عدم الاهتمام بفوز الرئيس الأميركي باراك أوباما بفترة رئاسية ثانية عام في دمشق، يجتمع عليه أنصار النظام ومعارضوه. فالأنصار يرون أنه يريد تدمير بلدهم، والمعارضون يقولون إنه لم يقدم لهم الدعم الكافي لإسقاط الأسد.


دمشق: في شوارع دمشق حيث تسمع اصوات المدافع من دون توقف، يبدي المارة الموالون لنظام الرئيس بشار الاسد أو المعارضون له، عدم اكتراث مجبول بالسخط لدى الحديث عن اعادة انتخاب الرئيس الاميركي باراك اوباما لولاية جديدة.

تقول ام عمر (34 عاماً) وهي تنزه ولديها في إحدى ساحات العاصمة التي ينبت العشب من بين فراغات في ارضيتها غير المؤهلة quot;في ولايته الاولى، لم يغير شيئًا، وهو لن يحقق شيئًا في السنوات الاربع المقبلةquot;.
ومن سوء حظ الرئيس الاميركي أن غالبية واسعة من السوريين يكنون له العداء أو غاضبون منه.
فمؤيدو النظام السوري يتهمونه بانه دعا مرارًا الى سقوط الرئيس بشار الاسد، ويشكون من أنه يوفر دعمًا للمقاتلين المعارضين في سعيهم الى ذلك. بينما ينتقد المعارضون اوباما لانه، ورغم عبارات التشجيع التي تلفظ بها، لم يقم بشيء يجعلهم في موقع افضل في مواجهة القوات النظامية.
ويعتبر ابو اسماعيل (82 عامًا) أن quot;سياسة واشنطن ستبقى هي نفسها. لا يمكن اوباما القيام بشيء، تنقصه قوة الارادةquot;.
وينتقد هذا المسن الذي يعيش على الصدقات ويقيم في جبل قاسيون حيث ترابض المدفعية التي تقوم بقصف مناطق في ضواحي دمشق يسيطر عليها المقاتلون المعارضون quot;السياسة الاميركية في الشرق الاوسط التي دمرت العراق وتسببت بمجازر فيه اثناء ولاية الرئيس السابق جورج بوشquot;.
وكان الرئيس الاميركي السابق أمر قواته في آذار/مارس 2003 باجتياح العراق، جار سوريا الذي حكمه الرئيس السابق صدام حسين بقبضة من حديد حتى سقوط نظامه في نيسان/ابريل من العام نفسه، قبل أن يعدم في كانون الاول/ديسمبر 2006.
وكلف هذا الاجتياح الولايات المتحدة مبالغ طائلة واكثر من اربعة آلاف جندي قتيل، اضافة الى أنه ادى الى مقتل الآلاف من العراقيين جراء التفجيرات بالسيارات المفخخة والمجازر ذات الطابع الطائفي.
وبالنسبة الى يزن، الموظف الحكومي البالغ من العمر 24 عاماً والمؤيد لنظام الرئيس الاسد، quot;لا علاقة لاوباما بنا، والشعب السوري هو وحده الذي يقرر مصيره. ليتركنا بسلام، وسنحل مشاكلنا بأنفسناquot;.
ويعبر يزن عن غضبه بقوله إن quot;الافضل لاوباما أن يهتم quot;بالابرياءquot; الذين يسقطون جراء التفجيرات شبه اليومية في العاصمة السورية.
وانزلقت دمشق في النزاع المستمر في البلاد منذ اكثر من 19 شهراً، وبدأ سكانها يفقدون الامل بحل سريع للازمة، علماً أن العاصمة محاطة بضواحي يسيطر المقاتلون المعارضون على المناطق الفقيرة منها.
بوشاحها الابيض ومعطفها الاسود، لا تخفي ام مالك (57 عامًا) ميلها الى المعارضة. وتقول هذه المرأة المتحدرة من مدينة كناكر (50 كلم الى الجنوب من دمشق) التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون quot;حتى تاريخه لم يقدم اوباما شيئًا للشعب السوري. لماذا تريدون منه أن يتدخل الآن؟quot;.
وفي محله لبيع المجوهرات، يبدي فاتح شكوكاً مماثلة quot;لن تقدم اعادة انتخابه شيئًا. قبل ذلك لم يكن فاعلاً، ولن يصبح كذلك اليوم. لن يكون ذات اهمية بالنسبة لناquot;.
وفي حين امتنعت السلطات السورية التي تجمعها بالولايات المتحدة علاقات سيئة جراء الدعم الاميركي للاحتجاجات المطالبة باسقاط الرئيس الاسد منذ اندلاعها منتصف آذار/مارس 2011، عن التعليق سريعاً على اعادة انتخاب اوباما، افتتح هذا الفوز نشرات الاخبار في وسائل الاعلام الرسمية.
نظام الأسد: أخطاء قاتلة للإدارة الأميركية

ورسميًا أكد فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين أن المطلوب من أوباما quot;إيجاد حلول عادلة لقضايا منطقة الشرق الأوسط بعد الاخطاء القاتلة التي ارتكبتها الإدارة الأميركية خلال العامين الماضيين في هذه المنطقةquot;.

وقال المقداد في اتصال هاتفي مع قناة بي بي سي تعليقًا على نتائج الانتخابات الأميركية quot;إن المطلوب الآن هو مزيد من العمل باتجاه استقرار الوضع العالمي وحل المشكلات العالمية وشعبنا يتوقع أن تسهم الولايات المتحدة خلال المرحلة القادمة من حكم الرئيس اوباما في إيجاد حلول عادلة في منطقة الشرق الأوسط لأن الأوضاع الاستثنائية التي شهدناها خلال الأشهر والسنتين الأخيرتين وخاصة في المنطقة العربية كانت نتيجة لأخطاء قاتلة في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط والدعم اللامحدود الذي قدمته الإدارة الأميركية السابقة لإسرائيل، إضافة إلى الأخطاء الكبرى التي ارتكبتها الإدارة الأميركية ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط بل أيضا في محيطها سواء في أفغانستان وغيرهاquot;.

وأشار المقداد إلى أن الشعب السوري تابع عن كثب الانتخابات الأميركية لما للولايات المتحدة الأميركية من دور أساسي في صنع السياسات الدولية نافياً وجود أي قنوات اتصال قائمة الآن بين الإدارة الأميركية والقيادة السورية.

وردًا على سؤال حول امكانية التغيير في الموقف الأميركي لجهة امكانية التدخل العسكري في سوريا بعد اعادة انتخاب أوباما قال المقداد quot;إن الولايات المتحدة وبعد الضربات والهزائم التي تلقتها في العراق وأفغانستان والأزمة الاقتصادية التي مرت بها كانت ومازالت عاجزة عن أي تدخل جديد في أي جزء من أنحاء العالم وهذا لا يعني عمليا أننا كنا نستبعد مئة في المئة قيام الإدارة الأميركية نتيجة الضغوط التي تمارس عليها من هذا الطرف أو ذاك بأعمال خرقاء أخرى ولكن هذا لم يتم خلال المرحلة الماضية ونحن نتوقع من الولايات المتحدة في ظل الظروف الجديدة ألا تقوم بخطوة من هذا النوع لأنها ستكون مدمرةquot;.

وأضاف نائب وزير الخارجية والمغتربين quot;لكننا نتابع خطوات أخرى من نوع التدخل في الشؤون الداخلية في سوريا سواء كان من خلال الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة إعلاميًا وفي بعض الأحيان مادياً وهو شيء معلن وليس خفيًا للمجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا أو السكوت عن الممارسات الإرهابية لتلك المجموعات في الوقت الذي يتوقع العالم كله بعد أحداث 11 أيلول أن تقف الولايات المتحدة مثل هذه الممارسات في سوريا وفي أي جزء آخر من العالم لأنها سترتد سلبًا على الولايات المتحدة والمنطقة والعالمquot;.

وتابع المقداد quot;أتوقع من دولة كبرى كالولايات المتحدة الأميركية ألا تمارس سياسة المعايير المزدوجة التي مارستها بشكل واسع خلال الإدارات السابقة وخلال هذه الإدارة وأن تعود هذه الإدارة إلى وعيها ودورها المنسجم بشكل أساسي مع ما تقوم به الصين والاتحاد الروسي اللذان أثبتا التزامهما مرة أخرى لأنهما ملتزمان بضرورة حل مشاكل العالم بالطرق السلمية وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول واحترام ميثاق الأمم المتحدةquot; لافتًا إلى ان هذه القواعد والمبادئ هي أسس صياغة الوضع الدولي الجديد وبدونها لا يمكن أن يكون هناك نظام دولي مستقر في العالمquot;.