تتابع أطراف مهمة من المعارضة السورية بخيبة كبيرة تقاعس المجتمع الدولي عن التدخل العسكري في بلدهم لحماية المدنيين من آلة القتل. والتقطت دعوة باريس لعناصر الجيش السوري إلى الانشقاق عن العسكر النظامي إشارة من القوى العظمى بكونها غير مستعدة حتى اليوم للتعاطي العسكري مع الأزمة السورية مكتفية بدور الموجّه، إلا أن مراقبين يؤكدون أن نهاية نظام الأسد أصبحت وشيكة للعديد من الاعتبارات.


تنتظر المعارضة السورية تحركات عملية من قبل البلدان الغربية لمساعدتها على وقف آلة القتل في بلدها، بما فيها فرنسا، التي دعت قبل أيام عناصر الجيش السوري النظامي إلى الانشقاق، على غرار عملية الفرار التي نفذها طيار بنجاح نحو الأردن طالبًا اللجوء السياسي.

وإن كانت أشادت بالدعوة الفرنسية لأفراد الجيش السوري بالانسحاب الفوري والعاجل من صفوفه، والتي تعتبرها تحفيزًا من باريس للكوادر العسكرية والجنود، لقلب المعادلة الداخلية في اتجاه يخدم التحول السياسي في هذا البلد العربي، فهذه المعارضة تبدو أكثر إلحاحًا على أن تتطور المبادرات الفرنسية وتترك أثرًا على أرض الواقع السوري.

يفهم من ذلك أن جزءًا كبيرًا من المعارضة السورية يتوق اليوم إلى تدخل عسكري من دون المرور من الأمم المتحدة، كما عبّر عن هذا الكثير من الأسماء البارزة في هذه المعارضة حتى quot;لا يكون ما تطرحه باريس مجرد طرح نظري لا يسمن ولا يغني من جوعquot;، على حد قول طلال التركاوي أحد أقطابها في الخارج.

منشقون عن الجيش النظامي السوري

وقال التركاوي في تصريح لـquot;إيلافquot; quot;لو كانت باريس جادة في طرحها لقرنت هذا الدعم بفعل عملي، وهو الدعم الفعلي للجيش الحر إن كان بالسلاح أو بالمال، لكي يطمئن من لديه الرغبة في الانشقاق إلى أنه سيجد من يعتمد عليه لكي يدافع عن نفسه وأهله ومواطنيهquot;، معتبرًا أن quot;الطرح النظري يبقى مجرد تسويق للحكومة الجديدة ليس أكثرquot;.

إلا أن الرئيس السابق للهيئة الوطنية لدعم الثورة السورية، والذي تحدثت إليه إيلاف، بموجب زيارته الأخيرة الى باريس، عبّر عن الترحيب الكبير للمعارضة السورية بانشقاق العسكريين منذ اندلاع الانتفاضة الداخلية، وهي quot;تحضّهم عليهquot;، مشيرًا إلى أنه quot;حصل أخيرًا انشقاق العديد من الرتب الكبيرة، من ضمنها لواء وعمداء، و إن شاء الله ستكون في ازدياد مستمرquot;.

القوى الغربية متخوفة من السيناريو الليبي
في غياب قرار دولي لتدخل عسكري في سوريا كما يتطلع إلى ذلك أهم أقطاب المعارضة السورية، تحاول الأخيرة أن تحصل على دعم عسكري للجيش الحر، الذي يواجه القوات النظامية على الأرض، إلا أن القوى الغربية، وعلى رأسها فرنسا، لا تبدو متحمسة لذلك.

الإعلامي والمراقب للشأن الأوروبي سعد المسعودي يشرح ذلك لـquot;إيلافquot; بكونه راجعًا quot;إلى تخوفات من ذهاب هذا السلاح إلى القاعدة أو الجماعات الدينية المسلحة، التي أصبحت اليوم قوة لا يستهان بها، بعد وصول كميات هائلة من السلاح الليبيquot;.

ويقول الإعلامي العراقي الذي يقيم في باريس في حوار لـquot;إيلافquot; quot;إن الثورة السورية احتفلت قبل أيام على مرور عام على اندلاعها، ولم يكن في بال أي أحد بأن ما يجري في سوريا سيستمر أكثر من ذلك من دون تدخل القوى الكبرى مثل ما فعلت أميركا والغرب على تسليح مقاتليهاquot;.

ويوضح أن quot;دعوة فرنسا بتشجيع من حلفائها أفراد الجيش وقوات الأمن السورية إلى الانشقاق كانت غداة فرار الطيار السوري العقيد حسن الحمادة بطائرته إلى الأردن، حيث طلب اللجوء السياسي، تبعه بعد ذلك سبعة طيارين وبمختلف رتبهم العسكرية، والرقم في تزايد بعدما اطمأن أفراد الجيش السوري إلى مصيرهم إن لجأوا إلى دول الجوارquot;.

فرنسا تراهن على التغيير من الداخل
يعتقد المسعودي أن quot;فرنسا تراهن على التغيير من الداخل وعن طريق التحاق الكثير من أفراد الجيش وقوات الأمن إلى مجاميع الجيش الحر وتشجيع بعض أفراد الجيش بعدم المشاركة في قمع أبناء الثورة إلى حين قيام الانتفاضة الكبرى في عموم الداخل السوري بعد زوال عنصر الخوف من بطش السلطة والشبيحةquot;.

يتابع في المنوال نفسه: quot;ربما كما أشارت بعض التقارير الغربية إلى أن إشارات بتغيير النظام عن طريق انقلاب عسكري تدل على أن الأمر بات قريبًا، وليس مستحيلاً، ولاسيما بعد تراجع الانحياز الروسي الأعمى للنظام السوري، وتوقف مبادرة أنان، والإصلاحات التي وعد بها الرئيس بشار الأسدquot;.

يرى محاورنا أن quot;مؤشرات كبيرة تدل على نهاية قريبة للوضع المأسوّي في سوريا، ولعل لهجة الروس ودعوتهم الأخيرة للنظام السوري إلى تسريع العمل بخطة أنان ومسارعة الأخير ورئيس فريق المراقبين إلى التباكي على الخطة، تدل على أن نهاية النظام أقرب مما يتوقعه، إذ إن الأنظمة الشمولية عادة ما يكون سقوطها سريعًا جدًا وعلى دفعة واحدة، لاسيما بعد التصعيد التركي، ووعيد غول لسوريا الأسد بأن تركيا سترد في الوقت المناسب على خلفية إسقاط النظام السوري لطائرة مقاتلة تركية وتهديد الأخيرة برد حاسمquot;.

ويزيد قائلاً إن هذا quot;ما شجّع قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد على القول إنه يتوقع المزيد من الانشقاقات من الرتب العالية خصوصًا بعد انشقاق العقيد الطيار حسن الحمادة وهروبه إلى الأردن، وعزز ذلك دعوة الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية quot;فاليروquot; إلى المزيد من الانشقاق عن الأمن والجيش السوريينquot;.

يخلص إلى القول إن quot;الانشقاقات في صفوف الجيش النظامي، الذي بدأ يتململ بعد عمليات البطش والقتل ضد أبناء جلدتهم، هي التي ستحسم المعركة، وهذا ما تراهن عليه فرنسا، ومن معها في الاتحاد الأوروبي، وكذلك الولايات المتحدةquot;.