صورة نشرتها لجان التنسيق المحلية لمتظاهرين يحرقون إطارات في داريا في ضواحي دمشق

ترددت أنباء في الولايات المتحدة عن أن مجلس الأمن القومي يعكف على إعداد أمر رئاسي يجيز العمل السرّي كأحد الخيارات السياسية للتعامل مع الملف السوري، في وقت يبحث فيه الغرب الإمكانيات المتاحة لدعم المعارضة السورية.


تدرس الحكومات العربية والغربية، التي تبحث عن استراتيجيات للتعامل مع الأزمة السورية، سبل تعزيز المعارضة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، بما في ذلك دعم الجيش السوري الحر.

وكان الفيتو الروسي والصيني في مجلس الأمن الدولي أضعف آفاق الحل عن طريق المفاوضات التي كانت قاتمة أصلاً.ولكن دبلوماسيين ومحللين غربيين يحذرون من أن الانقسامات العميقة في صفوف المعارضة وقوة نظام الأسد وصعوبة تنفيذ عمليات سرية... كلها تطرح مشاكل جدية.

وفي واشنطن، تردد أن مجلس الأمن القومي يعكف على إعداد أمر رئاسي، يجيز العمل السري كأحد الخيارات السياسية، ولكن لا يُعرف إن كان البيت الأبيض سيقدم على مثل هذه الخطوة الخطرة بتوقيع الأمر فعلاً.

في هذا الشأن، نقلت صحيفة الغارديان عن الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية روبرت بير، الذي عمل في الشرق الأوسط، إن مثل هذا الأمر الرئاسي إذا وُقع سيكون تسربيه فوريًا، وسيكون حدثًا بمثابة القنبلة.وأضاف بير إن إدارة أوباما quot;ليست لديها فكرة عمّا ينبغي أن تفعله، وهي لا تريد أن تكون وراء التطهير العرقي للعلويين، الأمر الذي سيكون له تأثير متفجر في لبنانquot;.

وكانت بريطانيا وفرنسا أرسلتا شحنات سرّية من الأسلحة للثوار الليبيين في العام الماضي، ولكن يبدو أنه من المستبعد أن تكررا هذا التكتيك في سوريا.

وفي الحالة الليبية، قدمت فرنسا أسلحة... وبريطانيا معدات غير فتاكة.وقام عسكريون من قطر بأكبر دور خارجي، كما شاركت وحدات من الامارات والأردن، بحسب صحيفة الغارديان، ناقلة عن ضابط سابق في الاستخبارات البريطانية قوله إن أي تدخل خارجي في سوريا سيتعيّن quot;أن يكون له وجه عربيquot;.

لعل أهم اللاعبين من الخارج هي تركيا، التي تستضيف المجلس الوطني السوري، وتوفر ملاذًا آمنًا للجيش السوري الحر وأفراده ذوي التسليح الخفيف في مواجهة قوات النظام.

وقال إميل هوكايم المحلل المتخصص في الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن quot;إن ثقة الأتراك بهذا الدور ومدى سفوره أو سريته اعتبارات أساسيةquot; في هذا المجال.

وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أعلن الثلاثاء أن تركيا ستطلق مبادرة جديدة في أعقاب ما سمّاه quot;مهزلةquot; مجلس الأمن الدولي.وتوجّه وزير خارجيته أحمد داود أوغلو الأربعاء إلى واشنطن لبحث المبادرةمع نظيرته الأميركية هيلاري كلنتون، رغم أن تفاصيلها لم تُعلن.

وقال سنان أولغين، وهو دبلوماسي تركي سابق يعمل الآن في مؤسسة كارنغي للسلام الدولي، إن خيار أنقرة المفضّل هو تقديم دعم إقليمي لعمليات محدودة ينفذها حلف شمالي الأطلسي، بما في ذلك إقامة quot;منطقة آمنةquot; للثوار، وممر لإيصال المساعدات الإنسانية.

ونقلت صحيفة الغارديان عن أولغين قولهquot;إن تركيا عبرت نقطة اللاعودةquot;، وأحرقت جسورها، وكلما طال بقاء الأسد... زاد الوضع ترديًاquot;.وأضاف quot;إن تركيا راهنت رهانًا كبيرًا على تغيير النظامquot;.

ويؤيّد القطريون أيضًا شكلاً من أشكال التدخل العسكري المحدود.وقال شادي حامد مدير الأبحاث في مركز بروكنز الدوحة quot;إن الزخم ينتقل بعدما حدث في مجلس الأمن نحو الحديث عن منطقة عازلة أو منطقة آمنة، وإن حديثًا جديًا يجري هنا حول ذلك، ولكن القطريين يريدون انخراط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبيquot;.

ويرى مراقبون أن إقامة منطقة آمنة سيترتب عليه تدمير الدفاعات الجوية السورية، وأن هذا سيتطلب مشاركة القوات الأميركية، الأمر الذي استبعدته واشنطن في الوقت الحاضر، ولكن حامد أشار إلى أن إدارة أوباما أطلقت إعلانات مماثلة قبل التدخل في ليبيا.

في هذه الأثناء، يُرجّح أن يرتدي التدخل الخارجي شكل دعم خفي للجيش السوري الحر.ويُقال إن قطر والعربية السعودية تنهضان بالتمويل، لكن الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية روبرت بير قال إن الجيش السوري الحر يواجه مشاكل في تهريب أسلحة ثقيلة ومتطورة إلى الداخل.

ونقلت صحيفة الغارديان عن بير إن الجيش السوري الحر يريد الحصول على أسلحة مثل صواريخ أرض ـ جو، ولكن لا يُسمح بنقلها عبر الحدود في تركيا أو الأردن، مضيفًا أن الكثير من هذه المعدات تباع في أسواق السلاح في ليبيا.

وتوقع الباحث هوكايم تزايد الدعم للجيش السوري الحر، محذرًا من أن غياب التنسيق بين دول الخليج يهدد بظهور ميليشيات متنافسة.وعلق المحلل مارك لينتش قائلاً إنه يتوقع أن quot;تزداد الدعوات إلى مدّ الجيش السوري الحر بالسلاح، أو أن يجري ذلك بلا ضجة... ولكن يجب ألا يتوهم أحد بأن هذا علاج سحري.فمن الأرجح بكثير أن يسفر تسليح الطرف الأضعف في حرب أهلية مدوَّلة عن طريق مسدود مؤلم منه عن نتيجة حاسمة سريعةquot;.

وتتابع الأردن تطورات الوضع في سوريا بأعين القبائل الموجودة على جانبي الحدود. ويمكن أن تتولى الأردن أيضًا تدريب وإمداد الثوار المناوئين للأسد، ولكن في حالة واحدة فقط، هي أن تناط به quot;مقاولة ثانويةquot; من دول الخليج الأغنى بكثير، على حد قول صحيفة الغارديان.

ويُرجّح أن تكون الأولوية لإقناع المعارضة السورية المنقسمة برص صفوفها على أي نشاط سري، لأسباب ليس أقلها أن حظر الاتحاد الأوروبي على السلاح يمنع إرسال أي إمدادات منه.

وقال الخبير العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بين باري إن أي تقويم للجيش السوري الحر سيخلص إلى أن أشد ما يحتاجه هو اتصالات آمنة.فإن مقاتليه كانوا يستخدمون هواتف خلوية بأرقام سورية، من السهل أن تراقبها الأجهزة السورية.

كما إن مدّه بأسلحة مضادة للدبابات ومناظير الرؤية الليلية، من شأنه أن يساهم في تحسين أدائه ضد قوات النظام المتفوقة.

وكانت النزاعات السابقة في المنطقة شهدت تهريب السلاح على طرق، كثيرًا ما تمر عبر مناطق كردية، ولكن أكراد سوريا لم يسمحوا حتى الآن بمرور أسلحة إلى المعارضة، كما تلاحظ صحيفة الغارديان.