الاخوان المسلمون أثناء إعلانترشيح الشاطر لرئاسة الجمهورية

قسّم ترشيح النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر، لانتخابات رئاسة الجمهورية المصرية جماعة الإخوان المسلمين إلى قسمين، وسط أحاديث عن توقعات بعدم قدرة الاخوان على حسم الكرسي لصالحه، خاصة أنهم فقدوا مصداقيتهم جرّاء إخلالهم بالكثير من وعودهم.


القاهرة: جاء ترشيح خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين لانتخابات رئاسة الجمهورية المصرية، ليقلب خريطة الانتخابات، ويقلل من فرص الإسلاميين في الفوز بالمنصب الرفيع، لا سيما أنه قسّم الإخوان أنفسهم إلى قسمين الأول يؤيد الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح النائب الأول السابق للمرشد العام ويضم الشباب، والآخر يؤيد quot;الشاطرquot; ويضم شيوخ الجماعة وقياداتها، وذلك وفقاً لما يراه خبراء وسياسيون.

ويتوقع الخبراء عدم قدرة الإخوان على حسم كرسي الرئاسة لصالح الشاطر، لا سيما أنهم فقدوا مصداقيتهم، بسبب ممارسة الكذب السياسي والمراوغة، حيث تعهدوا عدم ترشيح أو دعم شخصية معينة في الإنتخابات الرئاسية، ثم انقلبوا على تعهداتهم، ورشحوا الشاطر. وأشاروا إلى أن تكرار تجربة الإنتخابات البرلمانية صار صعب المنال. لكنهم لم يستبعدوا أيضاً إبرام صفقة بين المجلس العسكري والإخوان في هذا الصدد.

فقدان المصداقية

ووفقاً للدكتور محمد عبد السلام الخبير السياسي، فإن الإخوان فقدوا الكثير من مصداقيتهم في الشارع، وقال لـquot;إيلافquot; إن المصريين لن يستمعوا إلى حديثهم عن العمل من أجل مصلحة مصر والأمة الإسلامية والعربية، بعدما ثبت أنهم يعملون من أجل مصالحهم فقط، مشيراً إلى أنه من هذا المنطلق فإن الإخوان غير قادرين على إنجاح خيرت الشاطر في الانتخابات الرئاسية، لا سيما في ظل حالة الإنقسام الداخلي حول تأييده، وإعلان الشباب الوقوف بجانب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح.

وتوقع عبد السلام عقد الجماعة تحالفات سياسية مع مختلف القوى السياسية، مقابل تقديم إغراءات سياسية لهم، مشيرا إلى أنها سوف تلجأ للتحالف مع حزب النور السلفي المنقسم على نفسه، بشأن دعم مرشح السلفيين الشيخ حازم أبو اسماعيل، ولفت إلى أن الإخوان سوف يقدمون للسلفيين إغراءات من قبيل المشاركة الواسعة في التشكيل الوزاري المنتظر عندما يتمكنون من ذلك سواء الآن أم مستقبلا، والأمر نفسه سوف يحدث مع حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، وحزب الوفد الليبرالي، وأوضح أن الإخوان سوف يقدمون إغراءات لرجل الشارع من خلال تكثيف تقديم الخدمات المباشرة، مثل توزيع المواد الغذائية أو تخفيض أسعار بعض المنتجات الإستراتيجية، كما حدث في الانتخابات البرلمانية، لكن عبد السلام أشار إلى أن كل هذا لن يجدي نفعاً، لأنهم فقدوا مصداقيتهم. وتواجه الجماعة أزمة حقيقية في الترويج للشاطر أو إقناع المصريين به رئيساً.

حالة من الرعب تخيّم على المرشحين الاسلاميين

وقال عبد السلام إن ترشيح الشاطر بمثابة السيف الذي قسّم المرشحين الإسلاميين، مشيراً إلى أن جميع المرشحين الإسلاميين أصيبوا بالرعب، نظرا لتفتيت الأصوات في ما بينهم، ومن أكثر المتضررين المرشح محمد سليم العوا. ولفت إلى أنه بدخول الشاطر حلبة المنافسة يتأزم موقف حازم أبو اسماعيل مرشح السلفيين بشدة، والأمر نفسه مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وهذا يصب في صالح مرشحي الفلول مثل أحمد شفيق الذي يلقى تأييد المجلس العسكري.

ولا يستبعد عبد السلام وجود صفقة بين المجلس العسكري والإخوان بالموافقة على ترشيح الشاطر لتفتيت أصوات الإسلاميين لصالح مرشح توافقي يقف الجانبان وراءه المجلس العسكري والإخوان، لأنهم دائما يبحثون عن مصالحهم وينظرون تحت أقدامهم؛ ولهذا فهي لا تعبأ بحدوث أزمة في حال سقوط الشاطر في الانتخابات الرئاسية، طالما أن مصالحها تتحقق في الحين، والمجلس العسكري يعلم بتفكير الإخوان جيدا وقارئ لتاريخهم.

صعوبة الفوز بالرئاسة

وحسب رؤية النائب طارق سباق، فإن الإخوان لن يستطيعوا تكرار سيناريو نتائج الانتخابات البرلمانية مع الشاطر في الانتخابات الرئاسية، حيث إن البيئة والأجواء مختلفة، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن هناك مطبات سياسية سوف تقف أمام الجماعة، منها وقوف المجلس العسكري ضد نجاح الشاطر، بما أوتي من وسائل قانونية وغير قانونية، وكذلك القوى الليبرالية والثورية والأقباط، والأهم رفض الشارع، وتحديدا الكتلة الصامتة، بسبب فقدان الثقة بالإخوان. ونبّه إلى أن ترشيح الشاطر سوف يصبّ في صالح الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، بعد زيادة تعاطف الناس معه، بسبب غدر الجماعة به، ويصب في صالح المرشحين عمرو موسى وأحمد شفيق، والإعادة لن تخرج عن هؤلاء.

درس قاسٍ

ويتبنى النائب في البرلمان والمرشح للرئاسة أبو العز الحريري نظرية المؤامرة في ما يخص ترشح الشاطر للرئاسة، وقال لـquot;إيلافquot; إن المجلس العسكري والإخوان يقومان بتمثيلية سخيفة ويلعبان بمصير البلاد وفقا لأهوائهم الشخصية، مشيرا إلى أن الشعب هو المتضرر الوحيد مما يفعله الطرفان، ويجزم بوجود صفقة بين العسكر والإخوان وراء ترشيح الشاطر للرئاسة، مفادها تفتيت أصوات المرشحين الإسلاميين، والخروج الآمن للعسكري في حالة وصول الشاطر أو مرشح من المنتمين إلى النظام السابق للحكم.

وتوقع أن يتلقى الإخوان درساً سياسياً قاسياً من قرار نزول الشاطر للانتخابات الرئاسية، لايقاف طموحهم السياسي، وسوف يتكرر سيناريو 1954، عندما وقف الشعب مع جنرالات الثورة ضد طموح الجماعة. كما توقع حصول الشاطر على نتائج مخيبة للإخوان، مشيراً إلى أنه شخصية غير معروفة جماهيريا، والشارع لن يسانده مهما كانت الوسائل التي سيلجأ إليها الإخوان حتى ولو اشتروا الأصوات.

ضعف الموقف

ويرى الدكتور محمد حبيب، وكيل مؤسس حزب النهضة لـquot;إيلافquot; أن ترشيح الشاطر سوف يفتت أصوات الإسلاميين، ويؤدي إلى اشتعال المنافسة بين المرشحين الإسلاميين، وهو ما يضعف موقف الشاطر وأبو الفتوح والعوا وأبو إسماعيل. وأشار إلى أن تراجع جماعة الإخوان المسلمين عن تعهداتها السابقة، وتكرار ذلك سيؤدي إلى إضعاف ثقة المصريين فيها، وإعادة النظر في تأييدها من جانب أطياف عديدة من المجتمع، ما يجعل الكثير من القوى السياسية والشعب تتجه لمرشحين آخرين، خاصة مع تعدد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية منذ الانتخابات البرلمانية التي فاز بها الإخوان المسلمون بالأغلبية، ولم يحققوا أي إنجازات على أرض الواقع، رغم أنهم كانوا يوهمون الشعب بامتلاك عصا سحرية لتغيير الأوضاع.

رفض الإتهامات

فيما يرفض الإخوان جميع النظريات السابقة، مؤكدين أنهم لم يبرموا صفقات مع أية جهة، وأن فرص المرشح بالفوز بالرئاسة قوية جدا،ً وقال النائب الإخواني الدكتور حلمي الجزار لـquot;إيلافquot; إن الإخوان فصيل سياسي يتعامل بمصداقية شديدة مع كل الأحداث، ولا يهمه سوى مصلحة مصر، وأضاف أن الإخوان عندما أعلنوا أنهم لن يرشحوا أحدًا منهم للرئاسة كانوا صادقين في كلامهم، لكن الظروف السياسية تغيرت بشدة، وصارت البلاد في مفترق طرق، وقد يذهب كرسي الرئاسة لشخصية يتم من خلالها إعادة إنتاج النظام السابق من جديد، ما يعد إجهاضاً للثورة، ولفت إلى أن الإخوان كانوا مضطرين لاتخاذ هذا القرار، معتبراً أن الكلام عن وجود صفقة مع المجلس العسكري حول ترشيح الشاطر من قبيل الهذيان السياسي.

لا داعي للقلق

ومن جانبه، قال الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إنه لا داعي للمخاوف التي يثيرها البعض حول ترشيح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، ومحاولات الترويج أن الإخوان يسعون إلى السيطرة على كافة المناصب القيادية في الدولة، لافتا إلى أن هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة، حيث لا يزال حزب الحرية والعدالة والإخوان المسلمين ملتزمين بتطبيق مبدأ المشاركة لا المغالبة الذي يعتبر أحد أهم المحددات التي تنطلق منها حركتهم الاجتماعية والسياسية في كافة المجالات، إضافة إلى أن ترشيح أحد أفراد الإخوان لتولي منصب ما ndash; مهما ارتفع قدره ndash; هو طرح للرأي العام للموافقة عليه، ودعم قرارنا بالترشيح له في مناخ تسوده الحرية والديمقراطية.

وأرجع مرسي ـ في بيان صحافي له ـ الضجة التي أثارها البعض عقب صدور قرار ترشيح الشاطر بأنه تعبير واضح عن إحساس هؤلاء بتميز موقف مرشح الإخوان، وفرصته الكبيرة في الفوز بهذا التكليف، واعترافا بالثقة التي تميز قرارات الحزب والجماعة والتي يعلم الجميع أنها لا تصدر إلا لتحقيق مصالح وطنية مهما كانت الأعباء التي تقع علينا نتيجة التصدي لها.

ولفت مرسي إلى أن قرار الحزب والإخوان بالدفع بمرشح جاء عقب استعراض كافة المتغيرات التي طرأت خلال الأشهر الأخيرة التي كان الجميع يأمل أن تسير الأمور خلالها نحو بناء الدولة الديمقراطية الحديثة، لافتا إلى أن هذا القرار لم يتخذ إلا بعد أن تباطأت حركة التحول الديمقراطي، وظهور أن الأمور تسير عكس ما يتوقعه الجميع؛ بدءا بالعجز الواضح الذي ظهر في أداء الحكومة الحالية، وكذلك الإجراءات التي تعوق المسار الديمقراطي وتساهم في تضييع المكاسب التي حققها الشعب المصري من خلال ثورته.

وأشار مرسي إلى أن تحمل الأغلبية مسؤولية إدارة السلطة التنفيذية يتيح لها تنفيذ البرنامج الذي وضعته للتنمية والنهضة والارتقاء بالوطن، وتحقيق آمال وطموحات الشعب المصري العظيم، معتبراً أن ترشيح المهندس خيرت الشاطر فرصة لتنفيذ المشروع الحضاري لمصر.