تراقب الولايات المتحدة وحلفاؤها أسلحة سوريا الكيمياوية منذ زمن بعيد، وتشدد واشنطن ودول حليفة أخرى في الشرق الأوسط مراقبتها على مستودعات النظام السوري من الأسلحة الكيمياوية والبيولوجية وسط مخاوف من استخدامها إذا تصاعدت الأزمة وخروجها بالتالي عن نطاق السيطرة.
إمكانية استخدام الأسلحة الكيمياوية في النزاع السوري تثير قلق الولايات المتحدة |
نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين عسكريين أميركيين أن الولايات المتحدة تستخدم الأقمار التجسسية وغيرها من أجهزة الرصد لمراقبة هذه المستودعات، تعبيرًا عن مخاوف واشنطن من التهديد المتزايد بانتشار الأسلحة الكيمياوية والبيولوجية.
لكن مسؤولين أوضحوا أنهم لم يروا حتى الآن ما ينذر بتعرّض أي من مخازن السلاح إلى خطر داهم من وقوعها تحت سيطرة قوى مناوئة لنظام الرئيس بشار الأسد أو مقاتلين إسلاميين. ويعتقد المسؤولون أن هذه القوى غير قادرة حاليًا على تنفيذ هجمات بالمستوى المطلوب من الكفاءة والتخطيط، وأن المنشآت التي تُخزن فيها كميات من غاز الأعصاب وغاز الخردل محروسة بقوات موالية للنظام، وبُنيت بمتانة تتحمّل الهجوم.
واعتمد الثوار المسلحون تسليحًا خفيفًا على تكتيك الكر والفر حتى الآن. ولكن عدد المنشقين عن الجيش النظامي في تزايد، وهذا ما يمد الثوار بقدرات متسعة.
وقال مسؤولون أميركيون إنهم يعتقدون أن لدى النظام السوري أسبابًا وجيهة لتأمين مخازن أسلحته. وقال أحد المسؤولين إن غالبية الدول التي لديها مخزون من الأسلحة الكيمياوية تعتبرها أداة استراتيجية، وليست تكتيكية، والأدوات الاستراتيجية تكون عادة محمية حماية محكمة.
وعملت إدارة أوباما على تعزيز التنسيق مع الدول المجاورة لسوريا، وخاصة العراق ولبنان والأردن، لمنع انتقال أسلحة دمار شامل خارج الحدود السورية ، كما أفادت صحيفة وول ستريت جورنال نقلاً عن مسؤولين أميركيين وعرب.
ويؤكد هذا المجهود، الذي تقوده الولايات المتحدة، قلق واشنطن بشأن تصاعد أعمال العنف في سوريا وغياب الخيارات المطلوبة لمعالجة الوضع بعد الفيتو الروسي والصين في مجلس الأمن ضد القرار الداعي إلى تنحّي الأسد.
في غضون ذلك تحدث ناشطون يوم الثلاثاء عن أعنف قصف استهدف مدينة حمص المحاصرة منذ 11 يومًا، مؤكدين سقوط مئات القتلى. وإلى جانب الاشتباكات بين قوات النظام والعسكريين المنشقين في محيط حماه، حيث قُتل أربعة جنود من القوات الحكومية فإن قوات النظام قتلت 20 مدنيًا في مناطق مختلفة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان في لندن.
في غضون ذلك، تواصل دول عربية إعداد مشروع قرار جديد لتقديمه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بهدف تشديد الضغط الدبلوماسي على نظام الأسد. وكانت الجامعة العربية اقترحت عقب اجتماعها يوم الأحد تشكيل قوة لحفظ السلام بمشاركة الأمم المتحدة، متعهدة دعم المعارضة السورية سياسيًا وماديًا. واعتبر دبلوماسيون عرب هذه الصياغة مؤشرًا إلى الاستعداد لتسليح قوى المعارضة.
ويعتقد القادة العسكريون الأميركيون أنه من الضروري تكوين صورة أوضح عن انتشار قوى الثوار على الأرض وحجمها قبل أن يفكروا في أي خطوات لمساعدتها بإمدادات. وقال مسؤولون إن من الخيارات المطروحة تقديم معدات اتصالات غير فتاكة للثوار.
وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي سلط الضوء في إفادة أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء على الثغرة الموجودة في معلومات الولايات المتحدة عن المعارضة السورية. وقال الجنرال ديمبسي quot;ليس لدينا فهم واضح لطبيعة المعارضة، ونعمل مع أجهزة الاستخبارات لتكوين مثل هذا الفهمquot;.
وكانت الولايات المتحدة احتاجت أشهرًا لتقويم المعارضة في ليبيا. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين إن الوضع أشد تعقيدًا في سوريا، حيث لدى الأسد ألوية ذات تسليح ثقيل، ودفاعات جوية متطورة، وآلاف الصواريخ والأسلحة الكيمياوية. وقال مسؤول أميركي عن أي تدخل محتمل إنه سيكون أصعب بكثير من عملية ليبيا على ما فيها من تعقيد.
وأشار الجنرال ديمبسي إلى الخطر الذي تشكله أسلحة النظام السوري الكيمياوية والبيولوجية قائلاً إن الولايات المتحدة تراقب ما يظهر من اتجاهات في الجيش السوري للتأكد من بقائها تحت سيطرة النظام.
وقال الجنرال ديمبسي إن الجيش السوري الحر هو الآن محور المعارضة، ويتألف quot;في الغالبquot; من مقاتلين سوريين، ولكنه أضاف quot;نحن نعرف أيضًا أن لاعبين إقليميين آخرين يقدمون الدعم، ومن شأن هذا أن يعقد الوضعquot;.
وتعمل أجهزة الاستخبارات على فهم تركيبة المعارضة، في محاولة تبدو مماثلة لحالة ليبيا في المرحلة الأولى من حربها. ويخشى بعض المسؤولين الأميركيين أن عناصر القاعدة ربما كانوا وراء سلسلة التفجيرات الأخيرة في سوريا. ويذهب مسؤولون إلى أن بعض المقاتلين السنة دخلوا من العراق. وتعتقد الولايات المتحدة أن على الأقل بعض الأسلحة التي يستخدمها الثوار في سوريا وفرتها عشائر سنية في العراق.
ولم يؤكد الجنرال ديمبسي في إفادته التقارير التي تتحدث عن دور القاعدة، ولكنه قال إن وجود تنظيم القاعدة في سوريا يجب ألا يُستبعد. وأضاف quot;إن لدى جميع اللاعبين في المنطقة مصلحة على ما يبدو، وإن أولئك الذين يريدون التحريض على مواجهة بين السنة والشيعة، جميعهم يتدخلون في سوريا، وأنتم تعرفون من همquot;.
وتراقب الولايات المتحدة وحلفاؤها أسلحة سوريا الكيمياوية منذ زمن بعيد. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي تومي فيتور إن سوريا مبعث قلق بالغ بشأن انتشار هذه الأسلحة، وبالتالي quot;فنحن نراقب أنشطتها في مجال الأسلحة الكيمياوية عن كثبquot;. وأضاف أن الولايات المتحدة ستعمل مع الدول الأخرى التي لها موقف مماثل لتعطيل برنامج الأسلحة الكيمياوية السوري.
التعليقات