صحافيو الأردن متهمون بالفساد

وضعت قائمة نشرت فيها أسماء صحافيين أردنيين تلقوا مبالغ مالية كبيرة من قبل رئيس المخابرات السابق محمد الذهبي، سمعة الوسط الإعلامي على المحك، ما جعلهم ينتفصون مطالبين باتخاذ الإجراءات اللازمة لإظهار الحقيقة. ورجّح البعض أن تكون الأسباب الرئيسة وراء نشر القائمة سياسية.


عمّان: باتت شبهة الفساد تطارد العديد من الصحافيين في الأردن، بعد تسريب قائمة ونشرها على مواقع إخبارية أردنية، تضمنت أسماء العديد منهم، تكشف عن مبالغ ماليةبآلاف الدنانير دفعت لهم من قبل مدير المخابرات السابق محمد الذهبي، وبقيت التفاصيل حول ما إذا كان الدفع قد تم أثناء وجوده في عمله الرسمي أو بعد مغادرته.

بعد نشر القائمة، التي ضمّت 35 اسمًا من كتاب الصحف اليومية وقيادات الإعلام الأردني، هبّ الوسط الإعلامي للدفاع عن نفسه، وتكذيب هذه القائمة وما جاء فيها.

وقال صحافيون أردنيون لـquot;إيلافquot;: إن تسريب القائمة جاء من خصم الذهبي، وهو باسم عوض الله، الذي يريد إسقاط الكثير من أقلام الصحافة الوطنية، التي حاربت مشروعه المتمثل في بيع ممتلكات ومؤسسات الدولة، التي تقف ضد مشروع التوطين الذي يريد تنفيذه في الأردن.

وأضافوا إن الإعلام الأردني يعيش حاليًا أزمة بسبب هذه القوائم المفبركة، التي طالت الكثير من الإعلاميين من المجالات كافة،خاصة الصحف اليومية.

وتقول رئيسة تحرير صحفية الغد الأردنية جمانة غنيمات، إن أزمة كشف قوائم القضبية، أي الفئات التي تلقت أموالاً من جهات حكومية أو أشخاص،يعتقد بعض الصحافيين أنها تعتبر مبررًا قويًا لتفرض الدولة والحكومة قيودًا وتشريعات جديدة على وسائل الإعلام من دون استثناء.

غير أن ناشر ومدير تحرير موقع عمون الإخباري باسل العكور يتهم بصراحة رئيس الديوان السابق باسم عوض الملقب بالبهلوان بأنه وراء جعل صحافي من أتباعه ينشر قائمة مفبركة، للنيل من الصحافة، التي تدعم محاكمة عوض الله، وتؤيد مطالب الحراك الشعبي الأردني بمحاكمة عوض الله بصفته رأس الفساد ورمزه الكبير في الأردن، مشيرًا إلى أن عنوان المسيرات يوم الجمعة المقبل سيكون محاكمة عوض الله.

من جانبه، أكد رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحافيين جهاد أبو بيدر أن الساحة الإعلامية لن تكون ساحة تصفية حسابات لأقطاب سياسية، بات الفساد يلاحقها، وتعرف في كل الأوساط الرسمية والشعبية والإعلامية بأنها رموز الفساد، وتعمل على تدمير الأردن.

إلى ذلك، يعتقد رئيس هيئةتحرير صحيفة العرب اليوم المستلقة سميح المعايطة أن تسريب قائمة تضمنت أسماء إعلاميين أردنيين زجّ الوسط الإعلامي في أزمة كان هدفها ضرب مصداقية وسائل الإعلام كلها من دون استثناء منصحف يومية ومواقع الكترونية. ويرى أن quot;الصحافة اليوم تدفع ثمن حرب سياسية، أبطالها خصوم، كان لهم القوة والتأثير في فترة سابقةquot;.

وتسود قناعة راسخة لدى الوسط الإعلامي أن عوض الله خلّف تلك القائمة لأسباب عديدة، يقول العكور إن الهدف منها ضرب مصداقية ومهنية كل وسائل الإعلام المحلية أمام الرأي العام، وتكون المحصلة انهماك هذا القطاع باستثمار كل قوته للدفاع عن الإعلاميين من وصمة الفساد التي باتت تلاحقهم.

أيّد أبو بيدر حديث العكور، وقال أعتقد أن من أحدث هذا الزلزال عليه انتظار الهزات الارتدادية، خصوصًا بعد تحويل الملف إلى النائب العام، وانتظار التحقيق والحقائق، وقيام الكثير من الزملاء، الذين ذكرت أسماؤهم في القائمة، برفع قضايا على ناشري المواقع لمعرفة من يقف وراءهم في الخفاء.

فيما تذهب مخاوف غنيمات في اتجاه آخر، وهو أن تسريب القائمة هو لعبة حكومية وراءها شخصيات سياسية متنفذة، وذلك لتكون بوابة لسنّ تشريعات جديدة وقيود جديدة على الإعلام وحرية الرأي والتعبير.

ويعيش الوسط الصحافي منذ أيام حالة استياء، لأن شبهة الفساد تطارد الكثير من رموزه، وتزداد مخاوف بعض الفئات منهم من خروج قوائم سرّية أخرى لمسؤولين على مستوى الدولة، كانوا في مواقع السلطات التشريعية والتنفيذية سابقًا.

وأجمع الصحافيون الذين تحدثوا لـquot;إيلافquot; على أن الوسط الإعلاميتجاوز هذه المسألة رغم صعوبتها، وأكدوا على ضرورة استمرار العمل بمهنيةوحرية وحذر في نقل الحقائق، والابتعاد عن اغتيال الشخصية،وملاحقة الفاسدين للوصول إلى الحقيقة، وهي مهمة الصحافة الرئيسة، خصوصًا في ظل الأوضاع الراهنة التي يمر بها الأردن.

حول دور نقابة الصحافيين، انتقد كل من العكور وغنيمات إجراء النقابة، واختصاره في تحويل ملف القضية إلى النائب العام للتحقيق بملف التهم الموجّهةإلى الصحافيين، واصفين إياه بالضعيف والمتخبط، والذي جاء دون طموح الجسم الصحافي، لأن القضاء لن يمنح الصحافة صكوك غفران وبراءة أمام الرأي العام، فتهمة الفساد تمسّ شرف مهنة الصحافة، وطالت العديد من الزملاء.

وطالب الصحافيون النقابة الحصول على القوائم الرسمية الموجودة لدى الدوائر الرسمية، لكشف حقيقة الأسماء، خاصة قائمة رئيس الديوان السابق عوض الله، التي تضمنت أسماء العشرات من الصحافيين.

رسميًا، لم تعلق الحكومة على أزمة الإعلام وقوائم الفساد فيه، والتزمت الصمت، واكتفت بتصريح مقتضب لوزير الإعلام، نشر على المواقع الإخبارية، مفاده أن الإعلام خارج عن سيطرة الحكومة، وأن هناك مؤسسات متخصصة، منها دائرة الإعلام في الديوان الملكي والمخابرات، وهما الجهتان اللتان تسيطران على الإعلام الأردني.