النساء العراقياتيفضلن الخادماتالآسيويات

تنتشر ظاهرة اقتناء الخادمات في العراق، حيث تلجأ النساء إلى استقدامهن، وخاصة من الدول الآسيوية، إذ لا تحبّذ النساء العراقيات العمل في خدمة المنازل. وتختلف أسباب استخدام العاملات، كما يذكر أن الخادمة المسلمة هي الأغلى ثمنًا نظرًا إلى كثرة الطلب عليها بين الأسر.


بغداد: تنتشر ظاهرة الخادمات في العراق بشكل متزايد، برغم البطالة المنتشرة بين الرجال والنساء على حد سواء.

وترجّح سميرة حسن (صاحبة متجر ملابس نسائية) أن المرأة العراقية تجد في مهنة الخادمة عيبًا، وتفضّل المهن الشاقة على العمل في هذا القطاع. ولهذه الأسباب، إضافة إلى عوامل أخرى، منها تحسّن دخل الأسر لاسيما الموظفين، انتشرت ظاهرة الخادمة الأجنبية بين الأسر.

وقد استعانت المهندسة سعاد حسن بخادمة فلبينية، تكلفها مائتي دولار شهريًا، بسبب عدم توافر الوقت الكافي لديها لإدارة شؤون المنزل، لا سيما أن زوجها يعمل أيضًا.

وعلى الرغم من أن هناك أسبابًا مشروعة، تدفع سعاد إلىاستقدام خادمة، إلا أن هناك نساء تدفعهن (المباهاة) إلى اقتناء خادمة، رغم بقائهن طوال اليوم في البيت.

أسباب مشروعة

لكن أم أيمن (مغتربة لأكثر من عشر سنوات في المملكة المتحدة)، من كربلاء (108 كم جنوب غرب بغداد)، والتي تنحدر من عائلة ثرية، اضطرت إلى اقتناء خادمة، برغم كونها من دون وظيفة، حيث تقول إن اقتناء خادمة أتاح لها فرصة التجوال وقضاء أوقات ممتعة مع صديقات وأهل وأقرباء.

وتتابع: quot;حياتي الهانئة في لندن واقتنائي لخادمة هناك، يضطرني إلى فعل الأمر نفسهفي العراقquot;.

تنتشر في غالبية مدن العراق مكاتب تشغيل الخادمات بشكل ملفت، وتحرص هذه المكاتب على نشر إعلاناتها في الشوارع الرئيسة وبين الأحياء السكنية.

وفي مناطق المنصور والكرادة والجادرية، واليرموك والكاظمية (مناطق في العاصمة بغداد) تتزاحم الإعلانات في ما بينها لتقديم المعلومة عن تفاصيل استقدام الخادمات والعمالة الأجنبية، مع تقديم الإغراءات للمواطن لحثّه على اقتناء خادمة.

وفي مدينة الكرادة في بغداد، يشير إعلان إلى إمكانية التعاقد مع المكتب لاقتناء خادمة بأقل الأسعار.

وبحسب زامل سعد، صاحب مكتب (بغداد) للعمالة، فإن زبائنه في الغالب من الموظفين والأثرياء، حيث يسعون إلى اقتناء خادمة منزل. ويعترف زامل بأن الثقافة الاجتماعية العراقية لم تنسجم بعد بشكل كامل مع الظاهرة الجديدة، ما يؤدي إلى مشاكل كثيرة بين الأطراف الثلاثة، المكتب والخادمة، والعميل.

يتابع زامل: quot;المثير في هذا الجانب هو أن المرأة في الغالب هي من تحبّذ وجود خادمة في البيت، وليس الرجل. لكن الزوجة العراقية تفضّل الخادمة الآسيوية، مثل البنغلادشية والأندونيسية والفلبينية، على الخادمات الشقراوات من أوروبا الشرقية وروسيا، حيث بدأت بعض المكاتب تقدم عروضًا للتعاقد معهن.

خادمة أندونيسية

كلّف اقتناء خادمة أندونيسية، الطبيبة سعاد القيسي من الجادرية، نحو خمسة آلاف دولار. وبحسب القيسي، فإن الخادمة المسلمة هي الأغلى ثمنًا نظرًا إلى كثرة الطلب عليها بين الأسر.

وهناك أسر عراقية ثرية، تقتني خادمات من أوروبا الشرقية أيضًا، حيث يصل سعر الخادمة إلى نحو ثمانية آلاف دولار سنويًا.

لكن رحيم الياسري، صاحب مكتب استقدام عمالة يحدد معدلات الأسعار المتداولة بما يتراوح بين 2000 إلى 1500 دولار للخادمات من دول أفريقية أو من الفلبين أو تايلاند.

لا توجد إحصائية رسمية بعدد العاملين في قطاع (الخدمة) في العراق، لكن الياسري يرى أن أعدادها ما زالت قليلة قياسًا إلى دول الخليج. كما أشار إلى هجرة الكثير من الخادمات من الأردن وسوريا إلى العراق منذ نحو شهرين.

6آلاف عامل أجنبي

تشير تخمينات إلى أن أعداد العمالة الأجنبية في العراق، تقدر بنحو ستة آلاف عامل أجنبي،معظمهم في القطاع الخاص، لكن مصادر في وزارة الشؤون الاجتماعية ترجّح أكثر من هذا الرقم بكثير.

يكون اللجوء إلى اقتناء الخادمة في بعض الحالات لأسباب ليست ضرورية، وإنما بدافع المباهاة و(الغيرة) فقط، ونتيجة لذلك فإن بعض الأسر تستأجر خادمات، وتعجز عن دفع رواتب لهن.

ويشير زامل إلى أن امرأة عراقية تنحدر من عائلة متوسطة الحال، سعت إلى اقتناء خادمة تقليدًا للمسلسلات والأفلام الخليجية والمصرية.

وتفضّلغالبية الأسر العراقية الخادمة الأجنبية، رغم اختلاف الثقافة والدين، بسبب ندرة الخادمة العراقية أولاً، ولأن الخادمة الأجنبية أقل كلفة وأكثر استجابة للأوامر، وأدق تنفيذًا للواجبات من (العاملات) العراقيات.

في كردستان، تبدو عملية استقدام الخادمات أكثر تنظيمًا، وتندر المكاتب التي تعمل بصورة غير قانونية هناك، إلا أن أعدادها أكثر مقارنة بباقي المدن العراقية. لكن كردستان تتشابه مع مدن العراق المختلفة في وجود ظاهرة تأجير الخادمات في السوق السوداء، لا سيما في شهر رمضان والمناسبات والأعياد.

وتشير أم سعيد إلى أن الحاجة إلى الخادمة يبدو أمرًا حتميًا في بعض الحالات، إذا كانت الأسرة تضم شخصًا عاجزًا أو مريضًا. وتتابع: quot;في السابق كان التكاتف العائلي وكثرة أفراد الأسرة يغطي النقصquot;. وتتابع: quot;أنا موظفة، ووالدتي مريضة، وكل أفراد الأسرة يعملون، فلا بد من الاستعانة بخادمةquot;.

الاستغلال والعبودية

لكن الباحثة الاجتماعية سميرة الخزاعي، التي أقامت بحوثًا حول هذا الموضوع، ترى أن الأمر الإيجابي في ظاهرة الخامات في العراق هو أنها، على عكس الدول الأخرى، لم تتحولحتى الآن إلى شكل من أشكال الاستغلال والعبودية.

وتتابع: quot;تحصل بعض الحالات، التي تستغل فيها الخادمة، لأغراض غير تلك التي تعاقدت مع ربّ العمل لأجلها، حيث تحصل في بعض الأحيان حوادث تحرّش جنسي واستغلال للقيام بأعمال ليست من اختصاصها، مثل ممارسة فعاليات إنتاجية.

تقول الخادمة الأندونيسية عائشة، وتخدم في بيت التاجر سعيد القريشي في حي المنصور في بغداد، إنها خدمت سابقًا في دول الخليج نحو أربع سنوات، لكنها لم تجد التعامل القائم على الاحترام مثلما هو الحال في العراق. وتضيف: quot;العراقيون طيبون، ويحترمون المرأة والخادمة، ويتعاطفون معهاquot;. وتتابع: quot;أستطيع أن اتصل بعائلتي في أندونيسيا وقتما أشاء، كما إن الأسرة توفر لي متطلبات العيش الكريمquot;.

تتكلم عائشة اللغة العربية بلهجة خليجية، وتستطيع التعامل بوساطتها مع جميع أفراد الأسرة، لا سيما الأطفال، وتقول إن الأسرة فرحت، لأنني علّمت الأطفال أصول الدين والصلاة، وهو أمر يشعرني بالرضا.

وترى الناشطة النسوية لمياء الجميلي أن العادات والتقاليد تحصر ممارسة المرأة للأعمال في مجالات ضيقة جدًا، حتى في أكثر المناطق انفتاحًا، مثل بغداد ومدن كردستان في شمال العراق. وتشير الجميلي إلى أن ذلك يولد نسبة بطالة كبيرة بين العراقيات.

وتتابع: quot;لو اشتغلت العاملة العراقية في قطاع (الخادمات) فإن نحو ثلث البطالة بين الناس سينحسر، إضافة إلى أن لذلك فائدة كبيرة تنعكس على الأسرة العراقية، حيث يترعرع الطفل على يد امرأة، تحمل الثقافة نفسهاوالعادات والتقاليد عينهاquot;.

تهديد للعمالة المحلية

يقول كريم حسن من وزارة الشؤون الاجتماعية إن توريد العمالة يمثل في كل الأحوال تهديدًا حقيقيًا للعمالة المحلية، ويقلّص فرص العمل.

ويتابع: quot;حتى في موضوع الخادمة، فإن هناك قوانين في هذا الشأن، لكن أصحاب المكاتب يلائمون فعالياتهم في استقدام الخادمات مع تلك القوانين بغية شرعنتهاquot;.

وتحرص وزارة الصحة العراقية على تفعيل الإجراءات، التي تحول دون استقدام الخادمات المصابات بأمراض معدية، حيث اكتشفت في الأعوام السابقة بعض الحالات، وتم استبعادهن إلى خارج الحدود.