يحتشد العديد من الأتراك لحضور الاجتماع الأسبوعي للأعضاء المحليين لحركة غولن مساء كل يوم الاثنين في مدينة ديار بكر، جنوب شرق تركيا، لقراءة الكتب والتعليمات. يقف أحدهم ويبدأ بقراءة مقتطفات من أفكار فتح الله غولن، الداعية الإسلامي الكاريزمي الذي سميت الحركة تيمناً به.

الاجتماع ليس مخصصاً لمناقشة الأحوال السياسية، بل يدور حول أحد المبادئ المركزية لفلسفة غولن: خدمة للآخرين. وبمجرد أن تنتهي القراءة، يقدم عدد قليل من الأعضاء مداخلاتهم حول الصعوبات والمكافآت للتعليم والتحديات التي تواجههم في توعية وتنشئة الشباب.

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;تايمquot; مشاهداتها بعد زيارة الحركة المثيرة للجدل، مشيرة إلى أن الكثير من الأتراك ينظرون إلى حركة غولن بعين الشك، فيما يقارنها البعض الآخر بالماسونية والتآمر، كما اتهمتها وزارة الداخلية بأنها حكومة ظل تحاول تدبير استيلاء الاسلاميين على السلطة في تركيا.

الاجتماع في ديار بكر بدأ بطريقة غير متوقعة، فهو ابتعد عن السياسة والدين ليناقش بنداً أساسياً على جدول أعمال الاجتماع: quot;ماذا فعلت لعيد الأم؟quot;

تلاميذ من اتباع حركة غولن

السؤال يأتي من اوزديمير بيلجي، وهو مدرس يترأس هذا الاجتماع، فيجيب الرجال بأنهم قاموا بمساعدة أصدقائهم بتحضير العشاء لمجموعة من السيدات. وقال أحدهم: quot;هن يعدّون الطعام لنا يومياً، لذلك قلنا لهن أن يجلسن ونحن سنقوم بطهي الطعام لهنquot;.

وتولى رجل آخر تنظيم نزهة خارج ديار بكر لمجموعة من الأمهات، لمشاهدة معالم المدينة، بما في ذلك زيارات لمسجد وقاعة القراءة التي يديرها أنصار غولن.

مع استمرار الاجتماع وتقديم تقارير النشاطات، يتولد لدى المراقب انطباع بأن هؤلاء الرجال الذين يقومون بهذه الخدمات، إلى جانب وظائفهم اليومية، بالكاد لديهم الوقت لفعل أي شيء آخر سوى تقيدم الخدمة التي تنص عليها مبادئ غولن.

خلال شهري أيار وحزيران فقط، نظمت المجموعة التي يقودها أوزديمير نحو 12 نشاطاً من جمع التبرعات، تنظيم الرحلات، ومناسبات خيرية أخرى في المناسبات العامة كيوم للممرضات،أسبوع الإعاقة، اليوم الدولي لمكافحة تعاطي المخدرات، وغيرها.

بعد ما يقرب من نصف قرن من الخطاب الحماسي الذي ألقاه فتح الله غولن في أزمير، استطاعت هذه الحركة الدينية أن تستقطب نحو ستة مليون مناصر، لتصبح أكبر حركة دينية في تركيا. ومن المعروف أن أنصار غولن يقومون بتشغيل مئات المدارس والعديد من وسائل الإعلام، بما في ذلك صحيفة quot;زمانquot; الأكثر تداولاً في تركيا، فضلاً عن البنوك، وعدد من المؤسسات والجمعيات الخيرية.

وبصرف النظر عن المساهمات الرمزية للمشاريع الخاصة، فإن العديد من رجال الأعمال المحليين المتعاطفين مع قضية الحركة يتكفلون بالدعم المادي للحركة وتكاليفها في كثير من الأحيان.

ويصر كوادر الحركة على أن المؤسسات التابعة لغولن مستقلة، وتعمل تحت إشراف قليل من القيادة. وتؤكد اجتماعات ديار بكر، على المستوى المحلي، أن الحركة تدير سفينة متوازنة للغاية. فمعظم المحليين ليس لديهم صعوبة في إصدار بيانات حول أنشطة الحركة التعليمية.

في جنوب شرق البلاد ككل، يقوم أتباع غولن بإدارة 57 مدرسة ابتدائية. ويقول علي بهليفان، مدير إحدى المدارس، إن قاعات القراءة التابعة للحركة والتي يبلغ عددها 27 قاعة تقوم بتلبية احتياجات ما يقرب من 4500 طفل.

من جهته، يقول بولنت اينس، القيادي في الحركة، إن الأنصار يتكفلون بتأمين مبلغ 2000 ليرة لطلاب، يتكفل بتغطية سعر الرسوم الدراسية، التي تشمل أكثر من 10 أشهر تحضيرية للجامعة، إضافة إلى تعيين ما يسمى بـ quot;المرشدquot; الذي يعتني بالطلاب ويقم لهم المشورة والنصح.

ويشير اينس إلى أن هذا المعلم quot;يكون بمثابة قدوة للطلاب ويساعدهم على اتخاذ القرارات الصحيحة، فلا أحد منهم يدخن أو يشرب الكحول. كما انه يعلمهم أصول التعامل والمبادئ الحياتية كالبر بالوالدين وحب بلادهم، ومعاملة الآخرين بالحسنىquot;.

ويضيف: quot;في بعض الأحيان، يتحدث أطفالنا مع مرشدهم أو معلمهم بمواضيع يخجلون من مناقشتها مع أهلهمquot;، ويمكن للطلاب الاتصال هاتفياً بمرشديهم في وقت متأخر من الليل ليتحدثوا عن مشاكلهم. انها خدمة على مدار الساعةquot;.