضحى يدعمها العراق فهو مع كل خطوة توقف نزيف الدم وتفتح مجالاً لحوارquot;. وقال quot;إننا في العراق لا نريد أن نتدخل في الشأن السوري وشأن أي بلد من البلدان الأخرى ولكن نشفق ونحرص ونتألم ونتمنى من الأطراف المتنازعة أن تستجيب لنداء الابراهيمي في إيقاف القتال في هذه الأيام لعلها تكون بداية لفتح صفحة جديدة وإمكانية حسم الموضوع عبر الحوار السلمي وليس عبر القتال وإراقة الدماء.. واشار إلى أنّ هذه فرصة ثمينة على الأطراف المتنازعة أن تاخذ بها وتستفيد منها وأن تجلس على طاولة الحوار .

ودعا الدول في مجموعة اصدقاء سوريا المتمثلة بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى تشجيع اطراف النزاع واستخدام امكاناتها وصلاتها وعلاقاتها مع الاطراف المتنازعة لاقناعها بايقاف المعارك لعل في ذلك مخرجًا للأزمة القائمة في سوريا.

وزار الابراهيمي بغداد الاثنين الماضي حيث أكد أنّه يسعى إلى وقف شامل لاطلاق النار في سوريا واطلاق عملية سياسية ترضي الشعب السوري وطموحاته المشروعة فيما دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الدول المؤثرة في الأزمة إلى التعامل معها بمسؤولية عالية.

واليوم ذكرت أسبوعية quot;لونوفيل أوبسرفاتورquot; الفرنسية أن مجموعات من الشيعة العراقيين الذين أقسموا على الولاء للمرشد الاعلى آية الله علي خامنئي يقاتلون إلى جانب قوات بشار الأسد داخل الأراضي السورية. وقالت إن quot;هذه المجموعات تشمل مقاتلين سابقين في quot;جيش المهديquot;، الجناح العسكري لحركة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وفي منظمة quot;بدرquot;، المقربة من إيران وquot;عصائب أهل الحقquot; المنشقة عن جيش المهدي.

ونقلت الصحيفة الفرنسية عن مسؤولين عراقيين قولهم إن المقاتلين العراقيين في سوريا لم يتلقوا الضوء الأخضر الرسمي من رؤساء الحركات الشيعية أو من الحكومة العراقية للذهاب إلى ساحات القتال في سوريا وقتالهم هناك يأتي بمبادرات شخصية حيث شكلوا كتيبة مسلحة اطلق عليها اسم كتيبة ابو الفضل العباس.

برهم صالح: لا نخشى تسلح بغداد ولكن من عقلية استخدامه

من جانبه، أكد برهم صالح نائب الامين العام لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني أن الأكراد لا يخشون من تسليح الجيش العراقي بل من العقلية التي تستعمله داعيًا إلى العدول عن خطط عسكرة المجتمع.
وقال صالح في لقاء مع مجموعة من الاكاديميين والكتاب والاعلاميين العراقيين في ميدنة السليمانية (330 كم شمال شرق بغداد) امس إن مخاوف بعض القادة والساسة من صفقة شراء الأسلحة الاخيرة من روسيا وتشيكيا التي وصفت بالأسلحة الهجومية وللاستخدامات الجبلية وغيرها هي مخاوف حقيقية . وشدد بالقول: quot;نحن لا نخشى من قوة السلاح بل من العقلية التي تتحكم بهذا السلاح ونحن بحاجة إلى عقلية وطنية تنظر إلى الكردي والعربي وإلى المكونات الاخرى بعقلية وطنية، وأن يستمر الحوار بين العرب والكرد باستمرار لكي نبني جسور الثقة ونقويها كما عهدناها سابقاًquot;.

وأضاف صالح أن الحالة الكردية مثلت منذ بداية الدولة العراقية الحديثة اشكالية اساسية لكن في جوهرها مشكلة عراقية وليست بمشكلة كردية.. وقال quot;مشكلتنا في العراق الاستنجاد بالخارج، في كردستان، وفي بغداد، وحتى في الاعوام الاخيرة كانت هناك محاولات تقارب بين أنقرة وبغداد من اجل تقويض هذا الوضع الكردي مثلاً، فاذا لدينا مشكلة داخل البلد لسنا بحاجة لأيادٍ خارجية لحلها فلا أنقرة ولا طهران ولا السعودية ولا واشنطن، مشكلتنا هنا، انا ايضا أريد أن اقول بقناعة، الأزمة ليست أزمة الاقليم مع بغداد وحدها.. فهناك أزمات ومشاكل أخرى، انا أعرف كل اللاعبين، الأزمة مع السنة بامتياز، نعم ايضاً الأزمة مع الكرد بامتياز، فأنا اقول إن قوة بغداد قوة لنا، ولكن يجب أن نعرف كيفية استخدام القوةquot;.

وتساءل المسؤول الكردي عن معنى القوة قائلاً quot;هل هي الاستعراضات العسكرية، والنياشين.. أم القوة في تقديم الخدمات أم القوة في توفير الكهرباء، أم القوة في محاربة الفساد، أم تقديم الأمان والأمن للمواطن، انا اقول بجد، واخجل من ذلك، واعتبر نفسي مسؤولاً، وحينما اقول الأزمة في بغداد، لست بصدد ان اقول إن الأزمة مسؤولية بغداد، الأكراد موجودون في بغداد، نحن نتحمل جزءاً من هذه الأزمة، نحن من بناة هذا العهد الجديد لدينا مسؤولية حول هذا الوضع الجديد، بعد عشر سنوات والمليارات التي صرفناها على الأمن، اسألكم هل هناك أمن حقيقي في العراق، لا... لايزال امامنا طريق طويل، والسبب في رأيي هو إننا بدأنا بمقدمات خاطئة في بناء هذه الدولة، نتحمل مسؤولية جزء منها، لكن آن الأوان لكي نتداركها، لا أريد أن نحمِّل رئيس الوزراء (نوري المالكي) مسؤولية هذا الوضع لوحده، نحن ايضًا معه الآن في الحكومة، نحن نتحمل مسؤوليتنا لا يمكن لنا ان نتجاهلهاquot;.

وشدد على ضرورة تهدئة النفوس بهذا الاتجاه، والابتعاد عن التصريحات النارية وقال quot;أنا اقول نحن الآن نعيش بدايات خطيرة نحو عسكرة المجتمع، حتى في كردستان، لا استثني هذه العقلية، لا اخاف من عقد صفقات الأسلحة، ولكني أخاف من العقلية التي تتحكم بهذه الأسلحة، وأنا كنت في بغداد ورئيس الوزراء يعرف ما أقوله، أنا اخشى على رئيس الوزراء من أن تتكرر تجربة عبدالكريم قاسم (رئيس الوزراء الاسبق الذي قتل بانقلاب عام 1963) وهي تجربة عشناها ونذكرها في التاريخ العراقي، حيث يبدأون بشعارات ويقولون سيدي سنفعل وسنفعل ويقصدون الفعل بالاسلحةquot;.

وأضاف أنّ quot;هذه العقليات التي لا تزال موجودة في اوساط كثيرة، ليست فقط ضد الكرد، بل ضد أهل العمارة ايضاً، نعم لدينا نجاحات كبيرة نعتز بها، لكن الفشل الاساسي مع كل هذه الامكانيات التي لدينا، مع كل هذا الدعم الدولي الذي لدينا، لم نتمكن من تقديم الأمن والخدمات، كردستان نجحت في بعض الجوانب، لكن لدينا مشاكل حقيقية أيضاً في كردستان،.. لا نريد أن ننقل صورة بأن كردستان ليست فيها فساد وليست فيها مشاكل سياسية وصراع.. بل فيها، فنحن عشنا مرحلة الاقتتال الداخلي في كردستان وكانت كارثية عليناquot;.

وأوضح برهم صالح حقيقة مخاوف بعض القادة والساسة من صفقة شراء الأسلحة الاخيرة من روسيا وتشيكيا التي وصفت بالأسلحة الهجومية وللاستخدامات الجبلية وغيرها فقال quot;نحن لا نخشى من قوة السلاح بل العقلية التي تتحكم بهذا السلاح ونحن بحاجة إلى عقلية وطنية تنظر إلى الكردي والعربي وإلى المكونات الاخرى بعقلية وطنية، وان يستمر الحوار بين العرب والكرد باستمرار لكي نبني جسور الثقة ونقويها كما عهدناها سابقاًquot;.

قضية سلاح دفاعي أو سلاح هجومي لا يفرق فالسلاح سلاح والسلاح يقتل وقال quot;هناك مخاوف من اهلنا في الجنوب من الاسلحة أيضًا ليس فقط الخوف من قبل الكردي فنحن الكرد ربما في ظروف معينة لدينا القدرة على الدفاع عن بعض الاوضاع إلى غير ذلك.. ولكن ثقوا بأن عقلية العسكر هو الذي دمر العراق انا اتحسر على بدايات طموحة للدولة العراقية في تأسيس مبدأ المواطنة، ولكن العسكر خربوها، فالعسكرة هدفها لن يكون الكرد فقط، الهدف يكون أهل بغداد وأهل البصرة، وأهل المحاويل، واهل الرمادي في النهاية ايضا، فلذلك يجب أن تنصب الجهود ونقاشنا في كيفية الحصول على قوة كبيرة لبغداد مرة أخرى باقتصادها بثقافتها بحريتها بأمنها بتوفيرها الكهرباء، هذه هي القوة الحقيقية، وهذه العقليات العسكرية لم تبق سوى في أفريقيا وبعض الدول العربيةquot;.

وأضاف أن اخافة الناس بقوة السلاح والأمن انتهت، القوة الحقيقية بقوة جامعاتنا، هذا الاهتمام الذي نوليه بالعسكرة خلال هذه الأيام والأمن لا يزال غير مستقر والمفخخات لا تزال تحصد ارواح الابرياء من العراقيين في الشوارع، لدينا مشكلة أمنية اساسها مشكلة سياسية.. والجميع بحاجة إلى حوار في هذا الشأن.