أثارت خطوة استدعاء السعودية لسفيرها بهدف التشاور، وإغلاق سفارتها في القاهرة، وقنصلياتها في كل من الإسكندرية والسويس نتيجة للمظاهرات والاحتجاجات التي وصفتها بغير المبررة تساؤلات عدة حول مدى الخلاف القائم مع مصر.


لم يتوقع خبراء السياسة ومحللوها أن تلجأ السعودية إلى اغلاق سفارتها

الرياض: لا يمكن استسقاء ما يحويه بيان السعودية في استدعائها لسفيرها في مصر وإغلاق ملحقيتيها في الاسكندرية والسويس؛ سوى أن السعودية أعلنت الغضب.

فالسعودية تجاوزت الصمت والإساءة التي تعرضت لها خارج الأعراف والمفاهيم الدبلوماسية - كما أشار البيان- لتعلن الاستدعاء والاغلاق معا، وهي لغة سعودية قوية لم تلجأ في حلها المزدوج بالاستدعاء والإغلاق حتى ضد نظام بشار الأسد إلا بعد أشهر من الاستدعاء الأولي لسفيرها هناك تبعه إغلاق من الصعب اعادة افتتاحه.

أسئلة عديدة نصل وهجها يخترق غسق المستقبل العربي الغامض، وكذلك مستقبل العلاقة بين السعودية ومصر، وهما القوتان الدبلوماسيتان في منظومة الدول العربية وإقليم الشرق الأوسط المثير، هل هي بداية القطيعة؟ خاصة وأن العقلاء من الشعبين يبررون، والجماهير الكبيرة من البلدين كذلك ترمي باللوم على الآخر.

لم تكن الحملات الشعبية المصرية المثيرة للسعودية جديدة، بل كانت في عطاء، ردا على موقف الرياض منذ الثورة التي لا تزال مصر في إطار ترتيب أوراقها التشريعية والتنفيذية بعد آثارها، فالمصريون يرون الرياض داعمة لبقاء الرئيس المخلوع بأمر شعبه حسني مبارك، بل وأنها هي من أرادت صنع طوق إنقاذها من المحاكمة التي تمر حاليا بمراحلها الأخيرة.

السعودية حتى وإن لم يتوقع خبراء السياسة ومحللوها أن تلجأ إلى أن تغلق سفارتها وملحقيتيها بالجمهورية المصرية quot;الثائرةquot;، لكنها جمعت الصبر ونفثته غضبا في قضية اعتصم المصريون لأجلها كانت هي القشة التي قصمت ظهر quot;الصمتquot; السعودي.

القشة، هو المحامي المصري أحمد الجيزاوي الذي ترى الأوساط المصرية أنه قبض عليه أثناء وصوله إلى مطار الملك عبدالعزيز بجدة لتأدية مناسك العمرة، في انتقام يرونه بعد أن تقدم برفع دعوى ضد السفارة السعودية محتجا على الاعتقالات التعسفية بحق مصريين بالسعودية وفق دعواه. لكن السعودية وعبر سفيرها محمد قطان نفت ذلك، وأعلنت أنه قبض على الجيزاوي بسبب تهريبه أقراصا من حبوب quot;زياركسquot; المخدرة.

لكن بعد كل ذلك، ماذا بعد إغلاق السفارة السعودية في مصر؟

(الاغلاق لن يطول ... والتاريخ شاهد)

المحلل السياسي السعودي عبدالله الطريقي قال في حديث لـquot;إيلافquot; اتسم بالاتزان، أن السعودية ومصر دولتين شقيقيتن quot;إسلاميتينquot; وتتسم علاقتهم بالأخوّة، معتبرا أن الخلاف بينهما quot;صغيراquot; ومن غير الممكن أن يستمعا للغواغئيين من البلدين. ومتوقعا ألا يكون سبب إغلاق السفارة إلا لملابسات أمنية، وأن القطيعة مستحيلة.

وقال الطريقي الذي رأى أن إغلاق السفارة السعودية لن يطول، قال ردا على تساؤل عن إمكانية أن ينتهج المجلس العسكري مصري ذات الاتجاه ويغلق السفارة المصرية بالرياض: أنه من المفترض ألا تقوم مصر بذات الفعل وتغلق سفارتها، مستدركا أنه حال حدوث ذلك فـquot;يجب على القادة التحركquot; حتى لا يجعلوا لهذه الأمور الصغيرة مصدر لتوليد الأزمات الكبيرة.

مبينا الطريقي في سياق حديثه أن المشكلة تكمن في التحركات الحزبية والمذهبية التي تسبب الأزمات، مطالبا من العقلاء من quot;علماء الدين وولاة الأمرquot; من كلا البلدين، احتواء الموقف، وأن يتصدى الجميع للتصعيد الصحافي والإعلامي الغير متزن.

خاتما حديثه بنبرة الحسرة بأن المسئول الأول والمستفيدين عن تلك الأحداث هم الغوغائيين والمنتفعين، الذين يحاولون الإصطياد بالماء العكر سواءاً أكانوا حزبياً أو تيارات متطرفة أو بعض الصحفيين اللذين يميلون إلى الإثارة وفق حديثه.

السعيد: قرار المملكة بسحب سفيرها تصعيد غير مقبول

طنطاوي يطالب بـquot;رأب الصدعquot;

من مصر، ذكرت وكالة أنباء الشرق الاوسط الرسمية المصرية أن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي أجرى اتصالات بالسلطات السعودية يوم السبت بشأن ما أسمته بـquot;القرار المفاجيءquot; باستدعاء سفيرها في القاهرة

وقالت الوكالة ان طنطاوي يعمل على quot;رأب الصدعquot; الناتج عن هذا القرار. وتابعت quot;قام المشير بالاتصال بالسلطات السعودية للعمل على احتواء الموقف في ضوء العلاقات الاخوية والتاريخية بين البلدينquot;.

السعيد: تصعيد غير مقبول !

رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب الدكتور محمد السعيد قال أن قرار المملكة العربية السعودية بسحب سفيرها وغلق قنصليتها هو quot;تصعيد غير مقبول وكان لا يجب أن يحدث بين دولتين شقيقتين بحجم مصر والسعوديةquot;.

مشيرا السعيد في حديث له عبر الوفد المصرية إلى أن الأزمة لا يمكن أن تحل بهذا الشكل وبهذا التوتر والتصعيد، وأنه كان يجب أن تدخل أطرافا ذات وزن فى المشكلة بمجرد اندلاعها بدلا من تركها للإعلام الذى وصل بها لهذا الطريق المسدود.

مبينا أن المعلومات غير الكاملة حول هذا الموضوع أدت الى هذه النتيجة، مبينا كذلك أنه كان واجبا على مسؤولين بحجم وزير الطيران ووزير الداخلية ووزير الخارجية بأن يدلوا بمعلومات كاملة حول القضية منذ خروج المواطن احمد الجيزاوى من مصر وحتى اتهامه فى قضية حيازته للاقراص المخدرة، حتى تتبين الأطراف حقيقة الموقف، وكذلك كان يجب حماية السفارة السعودية بقوة أكبر وفق حديثه.