عمال العراق يعانون من البطالة ولا احتفالات بعيد العمال العالمي

لم يعد العمال العراقيون يشعرون ولا يحتفلون بعيد العمال العالمي منذ حوالي تسع سنوات، حيث تفشت البطالة وغابت المعامل عن الخدمة، وخاصة بعد تردي القطاع الخاص. وسجل هذا العام منع الحكومة العراقية للحزب الشيوعي تنظيم أية فعاليات احتفالية بهذا العيد.


بغداد: على الرغم من كونه عطلة رسمية، إلا أن اغلب العراقيين لا يحتفلون بعيد العمال، بل أن الكثيرين لا يعتقدون بوجوده على الأقل خلال السنوات التسع الماضية، ويرى الكثيرون أن العمال منذ أن اصبحوا موظفين اصبحوا في الضيم، مشيرين الى أن واقع العمال لا يسر صديقًا ولا عدوًا فيما البطالة تستبيح الطاقات حيث أغلب المعامل غائبة عن الخدمة وحتى القطاع الخاص الذي كان يحتضن العمال تردت احواله بعد أن اغرقت السوق بالبضائع من مناشئ عالمية لا تعد ولا تحصى !!.


ويؤكد المتابعون للوضع العراقي، أن لا عمال حكوميون في العراق، الا العمال الاهليين الذين يعملون بجهودهم الشخصية ويكون ما يسمى بـ (المسطر) مقر تواجدهم، ويعملون بالاجور اليومية وفي القطاع الخاص، ويقاسي هؤلاء اشد انواع المعاناة كونهم يعملون لدى اشخاص مختلفين وفي مهن شتى ولا تتوفر لهم أبسط ظروف العمل، فضلاً عن كونهم بلا تقاعد ولا ضمان اجتماعي ولا صحي، وهؤلاء اكثر تعرضًا للهجمات الارهابية التي نالت من تجمعاتهم طوال السنوات التسع الماضية، حيث يقول العامل ابرهيم سعد الدين: quot;نحن عمال مساكين ليس لدينا عمل حقيقي، اكلتنا البطالة وذبحنا الجلوس على الأرصفة بانتظار فرصة العمل، في العراق لا يوجد تعيين ولا عمل حكومي وليس أمامنا الا المجيء يوميًا الى (المسطر) والخوف يرافقنا من اجل كسب لقمة العيشquot;.

اما زميله عبد الواحد عرمش، فقال: quot;انا لا اعرف شيئًا عن عيد العمال الذي نسيناه منذ الثمانينيات بعد أن تحول العمال الى موظفين وصار حالهم حال الضيم، كنت في السابق أعمل في القطاع الخاص ومنذ 2003 وأنا اعمل في المسطر بعد أن اصبح القطاع الخاص في خبر كان، وهنا اعمل يوميًا ولا أجد عملاً اسبوعيًا، ومع ذلك نقول الحمد لله تفرج يا عراق !!.

وفيما يحاول الحزب الشيوعي العراقي كل عام الاحتفال على قدر الممكن بالمناسبة، الا أنه هذا العام منع من التظاهر والاحتفال، وهو ما اثار حنق الشيوعيين فأصدروا بيانًا جاء فيه: quot;اعتاد الشيوعيون العراقيون وأصدقاؤهم تنظيم الفعاليات الاحتفالية في المناسبات الوطنية والاممية، ومنها عيد العمال العالمي، الذي يرمز إلى التآخي والتضامن والنضال من اجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وفي سبيل القيم والأهداف الوطنية الساميةquot;.

وأوضح البيان: quot;منذ نيسان 2003 وحتى في أعقد الظروف الأمنية واحلكها، ظل الشيوعيون ينظمون فعالياتهم في مواقع غدت معروفة للجميع ـ وعلى وجه التحديد في ساحتي التحرير والفردوس،ويتحدون فلول الإرهاب والقتلة، وكانت القوات الأمنية تساهم سنة بعد سنة في حماية المتظاهرين، وترافقهم في مسيراتهم، وتعبر عن الارتياح لحسن تنظيمها وللالتزام الحضاري من جانب المشاركين فيها، ولروح التعاون التي تمتاز بها فعاليات الشيوعيين وجماهيرهم. وفي هذا العام، وكما في المرات السابقة، قدم الحزب الشيوعي العراقي طلبًا رسميًا الى الجهات الحكومية الرسمية، للحصول على ترخيص بتنظيم تجمع جماهيري ومسيرة من ساحة الفردوس الى ساحة التحرير، الا أن الرد كان هذه المرة مفاجئًا تمامًا، فبعد مرور ثمانية أيام كاملة من تقديم الطلب، جاء الرد تلفونيًا quot;بالرفضquot; وكانت الحجة التي سيقت تلفونيًا كذلك، أن هناك تعليمات بعدم اجازة التظاهرات في ساحة التحرير، أما ساحة الفردوس ففيها اعمال ترميم وصيانة، وطبيعي أن هذه التبريرات لا تصمد امام المحاججة، لاسيما وأن مظاهرة مرخصة خرجت في ساحة التحرير ذاتها في اليوم نفسهالذي تم فيه ابلاغنا قرار رفض الطلبquot;.

واضاف: quot;أن هذا الموقف يثير استغرابنا الشديد، وهو خارج السياقات التي جرى التعامل وفقًا لها في المرات السابقة. وما يثير استغرابنا اكثر أن يتم تأخير ابلاغنا به كل هذه الايام، وقبل الاول من ايار بأربعة ايام فقط، لذلك لا نستطيع النظر اليه الا بكونه موقفًا مسبقًا مقصودًا، يضاف الى مواقف سابقة عديدة، جرى فيها التضييق على حزبنا ونشاطه، وكان آخرها مداهمة جريدته quot;طريق الشعبquot; قبل شهر تقريبًا، واعتباره مسعى آخر للتضييق على الحريات وحق التعبير عن الرأي المكفولة بموجب الدستورquot;.

وتابع: quot;أن من حق الحزب الشيوعي العراقي، شأن غيره من الاحزاب والقوى الوطنية والديمقراطية، أن ينظم الفعاليات ويقيمالنشاطات التي لا تخل بالقانون وفق ما جاء في الدستور.ومما نفخر به ونعتز، أن احدًا أو جهة، رسمية أو غير رسمية، لم يسجل ضدنا منذ التغيير في 2003 ما يخدش هذا الالتزام العالي من جانب حزبنا بالقوانين والدستور، وهو ما يعرفه الناس جيدًا ويتلمسونه دائمًا، والامر المقلق والمخيب للآمال ايضًا، أن هذا الموقف يندرج ضمن سلسلة مواقف واجراءات مقيدة للحريات، توالت منذ الاحتفال بانتهاء الاحتلال، مشكلة ً توجهاً جليًا للقوى والاجهزة المسؤولة عن الأمن، في الوقت الذي كنَا نتوقع فيه أن يؤدي جلاء القوات الأجنبية إلى توسيع وتوطيد مساحة الحقوق والحريات المكفولة دستورياً. إن هذا الموقف، وأي موقف مماثل قد يأتي لاحقًا، لن يثنينا عن مواصلة طريقنا ndash; طريق الانحياز الى الوطن والمواطن، والتزام قضايا الناس وهمومها وتطلعاتهاquot;.

يقول الكاتب جلال حسن: quot;إن عيد العمال مناسبة عالمية يحتفل بها عمال العالم من اجل تثبيت حقوقهم في الضمان الاجتماعي والصحي وتقليل ساعات العمل والتقاعد واحترامهم في انظمة المعامل والمصانع والورش وفي جميع القطاعات، إن الانظمة في العراق تحايلت على العمال وحولتهم الى مسمى موظفين وضاعت حقوقهم والآن تحول العامل العراقي الى رقم بطال في بيانات وزارة العملوالشؤون الاجتماعية وهي وزارة كسولة لا تملك أي حل للبطالةسوى أن تملأ سجلاتها بالبيان السنوي الكاذبوتضحك على جموع الشبابquot; .

واضاف أن عدم وجود نقابات فعلية للعمال يلغي المناسبة بالكامل ويجعل العامل يجلس على مصطبة البطالة بانتظار من يشغله ليوم واحد فقط .

اما الكاتب علي عبد الزهرة فقال: quot;بعد سقوط النظام السابق سنة 2003 تدهور الوضع المعيشي للعمال بعد أن استفحلت البطالة، واغلقت المصانع القليلة المتبقية وتعطلت المعامل والمؤسسات الصناعية، وشهدنا تلك التحولات الخطيرة بعد أن تم اغراق السوق العراقية بالمنتجات الصناعية والزراعية من مناشئ مختلفة ومن نوعيات رديئة، واعتقد أن الوضع العام للعمال لم يتحسن خاصة أن القانون الرقم 150 الصادر سنة 1987 الذي أصدره النظام الدكتاتوري والقاضي بتحويل العمال إلى موظفين بقي ساري المفعول، كما تم تعطيل العمل النقابي وحجزت أموال الاتحاد العام لنقابات العمال ولا اعتقد أن احدًا قد انتبه الى حال العمال ولا الى كل التفاصيل، ولا اعرف لماذا لا يتم تفعيل القوانين التي فيها مصلحة الوطن والمواطن كتأهيل المعامل والمؤسسات المعطلة، وتفعيل قانون الاستثمار، وحماية المنتوجات الوطنية ودعمها، وإقامة منظومة شاملة للضمان الاجتماعي ضد البطالة والعوز والأضرار الناتجة عن العمل، وضمان تمثيل العمال في مجالس إدارة المشاريع والمؤسسات الاقتصادية، ورفع أجور العاملين في الدولة والقطاع الخاص، ومعالجة وضع العملية السياسية بروح نقدية شاملة، وإقامة دولة وطنية ديمقراطية تتبنى مشروعًا وطنيًا بعيداً عن المحاصصة الطائفية المقيتةquot;.