خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، عبّر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عن مخاوفه بأن فشل الحوار الوطني قد يدفع اليمن إلى الانزلاق نحو أتون حرب أهلية أسوأ من تلك التي شهدتها الصومال أو أفغانستان.
اعتبر العديد من المراقبين أن هذا التصريح كان استراتيجياً يهدف إلى لفت انتباه ما يسمّى بـquot;أصدقاء اليمنquot; لتقديم مساعدات أكثر، فاليمن في أشد الحاجة إليها، بالرغم من أنها قد تكون ضارة.
انتخب هادي في موقع الرئاسة بالتزكية في شباط/فبراير الماضي، بعد الأزمة السياسية التي ضربت البلاد، وذلك في تسوية قامت بهندستها دول مجلس التعاون الخليجي، التي ضمنت انتقال السلطة من الرئيس علي عبدالله صالح آنذاك إلى هادي، فساعدت على تجنيب اليمن حينها حربًا أهلية كادت أن تعصف به.
مع ذلك هناك مجموعات كثيرة في اليمن تنظر إلى المبادرة الخليجية على أنها فاشلة، وأنها فرضت لتضمن بقاء السلطة الرسمية وغير الرسمية في أيادي النخب الحاكمة القديمة.
وفقاً لتقارير مجموعة الأزمات الدولية، فإن النخب اليمنية احتفظت بالسلطة في الوقت الذي واصلت فيه عملية التدوير الوظيفي في الحكومة. في غضون ذلك، تم إقصاء المتمردين الحوثيين في الشمال والحراكيين الإنفصاليين في الجنوب والمجموعات الشبابية المختلفة التي كانت العمود الفقري للثورة في أيامها الأولى.
على النقيض من تونس ومصر وليبيا، افتقرت الثورة اليمنية إلى خاتمة مشرقة، فبراعة صالح في المماطلة أثارت سخط الثوار والمجتمع الدولي على حد سواء. وحتى بعد رحيله، مازال صالح يمسك بقوة على جزء من الجيش، فنجله أحمد علي يقود قوات النخبة، الحرس الجمهوري، وابن شقيقه يحيى صالح، يقود قوات الأمن المركزي.
إضافة إلى ذلك، يتمتع صالح بقاعدة سلطة قوية من خلال مجموعته القبلية quot;سنحانquot;، علاوة على التحالفات القبلية التي تمكن من شرائها. علاوة على كل ذلك، يعتقد البعض أن الرئيس السابق لديه صلات بتنظيم القاعدة في اليمن، مما يعمّق من حجم الضرر الذي يمكن أن يلحقه بالجهود الحكومية من أجل الإصلاح.
وفي الوقت الذي يستمر فيه صالح في استقبال اللاعبين السياسيين، وكأنه مازال الرئيس، تم تحويل الرئيس هادي إلى quot;رئيس عن بعدquot;، لأنه لا يستطيع حتى توفير الحماية لنفسه في القصر الرئاسي.
ووفقاً للدكتور أيبرل آلي من مجموعة الأزمات الدولية، فإن حزب الإصلاح، الذي حصل على جزء مهم من صفقة المبادرة الخليجية، يستمر في الحصول على حصة أكبر من المناصب الحكومية، وهذا لا يختلف كثيراً عن فترة حكم صالح.
العديد من أعضاء الإصلاح، الذين ينتمون شكلياً إلى المعارضة، حصلوا بشكل غير متكافئ على الحصص الأكبر في الحكومة. بناء على ذلك، من السهل النظر إلى الوضع في اليمن على أنه لم يتغير، إذ تبقى السلطة السياسية والعديد من المؤسسات الحكومية في أيادي النخبة الحاكمة القديمة.
ويسيطر المتمردون الحوثيون على معظم الجزء الشمالي ممّا يعرف بـ quot;اليمن الشماليquot;، بينما أصبح صوت حركة الإنفصاليين الجنوبيين quot;الحراكquot; أكثر ارتفاعاً في رفضه لشرعية دولة الوحدة.
وفي ظل ضعف الدولة المركزية، فإن هاتين الجماعتين تشكلان اختباراً حقيقياً لسلطة الحكومة، ولن يكون هناك حل للمعضلات التي تواجه اليمن من دون أخذ هذا الوضع في الحسبان.
التعليقات