برنامج quot;اكو فد واحدquot; اثار غضب السلطة في العراق

تعرضت قناة السومرية العراقية لانتقادات شديدة على خلفية عرض برنامج كوميدي يعتبر جريئًا قياسًا بالمجتمع العراقي، إذ إنه يتكلم عمّا كان يعتبر من المحرمات quot;كالجنس والكحولquot;. البرنامج لاقى أفضلية لدى الشعب المتعطش الى الضحك والتسلية إلا أنه أثار غضب السلطة.


بيروت: تعرض قناة quot;السومريةquot; العراقية برنامجاً كوميدياً جديداً اعتبر quot;ثورياًquot; وفقاً لمعايير المجتمع العراقي، لتضمنه كوميديا جريئة تتحدث عن الجنس والكحول، وغيرهما من المواضيع التي تعتبر من quot;المحرماتquot; عند الكثيرين.

يقول منتج برنامج quot;أكو فد واحدquot; (كان في واحد) إن فكرة هذا البرنامج الكوميدي هي عبارة عن مجموعة من الرجال يجلسون لشرب القهوة ويلقون مجموعة من النكات لنا.

ويضيف: quot;نحن كأصدقاء، أي مضيفين البرنامج وأفراد الطاقم، نتحدث دائماً عن هذه الأمور، لماذا لا نستطيع السماح للجمهور برؤية هذا الواقع؟ quot;

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; إلى أن البرنامج الترفيهي، الذي يعرض كل يوم أحد، حصد جمهوراً عراقياً قياسياً، وتباع نسخات عديدة من الأقراص الرقمية (دي في دي) المهربة عن الحلقات السابقة من قبل البائعين في أسواق المدينة.

لكن النكات لم ترق كثيراً لأجهزة الرقابة الحكومية والجماعات الدينية، فالعرض الذي توقف لأيام عدة، عاد ليستأنف تسجيل حلقاته بعد فترة انقطاع على خلفية تقديم الشكاوى من قبل لجنة وسائل الاعلام الحكومية، لا سيما بعد أن نظمت مجموعة دينية احتجاجاً خارج الاستوديو. وأعيد بث البرنامج على التلفزيون العراقي، بعد إلغاء فقرة تتضمن منسقة أغاني (دي جي) كانت ترقص في الحلقات السابقة على أنغام الأغنيات التي تقدمها، ما اعتبر إساءة للمجتمع العراقي المحافظ.

واعتبرت الصحيفة أن البرنامج يلقي الضوء على انقسامات عميقة في المجتمع العراقي، لاسيما حول مفاهيم حرية التعبير، مشيرة إلى أن دستور العراق يستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية، جنباً إلى جنب مع ضمانات الحريات الشخصية.

لعب البرنامج على وتر حساس في الشارع العام المتلهف للتسلية والترفيه، متحدياً المعتقدات التقليدية والملل من البرامج السياسية التي تنتجها القنوات التابعة للأحزاب والمسؤولين.

مفهوم البرنامج بسيط: خمسة أو ستة رجال يجلسون على كراس صفراء يحتسون أكواباً من القهوة، ويمزحون مع بعضهم البعض. وغالباً ما تكون النكات سخيفة أو quot;بايخةquot; كما يقول بالعامية، مثل: quot;في إحدى المرات كان الحمار يحاول أن يدخل معه صديقه التمساح إلى حفلة عيد ميلاد فزعم أنه يرتدي سترة من ماركة لاكوستquot;!

وعلى الرغم من أن هذه النكات تقليدية ولا تخدش الحياء العام، إلا أن مضيفي البرنامج يتحدثون أحياناً عن المواضيع التي كانت محرمة تماماً على شاشة التلفزيون المحلي، مثل الاشباع الجنسي، والزنى والسكر، ودورات النساء الشهرية.

ونقلت الصحيفة عن وليد منعم، أحد مضيفي البرنامج، الذي يوصف بضحكته العريضة وحيويته التي تشكل مركزاً لجاذبية البرنامج قوله: quot;البرنامج يمثل تحدياً لبعض الأفكار والتقاليد الاجتماعية، ولهذا نحصل على الكثير من الاهتمامquot;.

من جهته، يقول ياسر سامي، مضيف آخر في البرنامج، إن الحديث عن الجنس وquot;التابوهاتquot; الأخرى يتطلب مهارة لغوية وقدرة على اللعب على الكلام، مضيفاً quot;كنا خائفين في البدايةquot;.

أراد سامي ورفاقه إعداد البرنامج لمعرفة إلى أي مدى يمكنهم دفع الحدود المقبولة في التلفزيون، وحرصوا على الابتعاد عن السياسة والدين، لأنها من المواضيع التي قد يؤدي الخطأ فيها إلى مقتل متحدثها.

quot;لذلك استقرينا على المواضيع الجنسيةquot;، يقول سامي، لكنه يشدد quot;نحاول أن نقول الأشياء بطريقة غير مباشرةquot;.

وعلى الرغم من ذلك، سعت الحكومة إلىاغلاق البرنامج، ونددت لجنة الاتصالات والإعلام، مؤخراً بعرض هذا البرنامج لأنه quot;يحتوي على النكات العدوانية، الوقحة وغير الأخلاقيةquot;.

من جهتها، وافقت قناة quot;السومريةquot; على مضض على وقف البرنامج بشكل موقت، إلى حين إعادة بثه ليكون أكثر حذراً في اختيار النكات.

وقال محمد العبيدي، مدير البرنامج، إن quot;لجنة الاعلام هي مجموعة من الجهلة الذين يعملون بعقلية حزب البعثquot;.

ويقول منعم: quot;نعم، نعم، نعم، أنا خائف. لا أستقل سيارات الأجرة إلا إذا كنت أعرف السائق، ولا أذهب إلى المطاعم الشعبية. لقد سمعت شائعات، لكن لم أتلق أي تهديدات مباشرةquot;.

عمل السيد منعم وبعض المبدعين الآخرين في المجال الإعلامي في ظل حكومة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ويعتبرون اليوم أنهم ينعمون بالحرية الإبداعية الجديدة، لكنهم يعتبرون أنه لا تزال هناك قيود كثيرة على ما يمكن إنتاجه.

ويختم منعم قائلاً: quot;إذا قارنت الوضع قبل العام 2003، ستقول نعم هناك بعض الحرية. لكن إذا قارنت حرية التعبير في العراق مع بقية العالم، فالإجابة تكون لاquot;.