الانقسام والتفكك مستمر في المجلس الوطني السوري

تنقسم المعارضة السورية الى مجموعات كثيرة مع مرور عام على الثورة هناك، إلى درجة تبدو غير قادرة على الاتفاق حول استراتيجية موحدة للاطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، الأمر الذي من المتوقع أن يحتل القسم الأكبر من نقاشات مؤتمر أصدقاء سوريا.


بيروت: بعد مرور عام تقريباً على اندلاع الثورة الشعبية في سوريا، تبقى المعارضة عبارة عن مجموعة من الجماعات السياسية المنقسمة، والمنفيين منذ فترة طويلة والمنظمين على مستوى القاعدة الشعبية والمقاتلين المسلحين. كل هذه المجموعات منقسمة على أسس ايديولوجية أو عرقية أو طائفية، ومفككة لأقصى الحدود، لدرجة أنها غير قادرة على التوصل إلى اتفاق على أساسيات وحتى استراتيجيات للإطاحة بحكومة الرئيس السوري بشار الاسد.

توقعت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; أن الحاجة إلى بناء معارضة موحدة ستكون محور مناقشات مكثفة في الجلسة الافتتاحية لاجتماع quot;أصدقاء سورياquot;. كما أن العمل على تشجيع مظاهر حركة احتجاجية موحدة، وربما تحت مظلة المجلس الوطني السوري، سيكون الموضوع الأبرز في الاجتماع.

الانقسامات في المجلس الوطني السوري، تمنع الحكومات الغربية والعربية من الاعتراف بها كنوع من حكومة في المنفى، كما ان الاجتماع في تونس من غير المرجح أن يغير ذلك، في الوقت الذي تجنّبت فيه روسيا هذا اللقاء تماماً، مصرة على دعمها للأسد.

كانت الانقسامات وأوجه القصور في المجلس الوطني السوري واضحة بشكل كامل في الاسبوع الماضي، عندما عقدت لجنتها التنفيذية التي تتألف من عشرة أعضاء اجتماعاً في فندق فور سيزونز في الدوحة- قطر.

خطوات المجلس كانت بطيئة بشأن معالجة القضايا الحرجة مثل الاعتراف بتحول الانتفاضة السورية من حركة سلمية وغير عنيفة الى عصيان مسلح، وفقاً لدبلوماسيين ومحللين.

بصرف النظر عن تمثيله نحو 70 في المئة من مجموعة واسعة من الجماعات المعارضة، ما زال المجلس الوطني السوري بحاجة إلى التعامل بجدية مع مزج نفسه بتحالفات داخلية مستقلة على نحو متزايد في حمص وغيرها من المدن في مختلف أنحاء سوريا المحاصرة في معركة غير متساوية من أجل البقاء، وفقاً للمحللين الذين يحذرون من أن يتم استبدال موقع المجلس في هذه المناطق.

ونقلت الصحيفة عن الناشطة ريما فليحان التي هربت من سوريا إلى الأردن في أيلول (سبتمبر) الماضي هرباً من الاعتقال، قولها: quot;لقد كانوا في صراع دائم ومستمر، ما أدى إلى تأخير أي خطوة مثمرة وأي عمل حقيقي ينبغي أن تقوم به الثورةquot;.

وأشارت فليحان إلى انها تمثل لجان التنسيق المحلية في سوريا، وهو تحالف من النشطاء على مستوى القاعدة الشعبية، إلى أن استقالت بسبب الإحباط هذا الشهر.

واضافت: quot;انهم يتقاتلون أكثر مما يعملون. والناس يتساءلون لماذا فشلوا في تحقيق أي اعتراف دولي، لماذا لم تصل المساعدات إلى الشعب، لماذا ما زلنا نتعرض للقصف؟quot;

واعتبرت الـ quot;نيويورك تايمزquot; انه حتى بالمقارنة مع ليبيا، حيث الاقتتال الداخلي بين الميليشيات المتنافسة وعدم قدرة المجلس الوطني الانتقالي على ممارسة السلطة، خلق اضطرابات كبيرة بعد نجاح الثورة، تبقى المعارضة السورية منقسمة ومفككة وعاجزة عن تحقيق أي خطوات ملموسة.

وتتخوف الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى من دور الاسلاميين quot;غير المطمئينquot; في سوريا، فالاخوان المسلمون وغيرهم من الجماعات الإسلامية المنظمة تتعرض للقمع في سوريا أكثر مما كانت عليه في مصر. ويخشى بعض الدبلوماسيين أن الإسلاميين في سوريا قد يتمكنون من استلام السلطة في ظل الفوضى، ويفرضون جدول أعمال قد يتعارض مع الأهداف الغربية.

هذا أحد الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة تأمل في أن يتمكن المجلس الوطني السوري من التغلب على الانقسامات وأوجه القصور التي يعانيها.

وأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري رودهام كلينتون، في مؤتمر صحافي في لندن، ان الولايات المتحدة تحركت خطوة أقرب إلى الاعتراف بالمجلس الوطني السوري.

واضافت quot;سوف يكون للمجلس مقعد على الطاولة بوصفه ممثلاً للشعب السوري. نعتقد انه من المهم ان يحظى السوريون بتمثيل، كما ان هناك إجماعا من قبل جامعة الدول العربية وجميع الدول الأخرى التي تعمل وتخطط لهذا المؤتمر هو أن المجلس الوطني السوري هو ممثل ذو مصداقية للمعارضة السوريةquot;.

من جهته، يعتبر المجلس الوطني السوري ان انقسام المعارضة نتيجة طبيعية لمحاولة تشكيل تنظيم شامل متنوع واسع من مجتمع معقد لم يعرف في حياته سوى القهر.

يؤكد المجتمعون في فندق quot;فور سيزونزquot; في الدوحة أنه تم إحراز تقدم بين مجموعة من الناس الذين كانوا غرباء كلياً عن بعضهم البعض، عندما اجتمعوا للمرة الأولى في اسطنبول في ايلول، معتبرين ان الانتقادات حول طبيعة المجلس quot;غير التمثيليةquot; هي في الغالب حملة تضليل من قبل حكومة الأسد.

يقول برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري في مقابلة قصيرة خارج اجتماع للجنة التنفيذية في الاسبوع الماضي: quot;هذه مشكلة مصطنعة. بعض الناس المستقلين لا يريدون الانضمام الى المجلس الوطني، لكن ليس هناك قوة معارضة قوية من خارج المجلس الوطنيquot;.

وأضاف أن عدم وجود المال هو المشكلة الأكثر حدة للمجلس، فعلى الرغم من أن الحكومة القطرية تكفلت بتكاليف اجتماع الدوحة وحجوزات سفر الأعضاء، لا يحظى المجلس بأي دعم مالي كبير من الحكومات العربية أو الغربية، على الرغم من الوعود المتكررة، ولذلك يجب أن يعتمد المجلس على المنفيين السوريين الأغنياء.
وعلى الرغم من ذلك، يأمل المجلس الوطني السوري أن يؤدي اجتماع يوم الجمعة في تونس إلى تغيير هذا الواقع.

إضافة إلى هذه العراقيل، يبدو أن المجلس لا يتوافق مع أعضاء في ائتلافات المعارضة الأخرى، من ضمنها هيئة التنسيق الوطنية في سوريا، التي تتخذ عموماً موقفاً أكثر ليونة بشأن السماح للأسد برعاية الانتقال السياسي.

حتى جهود المجلس الدبلوماسية في هذا الإطار لا تزال مضطربة. فيقول دبلوماسيون ومحللون انه يتعين على المجلس تعيين مبعوث رسمي في واشنطن، إضافة إلى الصراع داخل المجموعات السورية المعارضة حول زيادة التنسيق مع المعارضة المسلحة على نحو متزايد، فيما يؤكد المجلس انه يؤيد استخدام الأسلحة للدفاع عن النفس.