أثار حديث رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عن النظام الرئاسي ريبة وقلق المعارضة التركية وبعض الكتّاب الكبار،إذ يرى البعض أن اردوغان ينوي جمع كامل الصلاحيات بيده،وهو ما قد يحوله إلى مستبد.


انقرة: فور رجوع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان من الزيارة التي قام بها إلى سلوفانيا أشعل من جديد النقاش في النظام الرئاسي الذي لم يتحدث عنه منذ فترة طويلة، وقال اردوغان في حديثه:quot;لقد قلت فقط أنني أرغب أن تتم مناقشة هذه المسألةquot;.

هناك من علق على هذا بأنها شغف اردوغان بتحقيق أهدافه الخاصة، وهناك من يعتقد أن هذا الموضوع طرح كمحاولة لإيجاد حل للمشاكل التي من الصعب العثور على حل لها، كالمسألة الكردية والأقليات الدينية والعرقية.

من جانب آخر أبدت المعارضة اعتراضها على هذا النظام وعبرت في تصريحاتها للرأي العام عن مدى قلقها من تحويل هذا النظام إلى نظام إملائي ومعارضتها لذلك بشدة، أما الكتاب والصحافيون فأغلبهم دعم هذا النظام واردوغان إلا أن هناك منهم من يعترض على ذلك.

تصريحات اردوغان عن النظام الرئاسي تخيف معارضيه

هل ينوي اردوغان من خلال مناقشة النظام الرئاسي، وهو الذي قام حتى الآن خلال حياته السياسية بتصفية كل من يضع عائقاً في طريقه إبتداءً من الجيش وحتى منافسيه الأخرين، بجمع كل الصلاحيات بيديه ليتمكن بذلك من فتح الطريق للسماح له بالحكم حتى عام 2023 رغم كونه على الساحة السياسية دون منافس؟

في ضوء هذا النقاش أعلنت المحكمة الدستورية عن خبر زاد من حدة النقاشات، فقد كان قرار المحكمة الدستورية في القضية، التي رفعها حزب الشعب الجمهوري على فترة رئاسة عبدالله غول إلى الجمهورية، بأن مدة الرئاسة لغول هي 7 سنوات وأنه بإمكانه الرئاسة لفترة جديدة. الأخبار التي كتبت في الصحف أفادت أن هذا القرار أسعد المقربين من غول، كما أشارت إلى أن أردوغان سيزيد من الضغط على حزبه بشأن النظام الرئاسي.

الخبر الذي نشرته صحيفة quot;وطنquot; المستقلة سلّط الضوء على النظام الرئاسي فقد أفاد الخبر بأنه في حالة رفض حزب العدالة والتنمية للنظام الرئاسي فإن البديل هنا سيكون النظام النصف رئاسي، أما جنكيز تشاندار الكاتب في الصحيفة المستقلة الأخرى راديكال والمعروفة بتوجهها اليساري فقد كتب في مقالته التي تقيّم الوضع الجاري أن النظام الرئاسي هو نظام خاص بالولايات المتحدة التي تختلف في ثقافتها السياسية عن تركيا.

وأضاف أن إمكانية إستخدام هذا النظام لن تولد أي نتائج إلا في حالة إن كان بنية الدولة بنية فيدرالية وذكر فرنسا كمثال على النظام النصف رئاسي. ويرى تشاندار أن اردوغان لن يكتفي برئيس جمهورية ذي صلاحيات رمزية ولن يتوانى عن فعل أي شيء ليصبح رئيساً وخاصة أنه في قمة سيطرته السياسية وصاحب هيبة سياسية عظيمة على الساحة الدولية.

في الحديث الخاص للبروفيسور تورك كايا أتاوف لـquot;إيلافquot; قال إن quot;النظام الرئاسي سيجلب معه نظاماً مشابهاً للملكية التي يتم فيها إدارة شؤون الدولة من قبل شخص واحد، وهذا يزيد من خطورة إجتماع جميع الصلاحيات في يد شخص واحد في البلادquot;. وأضاف أتاوف قائلاً: quot;من الواضح أن قراءة سطحية للكتب التي تتحدث عن البنية السياسية في الولايات المتحدة لن تكون دلالة على فهم نظامها بالمعنى الكامل ومن غير المقنع هنا أن نكون أكيدين من أن تركيا لن تتحمس لنظام الخلافة مرة أخرىquot;.

وأشار أتاوف أن الولايات المتحدة قامت إثر الحرب الأهلية التي إندلعت فيها بالإنتقال من النظام التحالفي إلى النظام الإتحادي وأن المرحلة الإنتقالية لم تكن بشكل لين أو عدم مركزي بل كانت متجهة نحو الوطنية، أما في تركيا فإن النظام الرئاسي سيكون خطوة للتحول إلى نظام إتحادي، وقال أتاوف إن هذا النظام لن يجلب سوى انقسام تركيا.

أما حسن جلال غوزال، وهو كاتب في صحيفة صباح المعروفة بقربها من الحكومة، والذي هو في الوقت نفسه وزير سابق في حكومة طورغوت أوزال في الثمانينات فقد أفاد في تصريح لـquot;إيلافquot; أن الإنتقال إلى النظام الرئاسي أو النصف رئاسي لن يغيّر الكثير في تركيا التي عاشت بتاريخ 12 أيلول 1980 إنقلاباً عسكرياً تم به توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية من خلال إصدار قوانين تتعلق بذلك.

وأضاف أن quot;النظام الفعلي في هذا البلد هو بالفعل نظام نصف رئاسيquot;. وأكد غوزال أن النظام الرئاسي له جوانب سلبية وإيجابية، وقال: quot;إذا تم تطبيق النظام الرئاسي بشكل صحيح فإن ذلك سيمنع عدم الإستقرار الذي تتسبب به الحكومات الائتلافية، وسيؤمن ذلك الديناميكية للبلاد كما سيرفع من مكانتها على الساحة الدولية وسيوسع من صلاحيات الإدارات المحلية لتقدم خدماتها للعامة بطريقة مثلى)، أما الجوانب السلبية فقد قال غوزال: quot;إذا لم يتم تطبيق هذا النظام بالشكل الصحيح فإن ذلك سيتحول إلى نظام فيدرالي يقود إلى إنقسام البلاد. ومن جانب آخر، فإن إجتماع الصلاحيات في يد واحدة سيتسبب في تطبيق نظام إملائي، كما أنه في حالة إستمرار البيروقراطية الصلبة في تركيا من خلال الوزراء التقنيين قد يتسبب ذلك في جعل النظام نظاماً بيروقراطياً بكل معنى الكلمةquot;.