بدأ الاسلاميون المسلحون الذين يسيطرون على شمال مالي صباح الاحد مجددًا بتدمير أضرحة اولياء مسلمين في تمبكتو بعدما دمروا امس ثلاثة مواقع مماثلة في هذه المدينة الاثرية.


باماكو: واصل اسلاميو مجموعة انصار الدين، احدى المجموعات المسلحة التي تسيطر على شمال مالي، الاحد تدمير أضرحة الاولياء في مدينة تمبكتو التي ادرجت على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر على الرغم من موجة الاستياء التي اثارتها عمليات التدمير.

وبعد أضرحة سيدي محمد (شمال المدينة) وسيدي مختار (شمال شرق) والفا مويا (شرق) السبت، هاجم عناصر انصار الدين صباح الاحد بالازاميل والمجارف اربعة اضرحة، بينها ضريح الشيخ الكبير، تقع في مدفن دجينغاريبر (جنوب)، بحسب شاهد عيان في المكان.

وقال الشاهد الذي يعمل لوسيلة اعلام محلية إن عشرات من عناصر جماعة انصار الدين حطموا الموقع المبني من الطين على غرار كل ابنية هذه المدينة تقريبًا الواقعة على حدود الصحراء. واضاف أن عددًا من السكان يشاهدون عملية التدمير وهم عاجزون عن القيام بأي شيء.

وتابع الشاهد يقول: quot;الامر موجع، لكن لا يمكننا القيام بأي شيء. المجانين مسلحونquot;.

واكد احد سكان تمبكتو وهو موظف سابق في المجال السياحي لوكالة فرانس برس رافضًا الكشف عن هويته أنه سمع الاسلاميين يتحدثون عن احتمال تدمير مساجد. وقال: quot;صباح هذا اليوم (الاحد)، قال الاسلاميون امامنا أنه اذا كان هناك من اولياء في المساجد، فسيدمرون هذه المساجد ايضًاquot;.

وتعذّر الاتصال بأي مسؤول في انصار الدين للتعليق على هذا الموضوع.

quot;تمبكتو تعد 16 مقبرة وضريحًا كانت من المكونات الاساسية للنظام الديني حيث أنها، حسب المعتقدات الشعبية، كانت حصنًا يحمي المدينة من كل المخاطرquot;.

عن موقع اليونسكو على شبكة الانترنت
وبعد بدء عمليات التدمير السبت، اوضح المتحدث باسم انصار الدين في تمبكتو سندا ولد بوعمامة لوكالة فرانس برس أن المجموعة تتصرف quot;باسم اللهquot; وردًا على قرار اليونيسكو في 28 حزيران/يونيو الذي قضى بادراج تمبكتو على لائحة التراث العالمي المعرض للخطر.

واعتبرت اليونيسكو أن وجود الاسلاميين يعرض للخطر هذه المدينة الاثرية التي تضم ما مجموعه 16 مدفنًا وضريحًا، ويطلق عليها اسم quot;مدينة الـ333 وليًاquot;، في اشارة الى الاولياء المكرمين في تاريخها ويرقدون في اراضيها.

وهذه الاضرحة مع القبور التي تحمل شواهد واشارات أخرى، تمثل مواقع مهمة للصلاة. فالاولياء يعتبرون في تمبكتو بمثابة حماة البلاد. وبحسب خبير مالي متخصص بتاريخ تمبكتو ويتحدر من المدينة، فإنها quot;تمثل اولئك الذين يطلق عليهم في الثقافة الغربية اسم قديسينquot;.

وقال سندا ولد بوعمامة إن انصار الدين ستدمر quot;كل الاضرحة من دون استثناء. (...) كل هذا حرامquot;.

والسبت، اعربت اليونيسكو عن أسفها لهذه quot;المأساة الجديدةquot;. وباعلانها الخميس وضع المدينة على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر على غرار موقع غاو (شمال شرق) التاريخي، حذرت اليونيسكو المجتمع الدولي من المخاطر المحدقة بها.

واعلنت اليساندرا كامينز، رئيسة اليونيسكو في بيان ارسل لفرانس برس، quot;علمنا للتو بالفاجعة الجديدة والاضرار التي لحقت بلا مبرر بضريح سيدي محمود في شمال ماليquot;، داعية كل الاطراف المعنية بالنزاع في تمبكتو الى quot;تحمل مسؤولياتهاquot;.

من جهتها، نددت الحكومة المالية quot;بقيام جماعة انصار الدين بتدمير الاضرحة، ووصفت هذا العمل بـquot;العنف المدمر الذي يرقى الى مرتبة جرائم الحربquot;، كما توعدت بملاحقة المسؤولين عن هذه الاعمال في مالي وفي الخارج.

وجاء في بيان صادر عن حكومة مالي quot;علمت الحكومة باستياء شديد بأن جماعات متطرفة مسلحة هاجمت الاضرحة والمقابر في مدينة تمبكتوquot;.

ودانت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، تدمير الاضرحة في تمبكتو. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في بيان إن quot;فرنسا تدين التدمير المتعمد لاضرحة تعود الى اولياء مسلمين في مدينة تمبكتو من جانب جماعة اسلامية متطرفة تسيطر على هذه المدينة في ماليquot;.

واضاف: quot;ندعو الى انهاء اعمال العنف هذهquot;.

والاحد، دعت وزيرة الثقافة المالية فاطمة توري ديالو المشاركة في اجتماع اليونيسكو السنوي في سان بطرسبورغ (روسيا)، الامم المتحدة quot;الى اتخاذ اجراءات لوقف هذه الجرائم ضد التراث الثقافيquot; لمالي.

من جهته، بدأ وزير الخارجية المالي ساديو لمين سو الاحد زيارة الى الجزائر، الدولة المجاورة، ليبحث الوضع في مالي في العاصمة الجزائرية ومواضيع أخرى.

وطالب المغرب بـquot;تدخل عاجلquot; من الدول الاسلامية والمجتمع الدولي لحماية التراث الثمين لمالي.

وتمبكتو وغاو وكيدال (شمال شرق)، المناطق الثلاث التي تشكل الشمال، تخضع منذ ثلاثة أشهر لسيطرة الاسلاميين ومجموعات مسلحة مختلفة استفادت من الفوضى التي نجمت عن الانقلاب العسكري في باماكو في 22 اذار/مارس.

ويرى الخبير المالي المتحدر من تمبكتو أن انصار الدين وحلفاءها الجهاديين الموجودين في المنطقة quot;يدعون الدفاع عن اسلام هو غير الاسلام المنفتح والمتسامحquot; الذي يطبق في مالي وعمومًا في غرب أفريقيا.

وقال: quot;إنهم يأنفون من كل شيء له علاقة بالماضي، لا يريدون اعمالاً على علاقة بالماضيquot;، مثل ضريح أو متحف. واعرب عن الاسف قائلاً: quot;هناك مكانة كبيرة جدًا عندنا للبحاثة والاولياء. هم لا يأبهون لهذه الامورquot;.

ويعيد تدمير اضرحة تمبكتو الى الاذهان ما اقدمت عليه طالبان مع حلفائها في تنظيم القاعدة من تدمير تماثيل بوذا في باميان المدرجة ايضًا على التراث العالمي في وسط افغانستان في اذار/مارس 2001.

وفي شرق أفريقيا، دمر اسلاميو حركة الشباب الصومالية العديد من أضرحة الصوفيين الذين كان السكان المحليون يتبركون بهم.