إثر محادثات شهدتها بغداد اليوم وشارك فيها وفد أميركي بين وفدين عسكريين للقوات الإتحادية والكردية، اتفق الجانبان على سحب حشودهما العسكرية التي دفعتا بها الى المناطق المختلطة المتنازع عليها فيما يصل الى العاصمة العراقية غدا وفد كردي ثان في محاولة لانهاء التوتر بين الجانبين حول قضايا اخرى مختلف عليها.
في محاولة لوقف تصاعد التوتر والتهديدات المتبادلة بين الحكومتين العراقية المركزية والكردستانية الاقليمية فقد شهدت بغداد اليوم الاثنين مباحثات عسكرية بين ممثلي الحكومتين حول تمركز قواتهما في المناطق المختلطة المتنازع عليها والاجراءات المطلوبة لتفادي اي صدام مسلح بين الطرفين وخاصة في مدينة كركوك.
واثر انتهاء اجتماع الوفدين فقد أعلن مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي عن اتفاق جرى بين الجيش الاتحادي والبيشمركة على سحب تحشداتهما العسكرية بعد الأزمة الاخيرة بينهما الى اماكنهما السابقة.
وقال المكتب في بيان صحافي إن quot;الاجتماع الذي عقد اليوم بين وفدي وزارة الدفاع والبيشمركة كان يتمتع بأجواء مهنية وشفافة حيث تمخض عنه الاتفاق بين الطرفين على سحب القطعات التي تحشدت بعد الأزمة الى إمكانها السابقة والاتفاق على تواصل اللقاءات وتفعيل اللجان الامنية العليا للتنسيق بين الطرفين quot;. وأكد انه تم خلال الاجتماع مناقشة السبل الكفيلة لتخفيف حدة التوتر في المناطق المختلطةquot;.
وقد تركزت مباحثات الوفدين العسكريين للقوات المركزية والكردية اللذين اجتمعا في مقر القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي على تواجد قوات كل منها في مناطق مختلطة يطالب بها الأكراد وكيفية ادارة نقاط التفتيش بينهما في هذه المناطق خاصة مع غياب القوات الأميركية عن نقاط التفتيش التي كانت تتشكل من القوات العراقية والأميركية والكردية حيث كان الأميركان يقفون حائلا امام اي توتر او احتمال وقوع صدام بين القوتين الاخريتين. لكنه بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية العام الماضي فقد اصبحت القوات العراقية والكردية تتواجهان لوحدهما وجها لوجه في تلك المناطق الامر الذي يثير توترا بينها بين الحين والاخر.
وضم وفد القوات الاتحادية قائد القوات البرية الفريق الركن علي غيدان وقائد عمليات بغداد الفريق الاول الركن عبود كمبر والعميد فاروق الأعرجي مسؤول مكتب القائد العام للقوات المسلحة فيما ضم الوفد الكردي المتحدث الرسمي باسم وزارة البيشمركة وأمينها العام جبار ياور والفريق شيروان عبد الرحمن عضو القيادة العامة لقوات حماية إقليم كردستان وعدد اخر من الضباط.
وتواجه الأزمة اشكالية مسؤولية الاشراف على نقاط التفتيش حيث يطالب القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي بالعودة الى اتفاق عام 2009 بشأن مسؤولية ادارة الامن في هذه النقاط مصرا على أن quot;الاتفاق يقضي بضرورة تشكيل نقاط تفتيش مشتركة بين البيشمركة والجيش العراقي لطمأنة المواطنين على أن تكون إدارة المراكز والنقاط تحت اشراف الحكومة الاتحاديةquot; كما أكد في بيان صحافي الجمعة الماضي. لكن الأكراد يتحفظون على هذا الطلب ويدعون لان تكون ادارة نقاط التفتيش مشتركة ايضا وليس بيد القوات المركزية.
وتصاعدت حدة الأزمة بين بغداد واربيل اثر اعلان وزارة الدفاع العراقية في الثالث من تموز (يوليو) الماضي عن تشكيل quot;قيادة عمليات دجلةquot;برئاسة قائد عمليات ديالى الفريق عبد الأمير الزيدي للإشراف على الملف الأمني في المحافظات الثلاث حيث لاقى هذا القرار ردود فعل متباينة حيث اعتبره التحالف الكردستاني quot;استهداف سياسي بامتيازquot; للاقليم.
وكان رئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي قد اتفق السبت الماضي اثر مباحثات مكوكية مع المالكي في بغداد ومسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان في اربيل على اجراء المباحثات اليوم التي ستكون quot;فنية عسكريةquot; في محاولة لنزع فتيل الأزمة بين الجانبين.
ومن جهته دعا رئيس حكومة اقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني اليوم الحكومة المركزية في بغداد الى عدم اللجوء الى القوة لحل المشاكل المتفاقمة بين الجانبين. وقال بارزاني في مؤتمر صحافي في اربيل عاصمة اقليم كردستان الشمالي quot;اريد التأكيد على نقطة واحدة وهي أن مشاكل العراق لن تعالج بالقوة وان بغداد يجب ان تصل الى قناعة بان المشاكل لن تعالج بالدباباتquot;. واضاف quot;لدينا دستور ويجب ان نجلس ونتحاورquot;، معتبرا ان quot;تجارب العراق اثبتت ان مشاكل البلاد لن تعالج الا بالحوارquot;.
وأشار بازراني إلى أنّه quot;بعد اجتماع اليوم للجنة سنرسل اللجنة العليا الى بغداد للاجتماع معهم (لغرض) الوصول الى اتفاقquot;. وأيد دعوة المالكي إلى إعادة عمل اللجان الامنية المشتركة بين قوات كردية واخرى من الحكومة المركزية في المناطق المتنازع عليها التي سبق وان تولت مسؤوليات مماثلة خلال فترة الانسحاب العسكري الأميركي.
وكان رئيس اقليم كردستان مسود بارزاني قد اعتذر عن تلبية دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للاجتماع مع المالكي في مدينة النجف مؤكدا ان المشكلة ليست شخصية بينه وبين المالكي بل هي مشكلة الحكم في العراق وتتركز في عدم الالتزام بالدستور الدائم والاتفاقيات.
وعشية المباحثات بين الوفدين العسكريين للقوات المركزية والكردية قال المتحدث باسم كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي مؤيد الطيب إن الأزمة السياسية كانت موجودة قبل الإعلان عن تشكيل قوات دجلة وستظل ما لم تتم معالجة اسبابها. واضاف انه من المعروف ان هناك اتفاقات سياسية ولدت الحكومة الحالية برئاسة المالكي وعندما يتم التنكر لتلك الاتفاقات، سواء الموقعة بين قادة الكتل الرئيسة، او الثنائية الموقعه بين كتلتي التحالف الكوردستاني ودولة القانون، فأن الحكومة تصبح معلقة في الهواء لفقدانها الركائز التي قامت عليها.
وأشار الطيب في تصريح صحافي مكتوب تلقته quot;ايلافquot;إن إنهاء الأزمة السياسية، ضمنها العلاقة المتوترة بين رئاسة الحكومة الاتحادية والإقليم يتحقق بالعودة إلى بنود الاتفاقات التي تعدها قوى سياسية واسعة معالجة للنواقص في الدستور وارتقاء بممارسة القيم الدستورية والقانونية لما فيه مصلحة العراقيين جميعاً، ضمنهم الكرد وحقوقهم المشروعة وطموحاتهم ضمن الدولة العراقية الاتحادية الديمقراطية.
وقال quot;إن كل ما يثار من لغط بشان ممارسة القائد العام للقوات المسلحة (المالكي) لصلاحياته وتسليح الجيش العراقي لا علاقة للموقف الكردي الرسمي به، فنحن مع جيش اتحادي قوي، لكننا ندعو إلى ضرورة ابعاد الجيش عن النزاعات السياسية، وفي هذا السياق لم يكن في الأعتراض على تشكيل قوات جديدة، إنما على عدم العودة للسلطة التشريعية بخصوصها، وعسكرة المحافظات التي تتولى مهامها فيها، فليس من المعقول ان تسلط قيادة عسكرية على مجالس المحافظات المنتخبة، وتحول المؤسسات المدنية والأمنية التابعة لها لسلطة مسؤولين عسكريين هم في الأصل لم يصادق مجلس النواب على تعيينهم أصلاً، خصوصاً وأن العديد منهم مشمول بقانون المساءلة والعدالة (لاجتثاث البعث) بل هناك مؤشرات على دور بعضهم في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ليس في كردستان وحدها، إنما في وسط العراق وجنوبه، في قمع الانتفاضة الشعبانية بجنوب العراق بعد تحرير الكويتquot;.
ودعا التحالف الكردستاني الكتل السياسية الى quot;عدم الانجرار لتوليد الأزمات وتجاذباتها والابتعاد عن اهداف بناء دولة ديمقراطية اتحادية تحقق افضل الخدمات للمواطنين الذين طالما سحقتهم السياسات الشمولية في الحروب اوالأعباء الاقتصادية الناجمة عنها، ونؤكد أن الالتزام بالمعايير الديمقراطية هو المفتاح الحقيقي لحل الأزمة المستعصية في المؤتمر الوطني الذي يعمل على جمعه رئيس الجمهورية السيد جلال طالبانيquot;. وشدد بالقولquot;إن خلق الأزمات محاولة واضحة للهرب من الاخفاقات في تلبية طموحات الشعب، ومحاولة يائسة للتعتيم على درك الفساد المستحوذ على مؤسسات الدولةquot;.
وتشهد العلاقة بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي أزمة حادة بسبب خلافات عدة اخرها تشكيل بغداد quot;قيادة عمليات دجلةquot; لتتولى مسؤوليات امنية في مناطق مختلطة متنازع عليها في خطوة اثارت غضب القادة الأكراد الذين رأوا فيها quot;نوايا واهدافاquot; ضدهم.
وتصاعدت حدة التوتر بين بغداد واربيل اثر مواجهات بين قوات الامن العراقية ومسلحين في قضاء طوزخورماتو الشمالي قامت حكومة الاقليم على اثرها بحشد الاف المقاتلين من قات البيشمركة رغم تاكيد قائد عمليات دجلة الفريق عبد الامير الزيدي بان العملية كانت تهدف لاعتقال احد المشتبه بهم. وما زالت القوات الحكومية تنتشر في مواقعها فيما تواصل القوات الكردية حشد تشكيلاتها في استمرار للتوتر بين الجانبين.
وفي هذا السياق اعلن مصدر في رئاسة اقليم كردستان ان قوة ضخمة توجهت السبت من اربيل نحو حدود بلدة طوزخورماتو مجهزة باسلحة ثقيلة ومدرعات وانها استقرت حاليا قرب مدينة التون كوبري شمال مدينة كركوك. وأكد ان quot;تعليمات اعطيت لهذه القوات من رئيس الاقليم بضرب قوات عمليات دجلة اذا دخلت مدينة كركوكquot;.
التعليقات