البرلمان الكويتي

تخوض مجموعات سياسية كويتية عدة الانتخابات التشريعية، التي تنظم غداً الخميس، لاختيار أعضاء مجلس الأمّة (البرلمان) الخمسين، وهي مجموعات متنوعة، تتشكل من الإسلاميين المؤيدين لتطبيق الشرعية الإسلامية وصولاً إلى الليبراليين.


الكويت: تبدو المعارضة الكويتية، التي يقودها الإسلاميون السنَّة، متجهة إلى تحقيق فوز كبير في الانتخابات التشريعية الخميس، بعد حملة خاضتها تحت شعاري الإصلاح ومحاربة الفساد، مشددة على الطابع الـquot;تاريخيquot; للاستحقاق في سبيل تحديد مستقبل الكويت.

إلا أن نتيجة الانتخابات، وهي الرابعة في أقل من ست سنوات، لن تؤدي على الأرجح، بحسب المراقبين، إلى إنهاء التأزم السياسي، الذي يشلّ هذا البلد الغني وثالث أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط quot;أوبكquot;.

تضمنت حملات مرشحين من المعارضين مطالب تراوحت بين إرساء نظام متعدد الأحزاب، وضرورة أن تكون الحكومة منتخبة مع رفع عدد أعضاء مجلس الأمّة، وصولاً إلى إرساء ملكية دستورية.

وقال المحلل السياسي الكويتي المعروف سعد بن طفلة إن quot;كل المؤشرات تدل على أن المعارضة ستسيطر على البرلمان المقبل، وستدفع مباشرة نحو الإصلاحات الدستوريةquot;. إلا أن بن طفلة، الذي شغل في السابق منصب وزير الإعلام، أضاف لوكالة الأنباء الفرنسية quot;لست متفائلاً بأن الانتخابات ستؤدي إلى استقرار سياسي، ما لم يتم اعتماد إصلاحات ديموقراطية جذريةquot;.

والمعارضة الكويتية هي في الواقع مظلة لتحالف واسع وغير وثيق بين إسلاميين وليبراليين وقوميين ومستقلين، ويمكن أن يتفق أو يختلف أعضاؤها بحسب الموضوعات المطروحة. وقال الناشط والمحلل السياسي أنور الرشيد quot;إن انتخابات الخميس لن تؤدي إلى الاستقرار، لأن أعداء الديموقراطية لن يقفوا مكتوفي الأيدي بعد هزيمتهمquot;.

وأضاف الرشيد، وهو الأمين العام لمنتدى المجتمع المدني الخليجي، لوكالة الأنباء الفرنسية، إن quot;خطتهم تقضي بإقناع الكويتيين بأن الديموقراطية مضرّة، وبأن البرلمان هو من يعرقل مشاريع التنميةquot;.

وكانت المعارضة تشغل 20 مقعدًا في البرلمان، المؤلف من خمسين عضوًا، والذي حله أمير البلاد في كانون الثاني/ديسمبر، في أعقاب أزمة سياسية حادة ومظاهرات شبابية غير مسبوقة استلهمت الربيع العربي.

وقال طلال الكشتي المدير العام لمركز اتجاهات للدراسات والبحوث (مستقل) quot;استنادًا إلى دراساتنا واستطلاعاتنا، فأنا أعتقد أن المعارضة ستفوز بما بين 26 و33 مقعدًاquot;. وحصول المعارضة على 33 مقعدًا يعني سيطرتها بشكل كامل على قرار البرلمان، إذ إن الوزراء غير المنتخبين (15 وزيرًا) يتمتعون بحكم الدستور بحق التصويت في البرلمان.

ويخوض 50 مرشحًا معارضًا الانتخابات من بين 286 مرشحًا. وتخوض 23 امرأة الانتخابات. وتضم الكويت أكثر من 400 ألف ناخب، تشكل النساء 54% منهم. وتأمل النساء في تكرار فوزهن التاريخي في انتخابات 2009، عندما فزن بأربعة مقاعد للمرة الأولى بعد نيل المرأة الكويتية حقوقها السياسية في 2006.

ووضع مرشحو المعارضة الحملة الانتخابية تحت شعاري محاربة الفساد والإصلاح السياسي، خصوصًا بعد فضيحة فساد كبرى، تشمل 13 نائبًا سابقًا على الأقل. وحققت النيابة العامة مع 13 نائبًا سابقًا في اتهامات بحصولهم على إيداعات بملايين الدولارات في حساباتهم المحلية، فيما أكدت المعارضة أن هذه الإيداعات هي رشى من جانب الحكومة.

كما تأتي الانتخابات في أعقاب تصاعد كبير للتوتر الطائفي بين الغالبية السنية والأقلية الشيعية، وذلك على وقع التوترات الإقليمية. وتأتي الانتخابات كذلك بعد حركة الاحتجاجات غير المسبوقة، التي قادها الشباب، والتي أدت في النهاية إلى استقالة رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح.

وأكد الشباب الناشطون مرارًا وتكرارًا أنهم ليسوا ضد أسرة آل الصباح، التي تحكم الكويت منذ 250 عامًا، وإنما يريدون تغييرات جذرية في النظام السياسي. وشدد الشباب أيضًا على أن نشاطهم غير مرتبط بالانتخابات فقط، وأنهم سيعودون إلى الشارع إذا فشل البرلمان المقبل في تحقيق نتائج.

وأكد المرشح المعارض فيصل المسلم خلال تجمع انتخابي أن quot;مستقبل البلد ومستقبل الأمّة على المحكquot; في هذه الانتخابات، متهمًا القوى الموالية للحكومة السابقة، والتي تتهمها المعارضة بالفساد، بامتلاك quot;مشروع تدميري للبلادquot;.

أما البرلماني المخضرم والمرشح للانتخابات أحمد السعدون فاعتبر خلال التجمع نفسه أن الانتخابات المقبلة هي quot;لتحديد مستقبل الكويتquot;، معربًا عن خشيته quot;من أن تبدأ المواجهة مع رئيس الوزراء المقبل منذ اليوم الأولquot;.

من جهته قال المرشح الليبرالي المستقل والنائب السابق عبدالرحمن العنجري إن quot;هذه الانتخابات مختلفة كليًا عن الانتخابات الماضيةquot;، مؤكدًا أنها quot;تحدد مستقبل الكويتquot;.

وبغضّ النظر عن نتائج الانتخابات، فإن صلاحية تعيين رئيس الوزراء تبقى حصرًا في يد أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح، كما إن رئيس الوزراء سيكون من الأسرة الحاكمة، وكذلك الوزراء الرئيسون في الحكومة.

وفي ما يلي أبرز المجموعات السياسية التي تخوض الانتخابات:

- الحركة الدستورية الإسلامية، وهي مجموعة منبثقة من الإخوان المسلمين، تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية وبتعزيز الضوابط الاجتماعية.

لدى الحركة أربعة مرشحين لانتخابات الخميس، وتدعم ترشيح مرشحين قبليين عدةآخرين.

- التجمع السلفي الإسلامي، وهو مرتبط بجمعية إحياء التراث، المجموعة السنية ذات المواقف المتشددة في الموضوعات الأخلاقية.

وللتجمع أربعة مرشحين، كما يدعم عددًا من المرشحين الآخرين. يؤيد التجمع تطبيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية، لكنه محافظ جدًا على الصعيد الاجتماعي.

- التحالف الوطني الإسلامي، وهو مجموعة شيعية، لديها مرشحان لانتخابات الخميس وتدعم عددًا من الترشيحات الأخرى.

- تحالف العدالة والسلام، هو مجموعة شيعية أخرى، تشارك بمرشح واحد، وتدعم مرشحين عدة آخرين.

- quot;كتلة العمل الشعبيquot;، التي تضم نوابًا سابقين، بقيادة رئيس مجلس الأمّة السابق أحمد السعدون. وتخوض الكتلة الانتخابات بخمسة مرشحين.

وتركز الكتلة على موضوعات شعبوية، مثل السكن وتحسين الرواتب، إضافة إلى دعم الإصلاحات عمومًا.

- المنبر الديموقراطي في الكويت، وهو مجموعة ليبرالية، تدافع عن أفكار تقدمية جدًا، وخاصة حقوق المرأة، وإنشاء دولة مدنية، فضلاً عن إعطاء الأولوية للتنمية. يخوض المنبر الانتخابات بأربعة مرشحين، ويدعم عددًا من المرشحين الآخرين.

ونظمت كل القبائل البدوية تقريبًا انتخابات تمهيدية ضمن صفوفها، ويخوض مرشحو كل قبيلة المعركة الانتخابية سويًا.

وكل المجموعات السياسية، باستثناء المجموعات الشيعية، تخوض الانتخابات تحت مظلة واحدة، هي مظلة quot;المعارضةquot;، التي هي في الواقع تحالف عريض ومتعدد الأطياف، يتضامن أو يفترق بحسب الملفات.