في 1987 طُلب إلى بيل غيتس، باعتباره مؤسس laquo;مايكروسوفتraquo;، تخمين ما سيكون عليه الحال في المستقبل، وتحديدًا خلال 20 سنة. فألقى بدلوه وعاد بتنبؤات صارت حقائق ماثلة بيننا اليوم. لكن المدهش حقًا هو أن هذا نفسه ربما كان مصدر حزن عظيم لهذا الرجل الألمعي.


بيل غيتس يطلق ويندوز 95 قبل 17 عامًا

صلاح أحمد: ما لا يختلف حوله اثنان هو أن بيل غيتس غيّر العالم بكونه العقل المدبّر وراء العملاق التكنولوجي laquo;مايكروسوفتraquo;. لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أنه تنبأ - وصدق - بالمستقبل مرتين.

فقد فعل هذا تحديدًا في كتابه laquo;الطريق أمامناraquo; الذي أصدره في 1995. لكن نظرته المستقبلية الثاقبة تعود إلى أبعد من ذلك، وبالتحديد إلى حوار مطوّل أجرته معه مجلة OMNI laquo;أومنيraquo; العام 1987. ففي ذلك الوقت - الذي يشكّل laquo;عصرًا غابرًاraquo; بحساب الزمن التكنولوجي - تنبأ غيتس بأشياء نعتبرها اليوم معطيات عادية، لكنها كانت في طيات الغيب وقتها.

تبعًا للصحافة البريطانية التي تداولت النبأ، فمن بين ما تنبأ به غيتس (كان وقتها في الثانية والثلاثين من العمر، وبالتالي أصغر ملياردير عصامي في العالم) شاشة LCD (شاشة الكريستال السائل)، وشبكات الفيديو الاجتماعية، والموسوعة الإلكترونية التي ستطيح الموسوعة البريطانية نفسها، والبرمجيات العاملة بالصوت البشري، وحتى الدفع بدون بطاقات مصرفية.

لكن شيئًا واحدًا قد يؤرّق منام غيتس، وهو أن شركته العملاقة لم تكن هي التي أحالت تلك النبوءات حقائق ماثلة بيننا اليوم، وإنما جهات أخرى. فعلى صعيد شبكات الفيديو، كان هذا الفتى الأميركي يتحدث عن laquo;يوتيوبraquo;، وهي ليست ابتداعًا لمايكروسوفت، وإنما تتبع الآن لـlaquo;غوغلraquo;.

الشيء نفسه ينطبق على الموسوعة الإلكترونية (ويكيبيديا)، والبرمجيات الصوتية Siri laquo;سيريraquo; التي تشكل جزءًا من أنظمة تشغيل منافسته الرئيسة laquo;أبلraquo;.

laquo;يوتيوبraquo; من بين ما تنبأ به مؤسس laquo;مايكروسوفتraquo;
laquo;سيريraquo; برمجية الصوت البشري... كانت خيالاً علميًا فقط
تلفزيون أم لوحة؟ نبوءة أخرى صادقة

وكانت المجلة قد طلبت وقتها (1987 عندما كان الإنترنت في أول بداياته) إلى بعض من أسمتهم laquo;أعظم عقول عصرناraquo; تنبؤاتهم بما سيكون عليه المستقبل خلال 20 عامًا. وكان غيتس - بالضرورة - أحدهم. فكان ضمن ما قاله: laquo;اليوم فإن أقصى ما نستطيع عمله، في حال أردت الحديث عن عطلتك على شاطئ البحر هو أن تلتقط صورة فوتوغرافية لتصاحب حديثك. ولكن في خلال عشرين عامًا سيكون بوسعك تصوير شريط فيديو لهذه العطلة، وسيمكنك عرضه على العالم عبر شاشات الكمبيوتر (أي إنه كان يتحدث عن شيء على غرار laquo;يوتيوبraquo;).

وقال أيضًا: laquo;خلال عشرين سنة سيكون لديك أينما أردت في منزلك أو مكتبك (بما في ذلك السقف) أجهزة تلفزيون مسطحة عالية الدقة، بحيث تبدو وكأنها لوحة زيتية أمامك. وسيكون بوسعك أيضًا تخزين صورك وأفلامك وألبوماتك الموسيقية وأغانيك على الكمبيوتر كيفما شئت. وفوق هذا ستستطيع laquo;التحدثraquo; إلى هذه الماكينة. قل لها مثلاً: laquo;أريني لوحة كذا لدافنشيraquo; فتعرضها أمامك استجابة لأمركraquo;.

هكذا مضى غيتس ليتحدث عن laquo;المستقبلraquo; وقتها وكأنه يراه بعينيه، فلا غرو في أن نوع النظر الثاقب الذي يتمتع به هو الذي ولّد مايكروسوفت ومساهمتها التي لا يُجادل حولها في تغيير العالم.

لكن ما يدهش أيضًا هو أن مايكروسوفت نفسها - ومن ورائها شخص كهذا - لم تصبح هي الرائدة في السواد الأعظم مما تنبأ به. فبعد نظام التشغيل Windows XP laquo;ويندوز إكس بيraquo; في 2001 (وعدا مشغّل الألعاب XBox laquo;إكس بوكسraquo; وربما الجانب التجاري من العمليات) فقد توقفت هذه الشركة تقريبًا عن نوع الإبداع الذي نافست فيه مؤسسات تكنولوجية عملاقة أخرى مثل laquo;أبلraquo; وlaquo;غوغلraquo;.

وحتى الكمبيوتر اللوحي laquo;أبل آيبادraquo; الذي صار يحل محل الكمبيوتر ويُقلّد هنا وهناك، ظل حلمًا يراود غيتس قبل أن يخطر على بال إنسان آخر. لكن هذا هو عالم التكنولوجيا الحديثة الذي لا يستطيع إنسان، مهما كان، أن يحتويه كاملاً بين يديه.