دعا تحالفان سياسيان متنافسان في مصر للتظاهر الثلاثاء أحدهما إسلامي يسعى الى دعم الاستفتاء على دستور مثير للجدل مقرر السبت، والثاني يساري ليبرالي يطالب بتأجيل الاستفتاء لحين التوافق على مشروع الدستور.


القاهرة: يستعد انصار الرئيس المصري محمد مرسي ومعارضوه الثلاثاء ليوم حاشد من التظاهرات quot;المليونيةquot; وسط تصاعد الازمة السياسية الحادة التي تشهدها مصر منذ اكثر من اسبوعين بين فريق اسلامي يهتف quot;لدعم الشرعيةquot; وفريق ليبرالي ويساري يهتف quot;ضد الاستفتاء والغلاءquot;، وذلك قبل ايام من استفتاء مقرر السبت على مشروع دستور مثير للجدل.

وأكدت قيادات الفريقين سعي الجميع لتفادي التقاء الحشود المتقابلة واعلن كل فريق الاثنين مواقع تجمعاته ونقاط انطلاق مسيراته بحيث لا يلتقي الجمعان، لكن الحشود الاعظم ستكون في نهاية التعبئة على بعد اقل من كيلومترين من بعضها.

وستصب المسيرات الست المعلنة للمعارضة في العاصمة امام القصر الرئاسي في مصر الجديدة شرق القاهرة، في حين حدد الاسلاميون تجمعاتهم اساسًا في مدينة نصر المجاورة. ويثير هذا الاحتشاد في شوارع القاهرة مخاوف من حدوث صدامات واعمال عنف تعمل قوات الامن والجيش الذي منحه الرئيس مرسي سلطة توقيف المدنيين، على تفاديها.

وعنونت صحيفة الجمهورية (حكومية) quot;ثلاثاء الحسم: مليونيات في استعراض جديد للقوة قبل الاستفتاءquot;، في حين عنونت صحيفة الاخبار (حكومية) quot;يا رب احفظ مصرquot; عاكسة القلق من هذا الاحتشاد الشعبي.

وعنونت صحيفة الوفد الناطقة بلسان الحزب الليبرالي وعضو جبهة الانقاذ الوطني المعارضة quot;استفتاء العارquot;، وفي عنوانين فرعيين quot;نرفض منح الشرعية لدستور الفتنة والانقسامquot; وquot;نحذر من دفع المصريين لمواجهات داميةquot;.

في المقابل، عنونت صحيفة الحرية والعدالة الناطقة بلسان حزب الاخوان المسلمين quot;الدستور في يد الشعبquot; وquot;مليونيات حاشدة لدعم الشرعيةquot;. وعنونت صحيفة التحرير (مستقلة) quot;اليوم مصر ضد الغلاء والاستفتاءquot;، اما صحيفة الوطن (مستقلة) فكتبت في عناوين صفحتها الاولى quot;حرب المليونيات تشتعلquot;. وعنونت الشروق (مستقلة): quot;مليونيتان مؤيدة ومعارضة تعيدان شبح الاربعاء الداميquot;، في اشارة الى المواجهات الدامية الاربعاء الماضي.

وتحت عنوان quot;مرحبا بحزب الكنبةquot; كتب المحلل السياسي عمرو الشوبكي في عموده بصحيفة المصري اليوم (مستقلة) quot;الوضع في مصر يقول إن هناك تيارًا شعبيًا واسعًا كان ينتمي الى الاغلبية الصامتة بدا يعترض بصوت مرتفع على طريقة الاخوان في ادارة شؤون البلاد واصرارهم على تمرير دستور على مقاس الجماعةquot;.

واضاف أن quot;حزب الكنبة الرائع احتج على خطف الدولة ودستورها ونزل بشجاعة واحترام الى كل الشوارع والميادين، وهو ما اقلق من في الحكم فراح يتهمهم بأنهم فلول تماماً كما كان يفعل مبارك مع جماعة الاخوان المسلمين المحظورةquot;.

ورغم التعبئة والتوتر شهدت الساعات الاخيرة بعض الاتصالات والمواقف الرامية الى تخفيف الاحتقان. وفي هذا السياق، اعلن قياديون في حزب النور اهم الاحزاب السلفية عدم مشاركته في تظاهرات اليوم تفاديًا لمخاطر الصدام.

كما اجتمع الرئيس مرسي مساء الاثنين برئيس حزب الوفد السيد بدوي في مسعى لحلحلة الازمة غير أن بدوي لم يدلُ عقب اللقاء بما يفيد بأي جديد حيث اكتفى بالتأكيد على أنه لا يزال ملتزمًا بموقف جبهة الانقاذ الوطني المعارضة.

وقال مسؤولون في المعارضة في تصريحات للقنوات المحلية إن جبهة الانقاذ ستحدد موقفها النهائي بمقاطعة الاستفتاء أو التصويت ضد مشروع الدستور الاربعاء على الارجح وذلك خصوصًا بعد تبين موقف نادي القضاة من الاشراف على الاستفتاء الذي سيتوضح اليوم. في الاثناء اعلن حزب quot;مصر القويةquot; بزعامة عبد المنعم ابو الفتوح أنه سيدعو للتصويت بـ لا في الاستفتاء.

هدوء بمحيط الرئاسة المصرية عشية التظاهرات

إلى ذلك سادت حالة من الهدوء مساء الإثنين بمحيط قصر الاتحادية الرئاسي في القاهرة، والذي شهد اعتصام العشرات من المعارضين. وذكرت وكالة الأناضول للأنباء أن بعض المعتصمين أمام القصر التقطوا صورًا تذكارية على الدبابات التي نشرها الحرس الجمهوري لحماية القصر، كما حرص البعض الآخر على النوم مبكرًا في الخيام المنصوبة أمام القصر استعدادًا لمظاهرات اليوم.

ومن الناحية الأمنية، شهد محيط الاتحادية تواجدًا ملحوظًا لقوات الحرس الجمهوري الذي يتبع لمؤسسة الرئاسة والذي نشر 8 مدرعات على جوانب القصر المختلفة. وقال ضابط بالحرس الجمهوري، ضمن المكلفين بحراسة القصر لمراسل الأناضول، إن الأوامر لديه تقتضي السماح للمتظاهرين بالاعتصام السلمي دون إحداث أدنى تخريب في المنشآت العامة.

وأضاف الضابط أن القوات المكلفة بحراسة القصر لن تسمح بحدوث صدام بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه في حال اتجاه الأمور لذلك، كما أنها ستفرض طوقًا أمنيًّا للتأكد من هوية المشاركين في مظاهرة الغد حتى لا تحدث أي اشتباكات محتملة بين الطرفين.من جانبه، أرجع عمرو كمال، أحد المعتصمين قلة عدد المعتصمين أمام القصر إلى حاجتهم للراحة قبل مليونية اليوم.

مسيرات ضد الغلاء

من جهته، أعلن التيار الشعبي المعارض - أحد أعضاء جبهة الإنقاذ الوطن- في بيان له مساء أمس، أنه سيخرج بست مسيرات نحو قصر الاتحادية ضد الغلاء والاستفتاء على الدستور، الأولى من ميدان المطرية (شرق القاهرة)، والثانية من ميدان ابن سندر(شرق القاهرة)، والثالثة من مدينة نصر (شرق القاهرة)، والرابعة من حدائق القبة (شرق القاهرة)، والخامسة من مسجد النور بالعباسية (شرق القاهرة)، والسادسة من ميدان الحجاز(شرق القاهرة).

وفي ما يلي معطيات عن المعسكرين المتواجهين، جبهة الانقاذ الوطني وائتلاف القوى الاسلامية، في أخطر أزمة سياسية تشهدها مصر منذ انتخاب الرئيس محمد مرسي في حزيران/يونيو.

جبهة الانقاذ الوطني

تشكلت هذه الجبهة بعد ساعات من اصدار مرسي الاعلان الدستوري السابق في 21 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي والذي منح فيه لنفسه صلاحيات استثنائية واسعة، في اجتماع طارىء في مقر حزب الوفد الليبرالي.

ويرأس هذه الجبهة محمد البرادعي حائز جائزة نوبل للسلام والمدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورئيس حزب الدستور. وتضم الجبهة بالخصوص عمرو موسى وزير الخارجية الاسبق في عهد حسني مبارك والامين العام السابق للجامعة العربية رئيس حزب quot;المؤتمر المصريquot;.

كما تضم بين ابرز وجوهها حمدين صباحي زعيم quot;التيار الشعبي المصريquot; (ناصري) الذي كان حل ثالثًا في الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية الاخيرة في ايار/مايو حزيران/يونيو ونال 4,8 ملايين صوت.
وتضم الجبهة العديد من الاحزاب والحركات والشخصيات ذات التوجهات اليسارية والليبرالية والعلمانية.

وبين اعضاء الجبهة حزب الوفد (ليبرالي) اعرق الاحزاب المصرية والحزب المصري الاجتماعي الديمقراطي بزعامة محمد ابو الغار (يسار وسط) وحزب المصريين الاحرار الذي أسسه الملياردير القبطي نجيب سويرس.

كما انضم الى الجبهة نقيب المحامين سامح عاشور والمعارض القديم جورج اسحق اضافة الى حركة 6 ابريل التي تضم مجموعة من الشباب كانوا اسهموا في اطلاق الثورة على نظام حسني مبارك العام الماضي.

وسعت المعارضة التي تعرضت لانتقادات من انصارها لعدم توحدها في مواجهة الاسلاميين في الانتخابات الرئاسية والتشريعية الاخيرة من خلال تشكيل جبهة الانقاذ الوطني الى اقامة تكتل مؤثر في مواجهة الرئيس مرسي وانصاره.

ومنذ أن تراجع مرسي عن الاعلان الدستوري الذي اصدره في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، اصبح الغاء الاستفتاء على مشروع الدستور الذي تمسك الرئيس المصري بتنظيمه في موعده السبت القادم، اهم مطلب للجبهة المعارضة.

وتعتبر المعارضة أن مشروع الدستور يفتح المجال امام زيادة اسلمة المنظومة التشريعية في البلاد وتنقصه الضمانات الكافية للحريات. ويؤكد العديد من اعضاء الجبهة أن هذا التحالف سيظل قائمًا، سواء نظم الاستفتاء أم لم ينظم، حتى الانتخابات القادمة.

ائتلاف القوى الاسلامية

يضم ائتلاف القوى الاسلامية نحو 13 حزبًا وحركة اسلامية وسلفية من ابرزها جماعة الاخوان المسلمين التي قدم منها مرسي وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة. ويسعى هذا الائتلاف الى حشد الدعم quot;للشرعيةquot; ولتنظيم الاستفتاء في موعده المقرر ويدعو المصريين الى التصويت لصالح مشروع الدستور الذي اعدته لجنة تأسيسية يهيمن عليها الاسلاميون.

وجماعة الاخوان المسلمين التي ظلت لعقود طويلة غير معترف بها مع غض الطرف عن نشاطها، تمثل اكبر القوى السياسية في البلاد وتملك شبكة من مئات آلاف الانصار بحسب خبراء. وفاز حزب العدالة والتنمية بحوالي نصف مجلس الشعب في الانتخابات التشريعية الاخيرة في حين فاز السلفيون بنحو ربع مقاعده.

ودعا الائتلاف الواثق من قدرته على التعبئة الى تنظيم تظاهرتين الثلاثاء في القاهرة دعمًا لمشروع الدستور والرئيس مرسي تحت شعار quot;نعم للشرعيةquot;. وبدأ حملة بين المصريين لحثهم على أن يقولوا quot;نعمquot; لمشروع الدستور خصوصًا عبر مطويات وتجمعات مؤكدين أن تأييد مشروع الدستور يشكل quot;خطوة باتجاه الاستقرارquot;.

ويضم ائتلاف القوى الاسلامية العديد من القوى السلفية منها حزب النور وحزب الاصالة والاصلاح والدعوة السلفية. كما يضم الجماعة الاسلامية التي كانت مع تنظيم الجهاد الاسلامي، وراء موجة اعتداءات في تسعينيات القرن الماضي، قبل أن تعلن تخليها عن العنف.