شكلت زيارة أمير قطر إلى غزة الثلاثاء أحدث مثال على استخدام الدوحة ثروتها النفطية لتوسعة نفوذها الإقليمي، وفقًا لتحليلات صحيفة وول ستريت جورنال. وبالرغم من دعوة حمد بن خليفة الفلسطينيين إلى الوحدة، إلا أن البعض اعتبر زيارته، التي لم تمر برام الله، تكريسًا للانقسام الفلسطيني..


أصبح أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني يوم الثلاثاء أول رئيس دولة يزور غزة منذ سيطرة حركة حماس على القطاع قبل خمس سنوات. وحمل حمد معه رزمة مساعدات ومنح مالية في ما اعتبره مراقبون مؤشرا آخر الى مطامح قطر الاقليمية لتوسيع دورها في المنطقة.
وأعلن رئيس حكومة حماس اسماعيل هنية خلال الزيارة ان حمد وافق على تمويل مشاريع جديدة لتزيد قيمة المنحة القطرية لاعمار القطاععن اربعمئة مليون دولار من أصل مئتين واربعمة وخمسين مليون دولار كانت بادرة quot;رمزيةquot; لتخفيف وطأة الحصار الاقتصادي والسياسي الذي فرضه الغرب وإسرائيل على غزة منذ عام 2007.
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال في معرض التعليق على زيارة حمد انها quot;أحدث مثال على استخدام قطر ثروتها النفطية والغازية في دعم منظمات اسلامية لتوسيع نفوذها الاقليميquot; مشيرة الى دور قطر في دعم انتفاضات الربيع العربي وتصدرها التحركات الرامية الى عزل الرئيس بشار الأسد في سوريا حيث كانت قطر من اول الدول التي اغلقت سفارتها هناك ، وفي اسقاط الزعيم الليبي السابق معمر القذافي.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس انه يرحب بزيارة امير قطر لقطاع غزة ورزمة المساعدات التي حملها معه ولكن عباس أكد انه القائد الرسمي المعترف به دوليا للشعب الفلسطيني ، بحسب وكالة اسوشيتد برس.
حمد دعا في كلمة القاها في مقر الجامعة الاسلامية في غزة الفلسطينيين الى المصالحة والتوحد للدفاع عن قضاياهم الوطنية. فالأراضي الفلسطينية منقسمة منذ سيطرة حماس على قطاع غزة وجهود المصالحة تسطر الإخفاق تلو الآخر. واعرب فلسطينيون عن تحفظاتهم بشأن زيارة حمد ودور قطر خشية ان يؤديا الى تعميق الانقسام ، كما افادت صحيفة وول ستريت جورنال في تقريرها عن الزيارة. ونقلت الصحيفة عن فلسطينيين اتهامهم امير قطر بالانحياز الى حماس الاسلامية ضد حركة فتح العلمانية التي تسيطر على السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب في الضفة الغربية ، بحسب الصحيفة.
ونشرت حركة فتح في صفحتها على فايسبوك صورة أمير قطر مع خط أحمر وعلى وجهه عبارة quot;لا اهلا ولا سهلا. غزة ليست للبيعquot;.
ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن عمر شعبان مدير مركز quot;بال ثنكquot; للدراسات الاستراتيجية في غزة قوله quot;انها أموال سياسية وليست اموالا بريئةquot;. واضاف quot;ان البعض يعتقد انها ستضر بالمصالحة وتشجع حماس وتحرضهاquot; على عدم التفاهم مع فتح.
ولكن وكالة انباء الامارات quot;وامquot; ذكرت في تعليق على الزيارة انها فرصة لترميم العلاقات. وقالت ان من الضروري ان يغتنم حمد هذه الفرصة لحث قادة حماس على تحقيق المصالحة المنشودة مع فتح ليعود الفلسطينيون الى حكومة واحدة موحدة يواجهون بها الهجوم الاسرائيلي بثقة أكبر.
واضافت الوكالة ان من المهم ان تعمل حركة فتح على تنفيذ المصالحة لا سيما وان الرئيس الفلسطيني رحب رسميا بزيارة حمد لغزة ولكن على عباس ايضا ان يغتنم مناسبة الزيارة للتشديد على استئناف عملية المصالحة ليتمكن الفلسطينيون في الضفة الغربية وغزة من التوحد مجددا في ظل حكومة واحدة.
وكان حمد سعى في وقت سابق من العام الى دفع جهود المصالحة مستضيفا محادثات عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل. وفي حين ان المحادثات لم تتكلل بالنجاح في تسوية الخلافات بينهما فانها كانت مؤشرا الى صعود دور قطر كوسيط ، كما قالت صحيفة كريستيان ساينس مونتر في حينه. وكتبت الصحيفة ان قطر quot;تقدم خلطة قوية من المال والفضاء الفندقي والاتصالات ، وهي عمليا متخففة من أي سوابق تاريخية مع أي من الطرفينquot;. واضافت الصحيفة quot;ان قطر التي تهدف الى تعزيز مكانتها الدولية تنفق ملايين على فواتير اقامة الثوار في الفنادق وبعد توقيع ما يتوصلون اليه من اتفاقيات تبادر قطر الى تدعيم الصفقة بمساعدات للاعمار والإنماءquot;. واشارت الى ان امير قطر ووزير الخارجية يوظفان جهودا شخصية في بناء علاقات مع مختلف الجهات.
ولاحظت صحيفة كريستيان ساينس مونتر في تعليقها على محادثات عباس ومشعل quot;انها اسفرت عن نتائج متناقضة ولكن استضافة قطر للمحادثات رفعت مكانتها الدولية وساعدت على ايجاد حلفاء في الغرب ، ونالت ثناء العالم كله تقريبا. فالوساطة تثبت كونها طريقة فاعلة ، محصنة ضد الفشل ، لترويج صورتهاquot;.
وقالت صحيفة كريستيان ساينس مونتر في تعليق آخر ان تحول قطر من الحياد الى اعتماد اجندة نشيطة يمكن ان يواجه البلد بتحديات في المستقبل. وقالت الصحيفة quot;كانت قطر تعتبر منذ زمن طويل سويسرا الشرق الأوسط ـ بلد صغير محايد ، صديق الجميع من ايران الى قيادة القوات الاميركية في الشرق الأوسط التي تستضيف مقرها على اراضيهاquot;.
ولكن بحسب الباحث المختص بسياسة الخليج في كلية لندن للاقتصاد كريستيان كوتنس اولريشسن فان القطريين quot;أخذوا يفقدون سمعة الحياد.... وهم يمارسون لعبة سياسية للغاية ، ويمكن ان يعود شبحها لاحقا لمطاردتهمquot;.
اثارت زيارة حمد لقطاع غزة غضب اسرائيل التي عملت طيلة السنوات الماضية على عزل القطاع وخنقه. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية ايغال بالمور لصحيفة الديلي تلغراف quot;نرى من الغريب ألا يدعم الأمير سائر الفلسطينيين بل يتخذ جانب حماس على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية التي لم يزرها ذات يوم. لقد اختار الأمير معسكره وهو ليس جيداquot;.