يحذر محللون من أنّ سقوط نظام الرئيس المالي المخلوع، ستكون له تداعيات خطيرة على الجزائر، ويقرأ خبراء تحدثوا لـ(إيلاف) اضطرابات الأزواد وحراك الطوارق للانفصال، إلى جانب انقسام الجيش المالي واستثمار القاعدة الفوضى المستشرية، على أنّها مضرّة بأمن الجزائر.

الفوضى في مالي ستنعكس سلباً على أمن الجزائر

الجزائر: يرى د. أحمد عظيمي، أستاذ العلوم السياسية، أنّ تداعيات ما يحدث في مالي quot;كبيرة جداً وخطيرة جداًquot;، بحكم نزوح عشرات الآلاف من الماليين، إلى جانب أنّ استمرار ضبابية الأمور وعدم استقرار دولة جارة بوزن مالي، يؤثر على أمن الجزائر مع تحوّل الشريط الحدودي إلى معبر للكثير من الاسلحة والمخدرات وتموقعها كمسرح لكل أنواع الممارسات غير القانونية.

يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر إلى أنّ حساسية الموقف تتضاعف مع وجود صراعين، الأول يتعلق بالقبضة الحديدية بين قبائل الأزواد والسلطة المحلية في مالي، والثاني استمرار التناحر بين وحدات عسكرية انقلابية وأخرى وفية للرئيس المُطاح به، ما يجعل الوضع في مالي انفجارياً ومرشحاً لكل السيناريوهات، طالما أنّها صارت دولة من دون سلطة.

يركّز محدثنا على أنّ الجزائر باتت لأول مرة مهددة من الجنوب بعدما ظلت مهددة من الشمال،ويبدي د. عظيمي توجساً مما يلّف المرحلة القليلة المقبلة، تبعاً لاحتدام مطالبة قبائل الطوارق بإقامة دولتهم، بالتزامن مع تواصل ما سماه مخطط quot;إعادة تنفيذ خارطة جديدة للمنطقة العربيةquot;، يستدل بكون اعادة تقسيم المنطقة العربية، واضحة عبر كثير من المشاريع والتصريحات لمسؤولين أميركيين، والنوايا تستهدف بحسبه الجزائر التي لا تزال إلى حد اليوم الدولة العربية والأفريقية الاولىمن حيث المساحة والثروات، وتتواجد على رأس البلدان المعنية بخطة تفتيت المنطقة العربية.

يسجل محلل الشأن الاستراتيجي أنّ منطقة الساحل كانت ولا تزال تثير أطماع الغرب للاستيلاء على ثرواتها الضخمة التي تدرك قيمتها جيداً المخابر الفرنسية والأميركية، ويتعلق الأمر بوعاء هائل من الطاقة الشمسية والنفط واليورانيوم وغيرها من المعادن الثمينة جداً.

إلى ذلك، يبرز الخبير quot;إلياس بوكراعquot; احتمال استثمار ما يسمى بـquot;تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلاميquot; في حالة الاضطراب التي تشهدها دولة مالي، ويشدد مختصو الشأن الأمني على أنّ التداعيات ستكون خطيرة في منطقة الساحل بما يهدد أمن الجزائر وجيرانها، لا سيما مع التعفين الحاصل على الحدود الجزائرية الليبية وفوضى السلاح هناك.

لا يستبعد د. بوكراع أن تضاعف القاعدة عمليات الخطف وابتزاز الدول الغربية عن طريق المطالبة بفديات، بالتزامن مع جنوحها إلى تنفيذ هجمات استعراضية، كالهجوم الذي طال مقراً أمنياً في منطقة تمنراست الجنوبية، فضلاً عن هجمات خاطفة متكررة، وقد لا تكتفي بالضرب في محيط منطقة الساحل فحسب، بل تعتمد على تنفيذ عمليات متفرقة خارجها بغرض اقتناص quot;صدى إعلاميquot; لعملياتها، بما قد يحوّل منطقة الساحل إلى quot;معسكر واسع للجهاديينquot;، على منوال النموذج الباكستاني/الأفغاني، وما يتصل بها من محاذير الجريمة العابرة للحدود، وكذلك التهريب بكل أنواعه.

في مقابل تأكيد د. بوكراع، المدير العام بالنيابة للمركز الأفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب، على قدرة الجزائر لتحصين منطقة الساحل الأفريقي ضدّ أي قلاقل رغم هشاشة المنطقة وخطورة التهديدات، يتوقع quot;خالد بن عمرquot; أن توظف قاعدة بلاد المغرب حالة مالي لاستئناف حربها ''على الطريقة الايرلندية'' بشكل يعتمد على طول المدى واللامتناهيات، رغم علمها بأنّ ذلك لن يعينها لا على إنتاج دولة (إسلامية) ولا على احتواء الجماهير التي يتضاعف كرهها لهذه القاعدة التي جعلت من الترويع عنواناً لها.

وكثفت الجزائر خلال العام الأخير من تنسيقها الأمني مع ست دول في منطقة الساحل (مالي وليبيا والنيجر وبوركينا فاسو والتشاد وموريتانيا)، وجرى إطلاق لجنة عمليات مشتركة، في مسعى عبّر عنه الفريق quot;أحمد قايد صالحquot;، رئيس أركان الجيش الجزائري، بكون الظرف الراهن يستدعي التعاون والمساعدة المتبادلة لمكافحة الإرهاب.