ما تزال الزيارة التي قام بها الأمير القطري وزوجته لقطاع غزة تترك أصداء كثيرة ومختلفة، بين مرحب بها وبما أتت به من مشاريع يحتاج إليها الكواطن الغزي، وبين خائف من تعميقها الانقسام الفلسطيني، وبين آمل أن تكون فاتحة لزيارات مماثلة يقوم بها زعماء عرب.

غزة: وصل أمير قطر حمد بن خليفة إلى غزة في زيارة قصيرة، حاملًا معه بشائر أفرحت شريحة واسعة من الغزيين، الذين يرون الخير القادم من الزيارة، كما يقولون.
فقد بلغت مكرمة أمير قطر 400مليار دولار لاعمار وحدات سكنية لأصحاب البيوت التي هدمها الجيش الإسرائيلي، ولترميم بعض المستشفيات والشوارع الرئيسة في غزة.
تحدث الدكتور سامي أبو زهري، الناطق باسم حركة حماس، لـquot;إيلافquot; عن توقيت الزيارة، فقال إن لا دلالة معينة لزيارة أمير قطر لغزة في هذا الوقت، quot;فالأمير كان يخطط لزيارة غزة، لكن النظام المصري السابق بقيادة مبارك كان يحول دون إتمامها، وبعد التغيرات التي حصلت جدد الأمير حمد عزمه، كاشفا عن الكثير من المحاولات التي قامت بها جهات معروفة لم يذكر اسمها لثنيه عن هذا العزم، ومنها وجود تهديدات أمنية مرتبطة بالتصعيد الإسرائيلي الذي تزامن مع زيارتهquot;. وتابع: quot;الأمير حمد قرر أن يتحدى الظروف وأن لا يلتفت إلى التهديداتquot;.
زيارة ناجحة
الجدير بالذكر أن الحكومة المصرية الجديدة قامت بتسهيل الإجراءات لدخول الأمير حمد بن خليفة، كما اعتبرت الولايات المتحدة الزيارة إنسانية، لكنها أبدت معارضتها لبعض تفاصيلها.
وعبر أبو زهري لـquot;إيلافquot; عن اعتقاده بأن الزيارة كانت ناجحة جدًا، من حيث تحقيقها لعدة أهدافquot;أبرزها البعد السياسي والالتقاء بالحكومة في غزة، إضافة إلى أن إطالة أمد الزيارة حمل دلالات كثيرة، وأتاح للأمير حمد وزوجته الشيخة موزة أن يحتكًا بالجماهير الفلسطينية التي التفت حولهما لتعبر عن سعادتها بهذه الزيارةquot;.
وحول استقبال بن خليفة، قال أبو زهري:quot; كان في استقبال أمير قطر وفد من جميع التنظيمات والفصائل ووجهاء قطاع غزة، بالرغم من أن بعض المدعوين اعتذر وهذا من حقه، فحركة حماس ليست معنية بالرد على من حضر ومن بارك الزيارة ومن لم يبارك، فهذا شأنهم الخاص، لكن واجب الشعب العربي أن يقف بجانب غزة لإعادة اعمارهاquot;.
حماس في الميدان
أما عن التصعيد الإسرائيلي، يقول أبو زهري: quot;إسرائيل معنية بأن تقول للعالم أن لا شيء يمر من دون أن تعلم به، ويكون برغبتها وقرارها، لكن أمير قطر أراد أن ينهي حصاره، وتزامنت زيارته مع التصعيد الإسرائيلي على الحدود مع غزةquot;.
ويختم قائلًا إن حماس موجودة في الميدان، وترد على أي عدوان قد يلحق بأبناء فلسطين، وهي ملزمة بالرد على أي عدوان، وهذا حق المقاومة الطبيعي وحماس جزء من هذا الشعب، وأي مساس بالمقاومة هو مساس بكتائب القسام وكل الفصائلquot;.
لا تعمق الشرخ
أما المحلل السياسي الدكتور وليد المدلل، فأوضح أن الزيارة جاءت بعد تحولات كبيرة في المنطقة العربية، متمثلة بالربيع العربي في مصر وتونس وغيرها من البلدان.
وأشار المدلل إلى أن قرار الزيارة كان منذ العام 2009 بعد انتهاء القمة العربية، حيث كانت قطر ملزمة بدعم الحكومة في غزة في تلك الفترة، quot;أضف إلى ذلك أن الدوحة تقدم مساعدات إلى الحكومة في رام اللهquot;.
وتابع: quot;كان للزيارة رمزيتها خصوصًا أنها شملت زيارة الجامعة الإسلامية، وإهداء الجامعة لأمير قطر حفنة من تراب فلسطين، وهذا يحمل دلالة كبيرةquot;.
وأوضح المدلل أن عقيلة أمير قطر quot;تحظى باهتمام الجمهور الفلسطيني بشكل خاص وهي تقف على الكثير من المشاريع،منها مشروع مدرسة الفاخورة التنموية ومشاريع عدة في الجامعة الإسلامية بغزةquot;.
ويعبر المدللquot;أن الزيارة لا تعمّق الشرخ الفلسطيني، إنما هي زيارة رسمية كاملة وموافق عليها من قبل السلطة الوطنية في رام الله، وبالتالي هي لم تفقد أي شرعية كما يتحدث البعضquot;.
مشاريع تشغيلية
عن تفاصيل الزيارة، يوضح المدلل أن المشاريع التي قامت قطر بتمويلها quot;مشاريع تشغيلية بالدرجة الأولى، منها مستشفى للأطراف الصناعية ووحدات سكنية وتعبيد أكبر شوارع قطاع غزة، وبالتالي هذه المشاريع تعتبر حساسة وبإمكانها تشغيل آلاف من العاملين العاطلين عن العملquot;.
وتابع: quot;طوال الزيارة، كانت الابتسامة واضحة وجلية سواء من أمير قطر أو عقيلته وهذا يحمل دلالة فحواها الرضى الكامل عن هذه الزيارة بل التفاعل من قبل الأمير والأميرة مع الجمهور الفلسطينيquot;.
أما الدكتور مخيمر أبو سعدة،المحاضر بقسم العلوم السياسية والمحلل السياسي، فيقول: quot;اعتبر أن لهذه المشاريع انعكاسات ايجابية متوقعة على حياة السكان في غزة وهو أمر كانوا يحتاجونه، غير أن الحصار حرمهم من إمكانية انجاز هذه المشاريع وتحقيقهاquot;.
وأضاف:quot;ربما تكون الزيارة مقدمة لزيارات قادمة لقيادات عربية، يحتمل أن تتواجد في غزة، وبالتالي ستعزز وجود كبير لحركة حماس في الإقليم ككلquot;.
قطر مع المصالحة
في المقابل، تحدث ابو سعدة عن التخوف من أن تؤدي هذه الزيارة إلى تعزيز الانقسام، لكنه رأى أن الخطوات القادمة هي من ستحدد المستقبل، مشيرًا إلى دور قطر في المصالحة من خلال استضافة مباحثاتها، وان فشلت هذه المفاوضات.
ويختم حديثه قائلًا: quot;قطر أرادات أن تتقدم بخطوات جريئة نحو اعمار غزة دون الالتفات إلى ملف المصالحة الفلسطينية الذي طال تحقيقهquot;.
الجدير بالذكر أن حركة فتح وكذلك الجبهة الشعبية وعلى لسان الناطقين باسمهما أعربتا عن استيائهما من هذه الزيارة التي تصب بشكل كبير في تعزيز الانقسام وتجاوز الشرعية الفلسطينية.