تسريبات في الفاتيكان تجعل منقدرته لى حفظ الأسرار موضع تساؤل |
شهد الفاتيكان خلال الأسابيع الماضية تسريبات جعلت من قدرته المعهودة على حفظ الأسرار موضع تساؤل، بعد أن نجح منذ زمن في الحفاظ على وحدة الكنسية.
لندن: كان الفاتيكان معروفا بكونه مؤسسة ذات قدرة اسطورية على التكتم. ولكن مقر الحبر الأعظم شهد خلال الأسابيع الماضية نزيفا غير معهود من التسريبات الداخلية. ويحاول مسؤولو الفاتيكان الآن ان يعرفوا إن كانت التسريبات سلسلة من المصادفات أو فصلا في حملة داخلية لتقويض قيادة البابا بخرق تقليد السرية الذي نجح منذ زمن طويل في الحفاظ على وحدة الصف الكنسي، بحسب مصادر متعددة.
ورغم كل الثغرات التي فُتحت مؤخرا فإن السر الذي ما زال محفوظا بكتمان شديد داخل الفاتيكان هذه الأيام هو هوية الذي يقوم بهذه التسريبات.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن الأسقف سيرجيو باغانو رئيس ارشيف الفاتيكان السري كما تُسمى الارشيفات البابوية، ان وثائق تخرج من الفاتيكان quot;ولا نعرف كيف تخرج ولماذا تخرجquot;.
وكانت قناة تلفزيونية ايطالية كشفت في مطلع العام رسالة من كبير الأساقفة كارولو ماريا فيغانو الذيب عُين سفير الفاتيكان في واشنطن، الى البابا بندكتوس السادس عشر (84 عاما) يتهم الفاتيكان بالفساد. واعقب ذلك تسريب مذكرة داخلية تشكك في التزام الفاتيكان بمكافحة تبييض الأموال على ايدي زبائن لديهم حسابات في مصرف الفاتيكان. ثم جاء أكثر التسريبات سوريالية بالكشف عن مذكرة قدمها كاردينال الى الرجل الثاني في الفاتيكان بشأن مؤامرة لقتل البابا.
ويأتي توقيت التسريبات في فترة دقيقة بصفة خاصة، حيث من المقرر ان يعلن البابا يوم السبت المقبل ترقية عدد من مسؤولي الكنيسة الكاثوكليكية في انحاء العالم الى مرتبة كاردينال.
وقال تيموثي دولان اسقف نيويورك المرشح لترقيته الى كاردينال ان بعض ما كشفت عنه التسريبات يبين الحاجة الى مزيد من المحاسبة في الفاتيكان وليس مزيدا من السرية. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن كبير الأساقفة دولان انه يرفض التقليل من شأن القضية بل ان quot;هذه هي روح القدس تدعو الكنيسة الى التطهرquot;.
وكان الفاتيكان طيلة قرون مستودع اسرار، اسراره هو واسرار دول اخرى أيضا.
وأُبقيت الوثيقة الموسومة quot;سر فاتيما الثالثquot;، وهي نبؤة أُطلقت عام 1917 باغتيال اسقف في رداء ابيض، في ارشيف منفصل عن الأرشيف السري حتى عام 2000 ثم نشر الوثيقة البابا يوحنا بولص الثاني الذي كان نفسه هدف محاولة اغتيال في عام 1981.
ويضم ارشيف الفاتيكان السري وثائق يقول ان عمرها 21 قرنا وتستأثر برفوف طولها 85 كيلومترا ، قسم منها محفوظ في سرداب تحت الأرض.
ويمكن للباحثين ان يطلعوا الآن على وثائق تتعلق بأحداث تاريخية من ادانة غاليلو بتهمة الهرطقة الى خروج الملك هنري الثامن عن الكنيسة الكاثوليكية. وقال باغانو ان الاطلاع على القسم الذي يغطي بابوية بيوس الثاني عشر ، خلال سنوات الحرب العالمية الثانية ، يبقى ممنوعا.
وكثيرا ما يُستحضر ميثاق الصمت في الفاتيكان لحماية اسرار رجال الكنيسة الكاثوليكية في انحاء العالم، وخاصة في المناطق التي تناصب الفاتيكان العداء.
ولكن الأسابيع القليلة الماضية كشفت أنه في عصر الإعلام الإلكتروني والانترنت فإن مقر الحبر الأعظم نفسه، لا يستطيع ان يبقي دسائسه الداخلية طي الكتمان.
ويرى بعض مسؤولي الفاتيكان، ان التسريبات حملة تهدف الى تشويه ادارة الفاتيكان الحالية بقيادة الرجل الثاني ووزير خارجية الفاتيكان الكاردينال تارسيسيو برتوني. وبخلاف وزراء خارجية الفاتيكان السابقين، فان الكاردينال برتوني ليس من خريجي مدرسة الفاتيكان الدبلوماسية حيث تعلموا الحيطة والتكتم وغير ذلك من فنون إدارة الدولة بل هو محام مختص بالفقه وعمل بوصفه ساعد البابا الأيمن حين كان البابا كاردينالا مسؤولا عن مكتب العقيدة.
وقال الأب فيديريكو لومباردي الناطق باسم الكرسي الرسولي إن الإدارة الأميركية واجهت تسريبات، والآن يواجه الفاتيكان قضية مماثلة هي تسريب وثائق هدفها اشاعة البلبلة والاستغراب وتشوه صورة الفاتيكان.
التعليقات