القوانين القبلية ما زالت تحكم بعض أجزاء من مصر، لا سيما المناطق النائية، حيث يلتزم المصريون فيتلك المناطق الفقيرة بسيادة القوانين التي تعكس ما يسمّى quot;العدالة القبليةquot;. وتناولت صحيفة quot;لوس أنجلوس تايمزquot; أن شيخ القبيلة هو المسؤول الأول عن تحقيق العدل في قبيلته، وذلك لضمان تحقيق السلام على أرض القبيلة.


القبائل في مصر خارج نطاق سيطرة الدولة

لميس فرحات: أكد الشيخ محمد أبو إسماعيل، وهو شيخ قبيلة في إحدى المناطق النائية في مصر أن الشرطة لا يمكنها التدخل في ما قد ينشب من صراعات بين أفراد أو عائلات داخل القبيلة، موضحاً أن quot;قوانينهم وقواعدهم لا تعني شيئاً بالنسبة إلينا، وهم يعلمون ذلك جيداًquot;.

وأوضح أبو إسماعيل أن القبيلة تلجأ في العادة إلى تطبيق ما يسمّى بـ quot;الغرامةquot; في حال قتلت عائلة من القبيلة شخصاً من عائلة أخرى أو أكثر على خلفية صراع بينهما، لكن في حال الصراعات الكبيرة فلا يتم اللجوء إلى تلك الوسيلة.

أعطى مثالاً على ذلك عندما اضطرت قبيلة الجلايلة إلى دفع مبلغ من المال (15.000 ndash; 17.000 دولار) كغرامة عندما قام سعيد جلال بقتل فرد من عائلة الرشايدة.

من جهة أخرى، نقلت الصحيفة عن عوض الله مهدي، أحد القيادات القبلية، قوله إن quot;طبيعة الصراعات القبلية تختلف جذرياً عن الصراعات التي تشهدها المدن الكبيرة كالقاهرةquot;، موضحاً أن الصراعات السياسية لا وجود لها في القبيلة التي تعاني الفقر والتهميش.

وأضاف مهدي أنه quot;من الجائز جداً أن يقتل أحد الأشخاص لأنه قام بزراعة شجرة في منطقة تابعة لغيره أو للاختلاف على قنوات الريquot;، مشيراً إلى أن العائلات في القبيلة لا تملك الكثير لتتباهى به quot;سوى أن يشعر الإنسان بأنه استطاع أن يأخذ بثأرهquot;.

وأشارت الصحيفة إلى أن الدول النائية بعيدة كل البعد عن الإيقاع السياسي في العاصمة، فالصراع على السلطة السياسية في البلاد بعد الثورة التي أدت إلى خلع الرئيس السابق حسني مبارك، لا معنى لها تقريباً في المحافظات التي تعاني الفقر والأمية، والمعتادة على تقاليد الشرف المتجذرة منذ قرون، والتي شكلت نظاماً موازياً للقانون والدولة.

وأشار مركز القاهرة للدراسات الاجتماعية والجنائية إلى وقوع 10 آلاف جريمة قتل بهدف الثأر في مصر في الفترة من 2000 إلى 2009. كما إن بلدة quot;الحجيراتquot; والقرى الصغيرة المحيطة بها، والتي يبلغ عدد سكانها حوالى 10.000 نسمة، شهدت 200 جريمة قتل أو محاولة قتل في العام 2009، وفقاً لأرقام السلطات.

في هذا السياق، يقول مهدي إن ما يحدث في هذه المنطقة هو quot;سبات عميقquot;، إذ إن الأوضاع تبقى على حالها من دون تغيير، مضيفاً: quot;لا شيء يتحرك إلى الأمام، لا يمكن لأحد العثور على وظيفة. الناس ضاقوا ذرعًا، فعندما يقتل شخص ما يقولون: quot;على الأقل ارتاح من المعاناةquot;.

جريمة القتل التي حدثت بين الجلايلة والرشايدة أدت إلى بلبلة، ووترت العلاقات بين العائلتين. وانقطع التواصل بين أفراد العائلة، الذين انصرفوا إلى جني محاصيلهم خلف ستار من الغضب والحنق.

وأشارت الـ quot;لوس أنجلوس تايمزquot; إلى أن رجال هذه القرية يشعرون باليأس والإحباط، ويبدو مستقبلهم أكثر سوداوية شيئاً فشيئاً، متسائلين عن مصير البلدة. ويقول أحد الرجال: quot;هناك عدد كبير من الناس، ولا يوجد متسع على هذه الأرض، إننا بحاجة إلى نقل الناس على الجانب الآخر من هذا الجبلquot;.