كشفت المخابرات الألمانية، التي تشارك عناصر منها في التحقيقات الدولية التي لا تزال جارية بخصوص واقعة مقتل رجل الأعمال البريطاني من أصل عراقي سعد الحلي وزوجته وحماته وامرأة أخرى بالرصاص في سيارتهم في منطقة جبال الألب، حيث كانوا في عطلة، عن أن الحلي ربما كان لديه جزء من ثروة الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، وهو الجزء الذي قيل إن قيمته تقدر بملايين الجنيهات الإسترلينية.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: رغم حالة الحيرة التي تهيمن على الشرطة والمحققين منذ وقوع الحادثة يوم 5 من شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، وعجزهم عن التوصل إلى دافع يقف وراء ارتكاب تلك المذبحة، إلا أن مسؤولين استخباراتيين متواجدين في برلين كشفوا عن أدلة تبين أن الحلي ربما أتيحت له إمكانية الوصول إلى أموال تخصّ الرئيس العراقي الراحل.

وهو ما زاد من احتمالية وقوف قوى شريرة وراء استهداف الحلي كوسيلة لكسب الحصول على جزء من الثروة الهائلة التي أخفاها صدام حول العالم، لاسيما في سويسرا.

أشارت في هذا السياق صحيفة التلغراف البريطانية إلى أن أفراد شرطة متخصصين قاموا في الأسبوع الماضي باستجواب مصرفيين يتواجدون في جنيف بشأن الأصول التي يمتلكها الحلي، في الوقت الذي طُلِب فيه تسلم سجلات مالية في بلدان منها الولايات المتحدة.

وعُرِف من قبل أن الحلي كان على خلاف مع شقيقه الأكبر، زيد، 53 عاماً، بسبب وصية أبيهما، كاظم، الذي توفي قبل حوالي عام في إسبانيا. ومازال يعتقد حتى الآن أن مصدر المال المتنازع عليه هو صفقات كاظم الخاصة بالعقارات ومصالح تجارية أخرى.

بيد أن عناصر تابعة للمخابرات الألمانية أخبرت نظراءها في قسم مكافحة الإرهاب في فرنسا بأن الأموال المودعة في حساب يخصّ سعد في جنيف قد جاءت في الأساس من صدام.

ومضت الصحيفة تقول إن كاظم، الذي كان يعمل في أحد المصانع، قد ترك بغداد في أواخر سبعينات القرن الماضي برفقة زوجته وابنيه، بعدما وقع ضحية لحزب البعث الخاص بالرئيس صدام حسين. ثم استقرت الأسرة بعدها في بيمليكو، وسط لندن، بالتزامن مع صدور قرارات بتجميد أية حسابات فيها أموال منحها صدام لكاظم.

لكن المعنى الضمني الواضح هو أن كاظم ربما لم يقع ضحية لصدام على الإطلاق، وتم استخدامه في حقيقة الأمر لإخراج الأموال من العراق بالنيابة عن صدام، الذي كان يتحضر دائماً بالخطط التي يمكنه الارتكاز عليها في حالة تمت الإطاحة به من الحكم.

وتم إعدام صدام في كانون الأول/ ديسمبر عام 2006، بعد فترة قصيرة من الكشف عن قيامه بسحب حوالي 620 مليون إسترليني من المصرف المركزي العراقي عام 2003 وإخفائه المبلغ في أماكن متفرقة حول العالم. وأضيفت الأصول إلى ملايين مودعة بالفعل في حسابات في بلدان أخرى، في الأساس عن طريق عراقيين انتقلوا إلى العيش في الخارج.

وإن تبيّن أن سعد الحلي كان طرفاً في تلك المعلومات السرّية، والتي منها بالتأكيد مكان الملايين المخبأة، فسيتضح حينها أنه كان مستهدفاً. وورد في تقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية ما يفيد بأن النزاع الذي نشب بين الشقيقين سعد وزيد، والذي برز أثناء التحقيقات، تركز لذلك على هذا الميراث، وليس على ميراث أبيهم فقط.

تابع التقرير quot;اكتشف محامون سويسريون أن سعد الحلي كان يمتلك حساباً مصرفياً فيه مليون يورو، من دون الإشارة إلى العلاقة بين تلك الأموال والعراق، موطن أسرته الأصليquot;.

واعترف إيمانويل لودوت، محام فرنسي شارك في الدفاع عن صدام حسين عقب اعتقاله، بأن النظام العراقي المخلوع مازال يمتلك أموالاً في حسابات مصرفية سويسرية، رغم أنه أكد أن النظرية التي تتحدث عن وجود quot;ثروة خفيةquot; هي مجرد خيال.

إلى ذلك، أشار تقرير نشرته صحيفة الغارديان، إلى أن صدام حسين سبق له أن أودع 840 ألف إسترليني في حساب مصرفي في سويسرا يخصّ كاظم، والد سعد وزيد، الذي كان مقرّباً من حزب البعث، قبل أن يسافر بعدها إلى بريطانيا في السبعينات.

ونوهت الصحيفة بما ذكرته لوموند نقلاً عن مصدر من الشرطة الفرنسية بأن وكالة الاستخبارات الألمانية quot;بي إن ديquot; هي التي تعقبت تلك الأموال التي أودعها صدام. فيما قالت الوكالة من جانبها إنها لا تصدر أية تعليقات بخصوص العمليات التي تقوم بها.