الخليجيون يترقبون فرنسا الجديدة بعد مغادرة ساركوزي

يتابع الخليجيون عن كثب معركة تسلم كرسي الرئاسة الفرنسية الذي بات محسومًا لصالح المرشح الاشتراكي المعتدل فرانسوا هولاند، وهذا الأمر يعكر مزاج الشركاء الخليجيين بسبب المخاوف من تحرك فرنسي يدعو الى ممارسة ضغوط إضافية على التكتل الخليجي لإدخال إصلاحات دستورية تسمح بمشاركة المجتمع المدني في اتخاذ قرارات تتعلق بالمناصب والنفط والسياسة الخارجية.


الرياض: رغم دعم الخليجيين لليمين الفرنسي لأسباب معروفة، إلا أن ساركوزي أدار ظهره للسعودية، الدولة الأكبر تأثيرًا بعد فشل عدد من العقود التجارية التي لم تقرها البيروقراطية السعودية ممثلة بالوزارات المعنية بتلك العقود.

ولم يكن ساركوزي أو رئيس الأثرياء كما يلقبه البعض، جيداً بما يكفي لأن يخلف مرشده رئيس فرنسا الأسبق جاك شيراك، في كيفية التعاطي مع ثقافات واقتصادات مختلفة، غير تلك التي وضعها في ذهنيته، إذ اتخذ ساركوزي موقفًا مزاجياً مغايرًا لشيراك الذي تمكن من تقوية الصلات مع العرب وخاصة دول الخليج ومن يدور في فلكها، وحاول ساركوزي ومعاونوه اختراق الحصن الخليجي ونجحوا في توقيع اتفاقية لإقامة قاعدة بحرية فرنسية في الإمارات، وتم عندئذ إرسال قوات بحرية وعتاد عسكري لحماية الامارات من الأطماع الإيرانية.


الاتفاقية كان من أهم ثمارها، فضلاً عن التبادل العسكري، هي المناورات البحرية الإماراتية الفرنسية التي تجري هذه الأيام وتستمر إلى منتصف أيار (مايو) لهذا العام.

وكانت السعودية وفرنسا بحثتا عديد الملفات الاقتصادية المشتركة وخصوصاً في مجالي النقل العام والقطارات والمشاركة في التقنية النووية، إلا أن كثيراً من هذه الملفات تعطلت.

ورغم ذلك، فإن آخر الأرقام ما زالت تضع المملكة الشريك التجاري الثاني لفرنسا في الشرقين الأدنى والأوسط، فيما تحتل المملكة المركز الأول في تمويل فرنسا بالنفط، ويبلغ حجم الصادرات السعودية إلى فرنسا 14.2 مليار ريال، ويتركز معظمها على النفط والبتروكيمائيات، فيما تصدر فرنسا إلى المملكة ما قيمته 6.3 مليارات، معظمها من المواد الاستهلاكية الغذائية والكهربائية والمعدات الطبية والسيارات.

ورغم أن الحديث الآن عن هولاند أو ساركوزي ومنطقة الخليج يسبق لحظة الحسم والحقيقة، إذ مازالت هناك أيام قبل الجولة الثانية للانتخابات، إلا أن تقدم هولاند يبدو واضحاً رغم رضوخ ساركوزي لواقع الحال الذي اضطره لمخاطبة quot;اليمين المتطرفquot;، إذ قال في تصريحات له الاثنين، إن عليهquot;واجب الاستماعquot; إلى أصوات الناخبين من اليمين المتطرف، خصوصاً بعد الأصوات التي حصلت عليها مرشحة quot;الجبهة القوميةquot; اليمينية مارين لوبان، في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد.

لكنّ استطلاعاً أجراه معهد ايبسوس أظهر أن 14% من ناخبي مارين لوبن (الجبهة الوطنية، يمين متطرف)سيصوتون لصالح هولاند، فيما 32% لم يعبروا عن نوايا تصويت، وهو الأمر الذي يعني أن 17 عاماً هي الحد الأعلى لابتعاد اليسار عن الإليزيه.

وأظهرت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات، التي خاضها 10 مرشحين، تقدم هولاند بفارق ضئيل على ساركوزي، ليواصلا معاً السباق الرئاسي في جولته الثانية، بينما خرج بقية المتنافسين من السباق،ولم يتمكن أي مرشحمنالحصول على الأغلبية المطلوبة لحسم المعركة الانتخابية مبكراً.

وبحسب النتائج الأولية للجولة الأولى، فقد حصل المرشح الاشتراكي على 28.4 في المئة من الأصوات، بينما حصل الرئيس الحالي، والذي يسعى إلى الفوز بفترة رئاسية ثانية، على 25.5 في المئة من الأصوات.

أما مرشح أقصى اليسار، جان لوك ميلينشون، فقد نال 11.7 في المئة، بينما حصلت مارين لوبان، مرشحة أقصى اليمين، على 20 في المئة من الأصوات، ونال فرانسوا بايرو من الوسط، 8.5 في المئة.