اندلعت احتجاجات مناهضة للنظام السوداني في أنحاء من العاصمة الخرطوم حيث خرج السودانيون الى الشوارع بعد صلاة الجمعة في أوسع التظاهرات انتشارا حتى الان منذ أن اعلن المسؤولون عن إجراءات تقشف قاسية. واتسع نطاق التظاهرات التي دخلت يومها السادس وتجاوزت حدود الطلبة وامتدت إلى عدة أحياء كانت هادئة في السابق.


الخرطوم: غطّى الدخان الأسود مساء الجمعة سماء الخرطوم فيما انتشرت رائحة الغاز المسيل للدموع الذي استخدمته الشرطة السودانية لتفريق التظاهرات التي اتسع نطاقها احتجاجا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وسجلت تظاهرات عدة في انحاء العاصمة وحتى خارجها في اليوم السابع من تعبئة بدأها طلاب جامعة الخرطوم في 16 حزيران/يونيو.

وردد المتظاهرون شعارات رفضت ارتفاع أسعار المواد الغذائية، علما ان هذه الشعارات تحولت في حي في جنوب العاصمة السودانية الى quot;الشعب يريد إسقاط النظامquot; وفق مراسل فرانس برس.

وفي حي الديم، تصاعد الدخان الاسود من الاطارات المشتعلة ورشقت مجموعات من المتظاهرين بالحجارة مئات من عناصر الشرطة الذين ردّوا بإطلاق الغاز المسيل للدموع.

وفي مدينة ام درمان على الضفة الاخرى من نهر النيل، صفق نحو مئتي متظاهر هاتفين quot;حريةquot;، ثم عمد بعضهم الى إحراق الإطارات ورشق الشرطيين بالحجارة فردّوا عليهم ايضا بالغاز المسيل للدموع واستخدموا الهراوات والسياط، وفق مراسل فرانس برس.

متظاهرون سودانيون أضرموا النار في اطارات سيارات في الخرطوم

وقال لطيف جوزف صباغ عضو المكتب السياسي في حزب الامة المعارض لفرانس برس ان quot;الطلاب ليسوا فقطquot; من نزل الى الشارع، مضيفا quot;هذه التظاهرات كانت متوقعة (...) ان الوضع الاقتصادي للسودان سيئ للغايةquot;.

واضاف quot;لا احد يمكنه تحديدquot; النطاق الذي ستتخذه هذه الحركة، لافتا الى ان حزب الامة يحاول التفاوض مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم quot;في محاولة لمعالجة المشاكل وتحسين الوضع في شكل سلميquot;.

وبدأت الاحتجاجات الطلابية على غلاء الاسعار السبت الماضي في جامعة الخرطوم، اكبر الجامعات السودانية، ثم امتدت لجامعات اخرى وذلك احتجاجا على تدهور الوضع الاقتصادي والذي أجبر الحكومة على اجراء خفض كبير في النفقات أدى الى ارتفاع كلفة المعيشة.

واعلن وزير المالية السوداني الاربعاء امام البرلمان السوداني ميزانية جديدة زاد فيها اسعار المحروقات مشيرا الى ان الحكومة سترفع الدعم عن السلع بصورة تدريجية.

ويعاني الاقتصاد السوداني صعوبات منذ انفصال جنوب السودان في تموز/يوليو 2011. حيث اصبح 75% من إنتاج النفط تحت سيطرة الدولة الجديدة ما ادى الى ارتفاع معدلات التضخم حتى وصلت الى 30% وتراجع قيمة العملة السودانية.

وفي سياق آخر، أدانت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير الجمعة شروط الاعتقال في جنوب السودان مشيرة الى ان ثلث المعتقلين محتجزون من دون ادانة او احيانا من دون ملاحقات قانونية، داعية السلطات الى الكفّ عن الاعتقالات التعسفية وإصلاح ظروف السجون quot;الرهيبةquot;.

وقالت المنظمة إن quot;اجراءات غير قانونية واعتقالات غير شرعية وظروف رهيبة في سجون جنوب السودان تؤكد ضرورة عاجلة على تحسين النظام القضائي الحديث العهد في البلد الجديدquot;.

ونددت في هذا الاطار quot;بانتهاك حقوق الانسان والحريات الاساسيةquot;.

وتابعت المنظمة ان حوالى الفي معتقل -- اي ثلث السجناء -- في جنوب السودان quot;لم يدانوا بأي جريمة وبعضهم لم يلاحق لكنهم مع ذلك معتقلون لفترات طويلةquot; في اغلب الاحيان من دون مساعدة محام.

وانتقدت المنظمة اعتقال مختلين عقليا وتكبيل أرجل معتقلين بالسلاسل احيانا والخدمات الصحية غير الكافية، وقالت ان 15 معتقلا توفوا السنة الماضية في اثنين من السجون، معظمهم بأمراض يمكن معالجتها.

واضافت المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان ومقرها في نيويورك ان كمية الماء والغذاء غالبا ما تكون غير كافية.

وحققت هيومن رايتس ووتش خلال عشرة اشهر قبل وبعد استقلال جنوب السودان في التاسع من تموز/يوليو 2011 بعد عقدين من الحرب الاهلية مع الشمال، وتقود البلاد اليوم حركة التمرد السابقة ضد الخرطوم.

وزارت هيومن رايتس ووتش 12 من السجون ال79 في جنوب السودان.

وقالت ان معظم هذه السجون quot;متصدعة او متداعيةquot; وزنزاناتها quot;غير صحية ومكتظة بشكل خطير ومن دون تهويةquot;.

واكدت هيومن رايتس ووتش قبيل ايام قليلة من اول ذكرى لاستقلال البلاد، ان نظاما قضائيا قادرا على العمل امر اساسي quot;من اجل قيام دولة القانونquot; في جنوب السودان.